حزب الله يؤكد أن الصاروخ هو باب حديدي التبس على الإسرائيليين

ناطق باسم بان كي مون لـ«الشرق الأوسط»: لا أحكام قبل نتائج التحقيقات وتقييم «اليونيفيل» أن الأوضاع في الجنوب هادئة

صورة وزعها حزب الله أمس قال إنها تظهر شبانا لبنانيين ينقلون «باب مرآب» منزل أحد مسؤوليها في بلدة طيرفلسيه في جنوب لبنان بعد وقوع الانفجار الغامض فيه (أ.ف.ب)
TT

بعد يوم على نشر إسرائيل لشريط مصور قالت إنه يظهر عناصر من الحزب ينقلون صاروخا من داخل المنزل حيث حصل التفجير في بلدة طير فلسيه بجنوب لبنان، إلى شاحنة، رد حزب الله بنشر شريط مصور آخر، قال إنه للمشهد نفسه، التقط من الأرض، على مقربة من موقع الحدث. وما قالت إسرائيل إنه صاروخ، أكد حزب الله أنه مجرد باب حديدي جرار. ويظهر الشريط الذي بثته قناة «المنار» التابعة للحزب، ليل أول أمس، عناصر من المدنيين وآخرين يرتدون بزات جيش وعنصرين أو ثلاثة من «اليونيفيل» (قوات السلام الدولية العاملة في الجنوب). وعلى الرغم من أن عددا من الصحافيين الذين حضروا إلى موقع الحادث بعد وقوع الانفجار، أكدوا أن حزب الله ضرب طوقا أمنيا حول المكان ولم يسمح لأحد بالدخول إلى المنزل حيث وقع الانفجار إلا بعد مرور ثلاث ساعات على الأقل، فإن الحزب أكد أمس لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني هو الذي ضرب الطوق الأمني حول المكان، وأن أحدا لم يمنع من الدخول. وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «الجيش اللبناني وبوجود (اليونيفيل) وضع يده على الشاحنة التي صورها الجانب الإسرائيلي». وأشار إلى أن شبانا من القرية حضروا إلى المكان وبدؤوا في إخراج الأشياء من داخل المنزل بعد احتراقه، وأضاف: «تبين أن ما ادعى الإسرائيلي أنه صاروخ هو باب كاراج، ومن يدقق بالصور الإسرائيلية وما وجد في الشاحنة، يظهر أن ما وجد في الشاحنة هو نفسه ما جاء في الصور». وكان الجيش اللبناني قد أصدر بيانا مقتضبا أول من أمس حول الحادث، جاء فيه: «ليل الاثنين انفجرت قذيفة في أحد منازل طير فلسيه وأدى ذلك إلى إصابة مواطن بجروح. وعلى الفور ضربت قوى الجيش طوقا حول المكان وباشرت لجنة متخصصة التحقيق في ظروف الحادث». ولم يحدد الجيش ما إذا كان الحادث وقع في منزل «مواطن» كما قال النائب فضل الله لـ«الشرق الأوسط»، أو في منزل أحد أفراد حزب الله. وحاول حزب الله أمس التخفيف من أهمية الحادث الذي فتحت «اليونيفيل» والجيش تحقيقا ثانيا فيه بعد ظهور الشريط الإسرائيلي، علما أنه الحادث الثاني من نوعه خلال ثلاثة أشهر. ووضع الحزب ما قيل عن نقل صواريخ في خانة «حملة إعلامية سياسية مبرمجة معروف من يقف وراءها وهدفها التحريض على حزب الله». وشدد فضل الله على أن الحادث «عرضي»، وقال إن «المعلومات المغلوطة التي نشرت تلقفها العدو الإسرائيلي وبث هذه الصور التي سرعان ما بان أن أحدا كان يحاول من خلالها خداع الأمم المتحدة والرأي العام». وما يبدو أن إسرائيل تريد أن تستعمله كدليل على خرق حزب الله للقرار الدولي 1701 الذي أنهى الحرب عام 2006 بينهما، ومنع وجود مظاهر مسلحة جنوبي نهر الليطاني، أخذه حزب الله على أنه «دليل ملموس على أن إسرائيل تقوم بأعمال تجسسية وتعتدي على سيادة لبنان وتخرق القرار الدولي بشكل يومي» من خلال خرق طائراتها للأجواء اللبنانية.

وتنتظر الأمم المتحدة التقرير الذي سترفعه إليها «اليونيفيل» والجيش اللبناني حول الحادث، قبل مناقشته واتخاذ موقف منه. وقال فرحان حق، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن الأمم المتحدة تنتظر «كل الحقائق قبل أن تصدر الأحكام». وأضاف: «من الواضح أنه إذا أظهر التحقيق وجود ذخيرة أو أسلحة أو مسلحين في جنوب الليطاني، فهذا سيكون خرقا واضحا للقرار 1701. لذلك نحن نحاول أن نتوصل إلى ما إذا كان حصل خرق ما للقرار 1701، ولكن من المؤكد أن المكان الذي وقع فيه الحادث هو تحت إشراف اليونيفيل». وأكد الناطق باسم بان كي مون، أن الأمم المتحدة لم ترسل محققين إضافيين إلى لبنان وأنها تعتمد على التقرير الذي سيقدمه الجيش و«اليونيفيل». وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتبر وجود عناصر من حزب الله علنا في مكان الحادث، خرقا للقرار 1701، قال حق: «عناصر حزب الله أنفسهم لا يشكل وجودهم خرقا للقرار، وما يعتبر خرقا هو الأسلحة غير المصرح بها ونقل الذخائر، ووجود أشخاص مسلحين».

وفيما يتبادل حزب الله وإسرائيل الاتهامات حول خرق القرار 1701، ويدعوان الأمم المتحدة إلى حماية قرارها، يؤكد «حق» أن الأجواء بينهما لا تزال هادئة وليس هناك من أدلة تظهر وجود توتر على جبهة الجنوب، وقال: «اليونيفيل على اتصال بكل الأفرقاء للتأكد من ضبطهم للنفس، ولغاية الآن تقييم اليونيفيل أن الأوضاع هادئة». إلا أنه على الرغم من كل البيانات والتصريحات التي صدرت حول الحادث، لا يزال الغموض يلف ما حصل. فهل كان الانفجار مقصودا أم مجرد حادث أم نتيجة خطأ ما؟ قد يقول البعض إنه مفتعل ومقصود، أو مجرد خطأ تقني، بينما يتحدث آخرون عن خطأ حصل أثناء عمليات تدريب لعناصر من الحزب على أسلحة معينة. وتقول مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أي جهة تريد أن تبحث عن حقيقة ما حصل هناك، لن تقدر على ذلك، لأن حزب الله يتمتع بقدرة على تحييد الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وكان أكد عدد من الصحافيين في الجنوب لم يشاؤوا ذكر أسمائهم، أن حزب الله ضرب طوقا أمنيا حول المكان لحظة وقوع التفجير، ومنع أيّا كان من الدخول طوال 3 أو 4 ساعات. وأضافوا أنه خلال هذا الوقت، كانوا يشاهدون دخول ثم خروج شاحنات وسيارات ومعدات، إضافة إلى سيارة إسعاف. وعلى الرغم من الأخبار الأولية التي تناقلتها وسائل الإعلام التي تحدثت عن 5 قتلى، فإن الحزب والجيش أكدا في النهاية أن حصيلة الحادث كانت جريحا واحدا. ويقول المصدر المطلع إن قوات «اليونيفيل» تدرك أنه لا يمكنها استعمال القوة لتنفيذ مهمتها، لأن ذلك سيوقعها في مشكلات كبيرة، ليس أقلها مع السكان المحليين. ويذكر بما حدث في بلدة خربة سلم قبل بضعة أشهر عندما اعتدى الأهالي على جنود من الكتيبة الفرنسية بالحجارة، عندما حاولوا تفتيش منزل وقع فيه انفجار شبيه بالذي وقع قبل أيام في بلدة طير فلسيه. ويضيف المصدر أن «اليونيفيل» «لا تسعى لتنفيذ مهامها بشكل عنيف، ولا تريد أن تكون موجودة في مناخ عدائي». وينظر حزب الله لقوات «اليونيفيل» على أنها تدعم عمل الجيش اللبناني، بحسب ما أكد النائب فضل الله لـ«الشرق الأوسط»، وقال: «السلطة في منطقة جنوب الليطاني هي للجيش اللبناني، وهو يقوم بكل الإجراءات التي تحفظ أمن المواطنين، وليس هناك من سلطة رسمية أخرى على الأرض سوى سلطة الجيش اللبناني. ودور اليونيفيل مساعدة الجيش لتنفيذ مهامه، بناء على طلب الجيش».