المؤتمر الدولي للقضاة في مراكش أخفق في التوصل إلى موقف واضح إزاء التنصت على المكالمات الهاتفية

دورته المقبلة تعقد في السنغال.. وستبحث احترام الحياة الخاصة للأفراد عبر شبكة الإنترنت

TT

أخفق مؤتمر دولي للقضاة، انعقد بمدينة مراكش المغربية، في تحديد موقف واضح حول ما إذا كانت التنصت على المكالمات الهاتفية يعد مسا بالحرية الشخصية للأفراد.

وتم خلال المؤتمر، الذي اختتمت أعماله أمس، استعراض القوانين والنصوص التشريعية في كل بلد، والتوقف عند الحالات التي يكون فيها التقاط تلك المكالمات في ظل القانون، من خلال أخذ إذن النيابة العامة وقاضي التحقيق، لكن من دون أن يكون هناك جواب صريح حول مسألة انتهاك الحريات الشخصية.

إلى ذلك، أجمع المشاركون في أشغال المؤتمر الـ52 للاتحاد العالمي للقضاة، على ضرورة الوعي برسالة القضاء النبيلة، وذلك بما يتجاوب مع حاجة الأفراد إلى قضاء يسوده العدل والمساواة، مع الدعوة إلى الدفاع عن استقلال القضاء والقضاة، وتمتين علاقات التعاون والتواصل بينهم، وذلك بما يضمن تعزيز السلطة القضائية.

وعلى صعيد جدول أعمال الدورة، خاصة تلك المرتبطة بالمحاور المبرمجة، شددت المداخلات على أهمية المحور الخاص باستقلال القضاء، حيث بدا أن استقلال القضاء هو الهم الأكبر الذي يشغل بال الدول المشاركة، بما فيها المتقدمة.

وعلى صعيد المنازعات التجارية، شدد المشاركون على الحاجة إلى إعطاء حلول من الواقع من دون التشبث الحرفي بالقانون، لأن القانون لا يمكن أن يغطي جميع النزاعات التجارية، ما دامت في تطور دائم ومستمر.

وبالنسبة للمحور المتعلق بالشغل، تمت الدعوة إلى حماية الأجير والمقاول في الآن نفسه، بشكل يضمن عدم طغيان العمل النقابي، الشيء الذي يمكن أن يقود المقاول إلى المشاكل. وفي ما يتعلق بسن الأجير، تم التشديد على عدم قبول المأجورين صغار السن في القوانين التعاقدية.

وأبرزت الجلسة الختامية، التي ترأسها خوسي ماريا بينيتو كومباني، رئيس الاتحاد الدولي للقضاة، أن قضاة العالم، بغض النظر عن اختلاف ثقافتهم وديانتهم وأنظمتهم القانونية، يقتسمون التطلعات نفسها الرامية إلى تحقيق العدالة واستقلالية القضاء من أجل ترسيخ المبادئ الديمقراطية.

وتنافست كل من السنغال وكازاخستان على تنظيم الدورة الـ53 للمؤتمر، قبل أن تسحب كازاخستان ترشيحها لصالح الدولة الأفريقية، كما تم اقتراح المحاور التي ستناقش خلال الدورة المقبلة، في العام المقبل، والتي من أبرزها احترام الحياة الخاصة للأفراد عبر شبكة الإنترنت، وتهجير الأفراد، وحماية المعطيات في أماكن العمل.

كما تم قبول عضوية كل من تركيا وأذربيجان وبرمودا في الاتحاد، فيما تم رفض تحويل عضوية كازاخستان من عضوية خاصة إلى عادية.

وقال مصطفى فارس، رئيس الجمعية المغربية للقضاة (الودادية الحسنية) لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر مر في أجواء جيدة، عكست أهمية المواضيع المقترحة، والتي ضمت «استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية»، و«إجراءات معالجة النزاعات التجارية المستعصية»، و«التقاط المكالمات الهاتفية وتأثيرها على الحياة الفردية»، و«التفرقة والتمييز المرتبطين بالشغل».

وشدد فارس على الأهمية التي يكتسبها، بشكل خاص، تناول المحور الأول، حيث إن الجميع ركز حديثه حول استقلال القضاء، مشيرا إلى أن تعريف وتحديد مفهوم الاستقلالية يبقى في حاجة إلى دراسة متواصلة، وإلى ضبط وتحديد.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الدولي للقضاة، الذي أحدث سنة 1953 بالنمسا، هو منظمة دولية مهنية، غير سياسية، تضم 73 جمعية وطنية أو تجمع تمثيلي لقضاة يمثلون القارات الخمس، يهدف إلى حماية وتعزيز استقلال القضاء، باعتباره ضمانة أساسية لحقوق وحريات الأفراد.

ويتكون الاتحاد من أربعة تجمعات جهوية، هي الجمعية الأوروبية للقضاة، والمجموعة الأيبيرية ـ الأميركية، والتجمع الأفريقي، والمجموعة الآسيوية وأميركا الشمالية ومنطقة الأوسيانيك.

وينعقد المؤتمر العالمي للقضاة مرة في السنة بإحدى الدول الأعضاء بالاتحاد، وذلك بقصد تبادل التجارب والخبرات وتدارس المستجد من القوانين المختلفة بين سائر الدول التي ينتمي إليها القضاة المشاركون لتوحيد الرؤى والاجتهاد القضائي بينهم، والاطلاع على تعامل بعض الدول المتقدمة مع المستجد من الأحداث المطروحة على العالم قضائيا، وكذا مناقشة المشاكل التي تعترض سير الجهاز القضائي ببعض الدول تعزيزا لاستقلاله ومؤازرته في سبيل تقوية مكانته الوطنية والدولية.