كبير أدباء إسرائيل يتهم الحكومة والجيش والصحافة بالتآمر لقتل فلسطينيين

88 تلميذا ثانويا يبلغون حكومتهم قرارهم رفض الخدمة العسكرية بجيش احتلال

TT

«ليس الجيش فقط، بل الحكومة من جهة والصحافة من جهة ثانية، يتآمرون معا في حالة قتل فلسطينيين. يستهترون بحياة المرء لكونه فلسطينيا»، بهذه الكلمات تفوه كبير الأدباء الإسرائيليين دافيد غروسمان، أمس، خلال المحاكمة الجارية في القدس ضد جندي من قوات حرس الحدود الإسرائيلية يشتبه بقتله طفلة فلسطينية.

وجاء تدخل غروسمان، الذي كان فقد ابنه في حرب لبنان الأخيرة، بعد أن قررت النيابة إغلاق ملف التحقيق مع أربعة جنود من حرس الحدود الذين داهموا بلدة عناتا في ضواحي القدس وأطلقوا الرصاص المطّاطي تجاه مجموعة فتية، فقتلوا الطفلة عبير باسم عرامين. وادعت النيابة أنه لا توجد أدلة كافية، فقرر والدها باسم عرامين، إدارة معركة قضائية وجماهيرية ضد هذا القرار. وعرامين هو أحد النشطاء في حركة «محاربون من أجل السلام»، التي تضم مقاتلين سابقين في الجيش الإسرائيلي وفي المقامة الفلسطينية، قرروا التوقف عن درب القتال والجنوح نحو السلام. وقال في حينه: «أنا لا أبحث عن الانتقام، بل عن العدالة، فابنتي ليست دجاجة، بل إنسان، ولا يجوز تبرئة قاتليها». وتجند إلى جانبه في هذه المعركة رفاقه اليهود في الحركة وكذلك مجموعة من رجال الدين اليهود أنصار السلام الأعضاء في حركة «يوجد قانون»، وتوجهوا بدعوى إلى محكمة العدل العليا ضد النيابة الإسرائيلية، مطالبين بإصدار أمر يلزم النيابة بالعودة إلى التحقيق ووضع لائحة اتهام ضد المجرمين.

وانضم الأديب غروسمان إلى هذه الدعوى قائلا إن حياة الإنسان الفلسطيني رخيصة بشكل مرعب لدى العساكر الإسرائيليين. ولكن المصيبة هي أن الحكومة تتجند لحماية من يقتل فلسطينيا، وكذلك الصحافة لا تقوم بواجبها في كشف الجريمة، كما تفعل عندما يجري الحديث عن قتل يهودي.

من جهة ثانية، كشف النقاب عن رسالة وقّع عليها 88 تلميذا ثانويا وجهوها إلى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، يبلغانهما فيها أنهم قرروا رفض الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي لأنه جيش احتلال.

وكتبوا في الرسالة أن الجيش الإسرائيلي يقوم بمهمة أساسية اليوم هي الاحتلال. وإسرائيل الدولة التي تعتبر نفسها واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط، تتحول اليوم إلى دولة دكتاتورية ضد الفلسطينيين. والجيش الذي يدّعي أنه جيش أخلاقي، يمارس قمعا وحشيا ضد الفلسطينيين ويخرق القوانين والمواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان والتي كانت إسرائيل قد انضمت إليها والتزمت باحترامها.

وأثارت هذه الرسالة غضبا شديدا في المجتمع الإسرائيلي. وبادرت حركة «بني عكيفا» الشبابية، التابعة للحركات الدينية الصهيونية، إلى حملة تواقيع على رسالة مضادة يقول فيها كاتبوها إنهم يرون أن الجيش الإسرائيلي هو جيش دفاع لا يوجد له مثيل من حيث القيم والأخلاق. ويقولون: «لا شك في أن لدينا أخطاء، ولكن اتهامنا بدوس حقوق الإنسان هو جريمة». ويضيفون: «إذا كان هناك 80 تلميذا يرفضون الخدمة، فنحن 80 ألف تلميذ يريدون الخدمة ومستعدون لأداء أي مهمة تُفرض علينا في هذا الجيش». وتمكنوا من جمع 500 توقيع في غضون ساعات.

وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة الإسرائيلية، التي تُعتبر شرطة مدنية، رفعت من مستوى عملها العسكري في الآونة الأخيرة فأقامت وحدة خاصة من المستعربين للعمل في صفوف المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48). والمستعربون جنود إسرائيليون يهود، يتقنون اللغة العربية الدارجة، ويرتدون ملابس عربية تنكرية، ويندسّون في صفوف المتظاهرين العرب ويهتفون هتافاتهم، وإذا قام أحد العرب بقذف حجارة على القوات الإسرائيلية قذفوا هم أيضا الحجارة، وخلال ذلك يوثّقون الحدث من الداخل، وعند لحظة معينة ينقضّون على نشطاء مركزيين من المتظاهرين ويعتقلونهم.

واستخدم الجيش الإسرائيلي هذا الأسلوب بكثرة في المناطق الفلسطينية المحتلة، كما استخدمته الشرطة في بعض الأحيان، خصوصا في القدس الشرقية المحتلة، التي لم تعد مسؤولية الجيش منذ الإعلان عن ضم القدس الشرقية المحتلة إلى حدود إسرائيل بقانون رسمي. ولكن الشرطة أقامت وحدة دائمة لهذا الغرض مؤخرا بدعوى «تصعيد التطرف في قيادة العرب في إسرائيل».