خلاف عسكري بين النائب الأول للرئيس السوداني ونائبه في قيادة الجيش الشعبي

يدور في ولاية الوحدة الغنية بالنفط في الجنوب.. ومراقبون يصفونه بالخطير

سودانيات يبعن الخضرة في سوق للخضراوات في مدينة جوبا عاصمة الجنوب (أ.ف.ب)
TT

طفح إلى السطح خلاف عسكري بين النائب الأول للرئيس السوداني رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت ونائبه في قيادة الجيش الشعبي «الجناح العسكري للحركة الشعبية» اللواء باولينو ماتيب، وصفه المراقبون في الخرطوم بالخطير. ويعد خلاف سلفاكير ثاني أكبر خلاف يحدث داخل الحركة الشعبية، منذ توقيعها اتفاق السلام مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ودخولها حكومة شراكة مع حزب الرئيس السوداني عمر البشير، خاصة أن الخلاف بينهما يدور في ولاية الوحدة الغنية بالنفط في الجنوب.

ويتزعم ماتيب إبان حرب الجنوب أكبر ميليشيا موالية للجيش السوداني ضد الحركة الشعبية، وينظر إليه الكثير من المراقبين العسكريين في الخرطوم بأن الحكومة اعتمدت عليه بشكل كبير في حراسة مناطق النفط في الجنوب. ومهد لهذا الخلاف الطافح إلى سطح الأحداث بين سلفاكير ونائبه في الجيش الشعبي صدام وقع الأسبوع الماضي في مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة بين مجموعة تحرس ماتيب وأخرى تحرس حاكم ولاية الوحدة تعبان دينق، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الطرفين والسكان في المدينة، وينتمي الاثنان إلى قومية النوير التي تقطن المنطقة، وتعبر من أكثر المواقع الساخنة إبان حرب الجنوب بين الجيش السوداني والحركة الشعبية. واتهم ماتيب في تصريحات صحافية زعيم الحركة وقائدها في الجيش الشعبي سلفاكير وقيادات أخرى في الحركة الشعبية «بالتخطيط لإضعافه والتحريض لضرب قواته» وقال إن الاشتباكات المسلحة الأخيرة بين حراسه وقوات تابعة لحاكم ولاية الوحدة، تعبان دينق، مطلع أكتوبر (تشرين الأول الحالي في بانتيو يعتبر جزءا من «المخطط». وفي مذكرة وجهها إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة، قال ماتيب إن «سلفاكير ودينق ورئيس هيئة الأركان الجيش الشعبي جيمس هوت هم الذين نسقوا وخططوا لقتل حراسي»، وأضاف أن سلفاكير وهو وتعبان دينق «قدموا الرشاوى لعدد من حراسي للتمرد ضدي»، وأضاف «سلفاكير ورئيس أركانه قتلوا 16 من جنودي بمن فيهم ميجر، الذي أبرز بطاقته الشخصية لحراس حاكم الولاية، وجرحوا 19 آخرين، بالإضافة إلى قتل النساء والأطفال دهسا بالدبابات، قبل أن ينهبوا ويسلبوا منزلي».

وكشف ماتيب عن اعتقال 6 من حراسه في الفترة الماضية في بانتيو، وقال «أنا ليست لدي أي عداوة أو حقد على الجنوبيين أو على سلفاكير، لكنني أريد أن يعلم المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن لدي الآن مشكلة مع الرئيس سلفاكير، يريد من حراسي أن يتمردوا وذلك بتحريض من حاكم ولاية الوحدة». واتهم ماتيب قيادات عسكرية في الجيش الشعبي باستقطاب عدد من قياداته العسكرية ودفعهم للتمرد عليه، وقال إنهم «يسعون بتحريضهم لتجريدي من منصبي خلال تواجدي بأميركا للاستشفاء»، وكان ماتيب أمضى أشهرا طويلة في الولايات المتحدة بغرض العلاج من مرض يعاني منه. وأضاف: «إني أستغرب، رغم أنني نائبه، لم أتحصل على أي تقرير منه، وحتى بعد إصداره قرار التدخل للتحقيق في الحادث» وأضاف قائلا: «أبلغكم جميعا كمجتمع دولي أنني منذ انضمامي لهذه الحكومة ـ الجنوب ـ كل ما وجدته هو التجاهل التام وعدم الاحترام من سلفاكير، ورئيس هيئة الأركان وحاكم الولاية الصغير تعبان دينق، بجانب مجموعة لا أود حتى ذكر أسمائهم في هذه الوثيقة».

وانتمى ماتيب وقواته إلى الجيش الشعبي بعد توقيع اتفاق السلام بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في عام 2005، الذي ألزم الميليشيات التي تتبع الطرفين بتوفيق أوضاعها بين الانضمام إلى الجيش السوداني أو إلى الجيش الشعبي، باعتبار أن الاتفاق لا يعترف بقوات مسلحة في البلاد إلا «الجيش السوداني والجيش الشعبي» وسماهما الجيش القومي. في غضون ذلك، أعلنت الهيئة البرلمانية للحركة الشعبية أنها ستقاطع الدورة البرلمانية اعتبارا من الاثنين المقبل في حالة لم تجد الرد المقنع على مذكرة سلمتها لقيادات البرلمان، تطالب فيها بوضع جدول أعمال لعمل البرلمان في الفترة المقبلة يتضمن القضايا الأساسية حسب المذكرة.

وتطالب الحركة الشعبية بتخصيص الدورة الحالية للبرلمان لتعديل جملة من القوانين من بينها قوانين: الاستفتاء وقانون جهاز الأمن الوطني وقانون ما يعرف بالمشورة الشعبية لمنطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق اللتين تتمتعان بوضع خاص في اتفاق السلام بين الشمال والجنوب.

وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحركة ياسر عرمان، في تصريحات صحافية إن الهيئة سلمت المذكرة التي تحوي كل الملاحظات والسلبيات التي صاحبت عمر البرلمان في الفترة الماضية لقيادات الهيئة التشريعية القومية. وكشف عرمان عن اتصالات ستجريها الكتلة خلال الأسبوع الجاري لذات الشأن، وقال: «اجتمعنا مع كتلة الأحزاب الجنوبية أول من أمس وأقروا موقفنا في القضايا المشارة»، ووجه اتهاما مبطنا لرئيس البرلمان حين قال «تحكم شخص واحد في زمام الأمور في البرلمان».