الشيخ صباح الأحمد: مشاريع البرلمان لإسقاط قروض المواطنين لن تمر

التقى مجموعة من المواطنين وأكد على عدم تمرير أي مشروع فيه هدر للمال العام

TT

عاد ملف إسقاط القروض عن المواطنين للتداول مجددا في الكويت، إثر قيام مجموعة من المواطنين بلقاء أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد منتصف الأسبوع، وخروجهم منه بعدة توجيهات نقلوها عبر وسائل الإعلام، أبرزها أن أي قانون سيقدم بهذا الخصوص أو يتعلق بهدر للمال العام لن يمر.

وتواجه الحكومة الكويتية منذ مدة ضغوطا من نواب في البرلمان لإلزامها شراء مديونيات المواطنين وإعادة جدولتها عليهم، بعد إسقاط فوائدها، وهو توجه بدأ قبل عامين من خلال النائب ضيف الله بورمية، الذي قدم مشروعا بقانون يتعلق بهذا الشأن، إلا أنه سقط بعد فشله بالحصول على أغلبية داخل البرلمان، لكنه عاد وشكل جبهة ضغط نيابية بهدف إقرار المشروع، تقدم بموجبها أكثر من نائب بمشاريع قوانين في هذا الشأن عبر اللجان المختصة، وكذلك تحت قبة البرلمان، إلا أنها جميعا لم تحصل على الأصوات اللازمة لتحويلها إلى قوانين نافذة، أو سقطت بعد حل البرلمان.

ويساوم نواب في البرلمان الحكومة الكويتية على إقرار تنازلها عن الديون المستحقة للكويت على العراق كان قد تحصل عليها نظام صدام حسين، خلال حربه مع إيران وحتى غزوه الكويت عام 1990، مقابل إسقاط الحكومة الديون عن المواطنين.

ومن جهتها، دأبت الحكومة الكويتية على رفض المشاريع التي تعتبرها «شعبوية» وتؤدي لاستنزاف المال العام دون مبرر لذلك، ومن بينها إسقاط القروض، حيث أشارت في أكثر من مناسبة إلى أن إجمالي مديونيات المواطنين يتعدى 3 مليارات دينار كويتي (نحو 10.5 مليار دولار أميركي)، كما تعاونت مع البرلمان بإقرار مجموعة من القوانين التي ساهمت في حل المشكلات التي يعاني منها بعض المقترضين، أبرزها تحديد سقف أعلى للسداد لا يتعدى 40 في المائة من إجمالي راتب المقترض، وتأسيس صندوق لمتابعة أحوال المتعسرين بالسداد ومن يواجهون مشكلات ترتبت جراء أخطاء إدارية أو حسابية.

ومن جانبها اعتبرت مجموعة من 26 مواطنا، التقوا أمير البلاد الاثنين الماضي، للدفع بتأسيس حملة وطنية لمواجهة استنزاف وتبديد ثروة البلاد وترشيد استخدامها، ومعظمهم شخصيات عامة وناشطون سياسيون ونواب سابقون، اعتبرت أن «ما يحدث في الكويت اختلالا حادا في التوازن بين الحقوق والواجبات، فهناك من يعتقد أن بمقدوره، ومن حقه، اختراق كل القوانين، وهناك من يسعى إلى الاقتسام الآني للثروة الوطنية بتشريع أو بقرار حكومي، وكل منهما يؤدي لاقتسام ثروة الوطن واستنزافها بكل الوسائل الممكنة، بدلا من بنائه وتطويره وتعميره وازدهاره وبقائه».

وأضافت المجموعة في بيان لها وزع أمس على وسائل الإعلام، أنه «شاع في الكويت وهم أن اقتسام خيرات وموارد البلاد بقوانين وقرارات حكومية هي مشروعات شعبية، والواقع هو العكس، إذ إن مثل تلك السلوكيات من شأنها تعزيز المضاعفات المدمرة لقيم العدالة والمساواة والعمل والإنتاج، ناهيك عن أثرها السلبي البالغ والمباشر على حاضر البلاد ومستقبلها، ومن أجل بناء هذا الوطن ونهضته، لا بد من وقفة جادة للبدء بتصحيح مسار تبديد خيرات وموارد الوطن وتشويه قيمه السامية».

وجاء في البيان أن «انتشال الوطن من وضعه الحالي والمضي به إلى ما نأمله له، لن يتحقق سوى باحترام مبدأ التوازن بين الحقوق الواجبات، ومبدأ السيادة المطلقة للقانون واحترامه التام، فالعلاقة دائما طردية بين التراخي في تطبيق القانون وتفشي الفساد، وهي كذلك طردية بين صلابة تطبيق القانون وبناء الوطن على الوجه المنشود».

ودعت المجموعة «السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكافة مؤسسات المجتمع المدني، والمواطنين العمل على تأمين مستقبل أفضل للجيل الحالي والأجيال القادمة، من خلال المساندة والمساهمة والمشاركة والدعم.

يذكر أن المجموعة التي التقت أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في ديوانه مساء الاثنين الماضي، تضم عبد الله المفرج، صالح الفضالة، مشاري العنجري، جاسم السعدون، محمد الطبطبائي، محمد الدلال، جاسم العـون، فيصـل الخالـد، يوسف الجاسـم، عبد الوهاب الهارون، موسى معرفي، أحمد باقـر، بدر الديحاني، خالد هلال المطيري، نايف الحجرف، نبيل المناعي، على الموسى، إبراهيم القاضي، سامي النصف، خالد المشاري، أحمد العبيد، عبد المحسـن حمادة، عبد الكريم السعيد، أحمد معرفي، محمد الهاجـري، علي الزعبي.

واعتبرت مصادر حضرت اللقاء أن «الجلوس مع صاحب السمو أمير البلاد وهو رأس السلطة، أتى بهدف إيصال وجهة نظر مفادها أن الكويت ليست بقرة حلوب، وأن ما دار هو تلخيص لجهود دامت أكثر من ستة شهور تهدف لتقديم تصور كامل لكيفية استفادة الكويت من الفوائض المالية، وعليه فإن اختزال اللقاء الذي دام ساعتين في مسألة الموقف من إسقاط القروض هو أمر مرفوض، من قبل الطرف المنادي بوجوب إسقاط القروض أو شراء مديونيات المواطنين».

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسألة توظيف الفوائض المالية قرار سيادي لحكومة دولة الكويت، ونحن قدمنا رأيا يتعلق بوجوب أن يتم استثمارها بشكل يعود بالمنفعة على البلاد، خاصة وسط تنامي الحديث عن توجه عالمي لإيجاد موارد للطاقة البديلة، في الوقت الذي يأتي دخل الكويت من النفط بشكل شبه كامل».

وكان سعي المجموعة قد واجه رفضا نيابيا من النواب الدافعين بإسقاط قروض المواطنين من خلال حث الحكومة على شراء المديونيات، إذ رأى النائب ضيف الله بورمية، أن المجموعة تضم أشخاصا «يتباكون على المال العام ويعارضون رفع المعاناة عن المواطنين تحت ذريعة مستقبل الأجيال، ومجموعة الـ26 لا يمثلون الشعب الكويتي، ولا يحملون وكالة عامة منه حتى يتحدثون باسمه، وأن من يمثل الشعب الكويتي هم نواب الأمة المنتخبين، وهم من يشعرون بمعاناة المواطن ويحسون بمشكلاته».

وقال إن «مجموعة الـ26 تريد التقرب من الحكومة على حساب آهات الشعب الكويتي، مستغربا من أن بعضهم يطالب بغض النظر عن ديون العراق التي تبلغ 80 مليار ويتشدد أمام 3 مليارات تخص قروض المواطنين».

إلا أن النائب علي الراشد، اتخذ موقفا مغايرا لزميله حينما وصف التقاء أعضاء المجموعة بأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، بأنه يثبت حرصهم على البلد وخوفهم عليه من الضياع، ونحيي هذه المجموعة الحكيمة، ونبين لهم أن الهجوم عليهم ضريبة كل إصلاحي في هذا البلد».