كلينتون في روسيا.. تعرض تعاونا وثيقا في مجال الدفاع المضاد للصواريخ

واشنطن تؤكد أنها لا تنوي الاستمرار في انتقاد سياسات موسكو تجاه حقوق الإنسان

الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف يتحدث إلى كلينتون خلال اجتماع في بارفيخا خارج موسكو (أ.ف.ب)
TT

دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون من موسكو، الى «تعاون وثيق» مع روسيا في مجال الدفاع المضاد للصواريخ. وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف «نود ان نرى تعاونا وثيقا بين الولايات المتحدة وروسيا حول الدفاع المضاد للصواريخ». وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الشهر الماضي انها تتخلى عن مشروع الدرع الصاروخية المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية، والذي وضعه في تلك الفترة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، ورأت فيه موسكو تهديدا لامنها ولو ان واشنطن اكدت لها انه موجه ضد ايران. وقرر البيت الابيض مقايضة هذا المشروع الذي يرتكز على تهديد اطلاق صواريخ ايرانية طويلة المدى، بنظام يحمي من اطلاق صواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة المدى.

من جانبه، أكد لافروف أن روسيا والولايات المتحدة أحرزتا تقدما مهما في المحادثات بخصوص اتفاق جديد لخفض الاسلحة النووية. وكان أوباما ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف اتفقا في يوليو (تموز) على الخطوط العريضة لاتفاق تمهيدي يحل محل معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية (ستارت 1) التي جرى التوصل اليها عام 1991 ولكن المفاوضين يواجهون مجموعة من القضايا الفنية في المحادثات.

واستبق الجانبان الروسي والاميركي زيارة كلينتون لموسكو بمباحثات موسعة وراء الابواب المغلقة حول تقليص الاسلحة الاستراتيجية واعداد معاهدة الحد من ترسانتي البلدين بديلة لمعاهدة «ستارت-1» التي تنتهي في ديسمبر (كانون اول) من العام الجاري. ورغم تعثر هذه المباحثات بسبب مخاوف الجانب الروسي التي اعرب عنها في اعقاب اعلان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس عن بدائل خطة نشر عناصر الدرع الصاروخية في شرق اوروبا، فإن اجواء التفاؤل صاحبت اليوم الاول من زيارة كلينتون بعد سلسلة من التصريحات التي حرص ممثلو الجانب الاميركي على الإدلاء بها. ومن هذه التصريحات ان واشنطن لا تنوي الاستمرار في انتقاد سياسات موسكو تجاه حقوق الإنسان، وانها تريد ان تقترح عليها المشاركة في بناء منظومة دفاع مشتركة، وهو ما كان الكرملين سبق وطرحه في اطار التعاون في بناء المنظومة المشتركة للدفاع المضاد للصواريخ بديلا لخطة الدرع الصاروخية. وكان وزيرا خارجية البلدين سيرغي لافروف وكلينتون قد تناولا في مباحثات الامس نتائج مشاورات خبراء البلدين التي عقدت في موسكو اول من امس حول تقليص الاسلحة واعداد المعاهدة الجديدة من منظور اصرار الجانب الروسي على الارتباط المتبادل بين الاسلحة الدفاعية والهجومية ذات الطابع الاستراتيجي، وضرورة استيضاح كل تفاصيل الخطة الجديدة التي تطرحها واشنطن بديلا لتراجعها عن نشر الدرع الصاروخي.

وفي المقابل، طرحت كلينتون ضرورة مراعاة الاخطار النووية العدوانية المحتملة من جانب ايران بما في ذلك صناعة الاسلحة الباليستية. ورغم ان مباحثات الامس كشفت عن تباين اولويات الجانبين الا ان الوزيرين حرصا على البحث عن نقاط الالتقاء في اطار الرغبة المشتركة تجاه ضرورة سرعة التوصل الى اتفاق حول تقليص الاسلحة الاستراتيجية واعداد المعاهدة الجديدة، الى جانب اهمية اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لإقناع ايران بقبول مقررات المجتمع الدولي. وقالت المصادر الرسمية ان الجانبين تناولا في مباحثات الامس عددا من القضايا الدولية والاقليمية، ومنها الاوضاع في الشرق الاوسط وافغانستان وباكستان والمسائل المتعلقة بالملف النووي لكوريا الشمالية، فيما كشف لافروف في ختام المباحثات ان موعد مؤتمر موسكو للسلام سيتحدد بعد استئناف المباحثات الفلسطينية الاسرائيلية. وقال بضرورة دعم العملية السلمية التي بدأت في انابوليس واستئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني، مشيرا الى ضرورة ان يثمر ذلك عن اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القادرة على العيش بسلام وامن الى جانب اسرائيل. واضاف ان المفتاح الى ذلك يتمثل في الاتفاق على انهاء الاحتلال وحل قضية الحدود مع امكانية تبادل الاراضي في هذا المجال. ومن المقرر ان تقوم كلينتون بزيارة مدينة قازان عاصمة جمهورية تتارستان في آخر ايام زيارتها لروسيا الاتحادية، للاطلاع على تجربتها الفريدة حول التعايش والتسامح بين الاديان، بحسب ما قالت المصادر الرسمية الروسية. وتثير هذه الزيارة الكثير من الاقاويل، ومنها ما يتردد حول ان قرار اللجنة المنظمة لمهرجان قازان للسينما الاسلامية بالسماح باشتراك فيلم اسرائيلي ضمن برنامج المسابقة الرسمية لأول مرة منذ بداية اعمال المهرجان في 2005 كان اشبه بـ«المقدم» الذي دفعته قازان للحصول على تأييد ممثلي الدوائر اليهودية لتنظيم زيارة كلينتون لتتارستان. فيما نقلت شبكة «نيوز رو» الالكترونية عن امام احد مساجد قازان سعيد جعفر قوله انه سيعرض على وزيرة الخارجية الاميركية اعتناق الاسلام «بهدف تقديم الدعم والعون للاشقاء المسلمين في الولايات المتحدة».