تشكيل الحكومة اللبنانية: عودة الأكثرية إلى التشاؤم

التيار العوني وعد بعدم اقتراح «أسماء مشاكسة» ويؤكد أنه لن يعرقل

TT

قال مصدر متابع لتطورات الموضوع الحكومي اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إن «التصريحات المتشنجة التي أعادت أجواء التشاؤم بشأن تشكيل الحكومة لا تخرج عن حيز التجاذبات المتعلقة بالحصص». وأضاف: «يبدو أن النية تتجه إلى إعطاء وزارة الاتصالات إلى رئيس الجمهورية ليتولاها مستشاره للشؤون الاستراتيجية الدفاعية الدكتور عدنان السيد حسين. والمواقف التي صدرت عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح والوزير الحالي للاتصالات جبران باسيل ترمي إلى تحسين ظروف التفاوض». وأبدى المصدر تفاؤله بإنجاز التشكيلة الحكومية في وقت قريب. واعتبر أن «تصريح باسيل بأن وزارة الاتصالات لا تقبل المقايضة وهي مطلب سياسي، لا تتم قراءته من دون متابعة موقف عون الذي لم يسارع إلى تبني ما قاله صهره عندما أشار إلى أن الاتصالات مطلب مطروح، وأن باسيل لم يطلع على المطالب الأخيرة التي قدمها إلى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مما يفتح الباب أمام استمرار التفاؤل»..

النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» سليم سلهب يكرس أجواء التفاؤل ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا عودة إلى التشبث بحقيبة دون غيرها لدى التكتل. قد تكون وزارة الاتصالات مطلبا لكنها بالتأكيد ليست عقدة. صحيح أن عون تمسك بها عندما جوبه بحملة ضد عودة باسيل إليها. لكن الأمور تغيرت. وفي الاقتراحات التي قدمها عون إلى الحريري اقتراح بأن تبقى وزارة الاتصالات معه. وبعد وصف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لها بأنها هدية مسمومة، جاء الاقتراح ولكن من دون تمسك بها. وقد أعطى عون الحريري عدة تصورات بشأن الحقائب، ولم يقترح تصورا واحدا قائما على شرط الاحتفاظ بالاتصالات، ولكن كان الحوار بشأن الوزارات التي تكون في مستوى الاتصالات. وتم الاتفاق على أن يتصل الحريري بحلفائه وبرئيس مجلس النواب نبيه بري ويستشير رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لتبقى الأمور في إطارها الدستوري، ومن ثم يعود إلى عون ليطلعه على التصور المتعلق بحصة التكتل من الحقائب الوزارية، على أن يسمي التكتل وزراءه». وشدد سلهب على «أن التكتل لن يطرح أسماء مشاكسة، لأننا نريد حكومة متجانسة. لا نريد أن نلعب لعبة المعارضة داخل الحكومة لنعطلها». واعتبر أن «كل ما يجري يجب أن يحفظ دور رئيس الجمهورية وأن يبقى في إطار الدستور». وأشار إلى أن «الإشارات التي أعطيت أمس عن التشاؤم الطارئ لا يوجد ما يبررها. وإذا أعطيت الاتصالات إلى رئيس الجمهورية يكون لدينا مشروع حل». ونفى معرفته بخلفية موقف باسيل ومطالبته بالوزارة على أساس أنها مطلب سياسي. وقال إن «عون ينطلق من رغبته في تأليف الحكومة. والحوار الذي يجري بينه وبين الحريري ليس حوارا مشاكسا. إذا كان توزيع الحقائب منطقيا تزول العقد. لا استعداد لدينا ولا قدرة لدينا لنخرب». إلا أن التفاؤل يقابله خطاب تشاؤمي صادر عن فريق الأكثرية. وأوضح نائب القوات اللبنانية انطوان لـ«الشرق الأوسط» أن «التفاؤل لم يصمد أكثر من يومين، ليردونا إلى المربع الأول ويحذرونا من الإفراط في التفاؤل مع عودة الكلام عن شروط بداية الاتصالات ولم نعد نعرف أين تنتهي». واستغرب «سعي بعض الأقلية لفرض تشكيلته على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف». وقال: «إذا كان كل واحد يريد تشكيل حكومة على مقاسه، ماذا يفعل رئيس الجمهورية والرئيس المكلف؟». وأضاف: «ربما كان رهان الأقلية على أن إشاعة أجواء التفاؤل ستواجه برفض مطلق من الأكثرية لشروطهم بحيث يظن الرأي العام أنهم يسهلون تشكيل الحكومة وأننا نعقده. إلا أن موقف الأكثرية الحريص على مصلحة لبنان أعادهم إلى التصلب، لأن مهمتهم تعقيد الأزمة، فهم لا يريدون حكومة». وقال: «أنا شخصيا فوجئت بعد القمة السعودية ـ السورية، إذ بدت الإشارات واعدة بالخير. وكأن الاتفاق بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية أنجز أو أن الهدنة كرست بين الحوثيين والسلطة اليمنية أو أن تأليف الحكومة بدأ يتجه إلى حلول إيجابية. وسألت حينها عن الأوراق الإيرانية. ذلك أن إيران الذاهبة إلى التفاوض مع العالم على ملفها النووي لا يعقل أن تتخلى عن أوراقها في الشرق الأوسط. مما يعني أن قصتنا طويلة».

وكان رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل قد تحدث عن «عراقيل جديدة تضعها المعارضة في وجه تشكيل الحكومة»، ولفت إلى «نية لديها للتعطيل متسترة وراء المطالبة بحقيبة معينة أو بتوزير شخص». وقال «يعيدوننا دائما إلى نقطة الصفر بعد قطع شوط إلى الأمام. وعلى كل الأطراف الاتعاظ من الماضي وأخذ العبر من نتائج الانتخابات وبناء المواقف على هذا الأساس وليس وضع شروط تعجيزية». وأشار إلى أن الكتائب تطالب بأن «تمثل بما يتلاءم مع حجمها وانتشارها على الأراضي اللبنانية». ونبّه الجميل إلى أن «مرونة عند البعض تظهر في الشكل لا في الأساس وأن الأمور لا تزال على حالها». وقال إن «المشكلة في أن يحسم فريق المعارضة أمره»، وأشار إلى أنه «بعد إعطاء المعارضة تطمينات بأنها ستسهل التأليف عادت ووضعت عراقيل جديدة». واستبعد أن تكون «حقيبة الاتصالات أو الأسماء هي السبب الأساسي في تأخير التشكيل». وأضاف: «هناك رؤية لدى البعض لتأجيل الاستحقاق لأن الأمور غير ناضجة بعد وهي مرتبطة بأمور خارجية إقليمية والبعض يستعمل لبنان ورقة ضغط لتحقيق مشاريعه». كذلك ذكّر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بأن «فريق 8 آذار لا يريد حكومة ولكننا كنا نحاول بعيدا عن انطباعاتنا أن نُماشي الفريق الآخر إلى النهاية». وأضاف «ولكن المشهد التفاؤلي الأخير لهذا الفريق في الأيام الثلاثة الماضية وما رافقه من معطيات كانت مؤشرا واضحا بأن قوى 8 آذار لا تريد حكومة حتى ولو أضاء الرئيس المكلّف سعد الحريري أصابعه، إلا في حالة واحدة: حكومة يُسيطرون عليها بالكامل. وهذا أمر غير وارد وغير معقول وغير ممكن أيضا». وانتقد «توزيع الأدوار ضمن فريق 8 آذار بحيث إذا أرضينا فلانا يغضب آخر إذ ليس هناك مفاوض واحد لهذا الفريق كما هو الحال لدى فريق 14 آذار الذي يمثله الرئيس المكلف». وقال: «الأمر من جديد في أيدي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وعليهما التصرف ولا سيما أن الأمر قد وصل إلى حد المهزلة والمأساة معا».

وسأل جعجع «أين حزب الله وحركة أمل مما يجري؟ فإلى الآن حزب الله على الرغم من طلب الحريري لم يسمِ وزراءه».