باريس: اتهام عالم نووي جزائري الأصل بأنه على صلة بالإرهاب

كان يعمل في المركز الأوروبي للأبحاث النووية في جنيف * مراسلاته عبر الإنترنت مع «قاعدة المغرب الإسلامي» كانت تحت الرقابة

TT

أمرت النيابة العامة الفرنسية بإيداع المهندس الفيزيائي الفرنسي ــ الجزائري المسمى عدلان «هاء» في السجن بعد أن وجهت إليه عدة تهم أهمها العلاقة مع «عصابة من أشرار ذات علاقة بمشروعات إرهابية». ومع توجيه القاضي كريستوف تيسيه هذه التهم الرسمية إليه، سيكون لدى لقضاء الفرنسي الوقت الكافي لإجراء تحقيق معمق يمكن أن يدوم عدة أشهر يقدم بعدها هذا المهندس الذي كان يعمل في مركز الأبحاث النووية في جنيف إلى المحاكمة. وكان أُلقي القبض عليه أواخر الأسبوع الماضي مع شقيقه الأصغر منه سنا, وصودرت من منزلهما أجهزة كومبيوتر وأقراص مدمجة ومفاتيح USB. غير أن الأجهزة المختصة أكدت أنه لم يعثر في المنزل المذكور على أسلحة أو مواد متفجرة أو ما له علاقة بأعمال تخريبية. وتم السبت الماضي إخلاء سبيل الشقيق الأصغر إذ لم تجد النيابة العامة أو القاضي تيسيه ما يوجَّه إليه من تهم. ويبلغ عدلان من العمر 32 عاما وهو متخصص في الهندسة النووية». وأفاد مركز البحوث في جنيف أن الموقوف لم يكن في عمله قريبا من مواد نووية يمكن أن تُستخدم في أعمال إرهابية. وبحسب المعلومات المتوافرة في باريس فإن عدلان كان قيد الرقابة منذ ما يزيد على العام بعد أن وردت إلى الأجهزة الفرنسية معلومات من المخابرات الأميركية عن علاقات يقيمها الموقوف مع جماعات إرهابية وتحديدا مع منظمة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي», وهي الجماعة المسلحة للدعوة التي أعلنت قبل عامين التحاقها بالقاعدة, وبايعت زعيمها أسامة بن لادن. ويبدو لأجهزة الشرطة التي تولت متابعة ومراقبة المواطن الجزائري ـ الفرنسي أن الأخير كان على تواصل عبر الإنترنت مع القاعدة في الجزائر. لكن هذه المتابعة لم تفضِ إلى معلومات عن مشروعات إرهابية محددة أو عن بداية التحضير لمثل هذه المشروعات، بل جل ما في الأمر أن بعض الرسائل كانت تتحدث عن أعمال ما. وتتهم الأجهزة الأمنية عدلان برصد مواقع فرنسية، ليست بالضرورة نووية، يمكن أن تكون هدفا لعمليات إرهابية.

وبحسب مصادر أخرى، فإن المتهم الذي كان يستخدم في مراسلاته اسما مستعارا، لمح إلى نياته في أثناء مشاركاته في حوارات على مواقع إسلامية على الإنترنت. وإلى جانب عمله في مركز البحوث النووية في جنيف كان عدلان أستاذا في معهد بوليتكنيك في مدينة لوزان السويسرية. ويصفه أشخاص عرفوه عن قرب بأنه «لامع ولكنه متوحد». وتضيف مصادر قضائية في باريس أن عدلان «اعترف» بما يُنسب إليه بعد أن قدمت له البراهين المادية. وقبل أن يعمل في جنيف ولوزان عمل في مختبر بريطاني قريب من أكسفورد. وكانت عائلة عدلان المتواضعة استقرت في مدينة فيين (منطقة أيبزير جنوب شرقي فرنسا» منذ وصولها من الجزائر. ويوصف عدلان بأنه كان تلميذا متفوقا ومولعا بالمعلوماتية.

واعتُقل المهندس النووي يوم الخميس في فيين بوسط شرق فرنسا برفقة شقيقه (25 عاما) الذي أُفرج عنه أول من أمس دون توجيه اتهام إليه. ويشتبه في أن الشقيق الأكبر كان على اتصال مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبر الإنترنت وكان ينوي ارتكاب اعتداء واحد على الأقل. وقال مصدر قضائي إنه في إطار تحقيق آخر كان يشمل شبكة مفترضة للمجاهدين الذين يرسلون إلى أفغانستان، ضُبطت مراسلات عبر الإنترنت بين الشقيق الأكبر وعضو في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وكان المحققون ركزوا على الشقيق الأكبر وباتوا يملكون عددا من مراسلاته بفضل «مراقبة الإنترنت». ويوم الجمعة أصدر المركز الأوروبي للأبحاث النووية بيانا أوضح فيه أن هذا المهندس «لم يكن على اطلاع على أي عنصر يمكن استخدامه لغايات إرهابية». وأضاف أنه «خبير في الفيزياء يعمل على مشروعات تحليل معلومات فيزيائية في المركز منذ 2003» وأن «أيا من أبحاثه لا ينطوي على تطبيقات عسكرية محتملة». وتحولت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية عام 2007 إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعدما صارت مرتبطة بالقاعدة. وهي تنشط خصوصا في بلدان المغرب العربي وموريتانيا ومالي. ويُشتبه في أن الشقيق الأكبر كان على اتصال مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبر الإنترنت وكان ينوي ارتكاب اعتداء واحد على الأقل. ومباشرة بعد اعتقال المهندس بادرت إدارة المركز الأوروبي للأبحاث النووية (سيرن) في جنيف إلى التوضيح قائلة إنه «لم يشتغل مباشرة في الأماكن حيث يمكنه الحصول على مواد يمكن استخدامها لأغراض إرهابية». ومؤخرا اشتهر مركز «سيرن» للأبحاث النووية الذي يوجد على الحدود السويسرية الفرنسية, بالمختبر الذي يحاول به العلماء إعادة تجربة نشوء الكون.