توقف الموقع الإلكتروني لخامنئي والموقع الرسمي للراديو والتلفزيون الإيراني أثارا الإشاعات في إيران

السفارة الإيرانية في موسكو تنفي * جنتي يحذر الإصلاحيين من مظاهرات جديدة 4 نوفمبر

جنتي خلال صلاة الجمعة أمس (ا.ف.ب)
TT

فيما ما زالت السلطات في إيران صامتة على الرغم من ذيوع تقارير وإشاعات عن دخول المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي في غيبوبة منذ يوم الاثنين الماضي، بل وحتى وفاته وتكتم كبار المسؤولين على النبأ لحين ترتيب أمور الخلافة داخليا، بثت المواقع الإيرانية، وبعضها مرتبط بعدد من رجال الدائرة الضيقة حول خامنئي، أن السبب في ذيوع تلك الإشاعات هو أن المرشد الأعلى لإيران أعاد قبل أيام نشر وصية كان قد كتبها قبل سنوات في الصحف الإيرانية. ووصية خامنئي ليست وصية شخصية، بل وصية سياسية تتضمن مبادئ لحماية النظام من الأعداء الداخليين والخارجيين. كما تتضمن الدعوة للوحدة، وتذكير الإيرانيين بالمبادئ التي وضعها قائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني. ولا تتحدث الوصية عن الخلافة أو خليفة محتمل في حال وفاة خامنئي، وهى القضية التي شغلت الإيرانيين خلال الأيام الماضية، إذ ترددت تقارير عن أن مجتبي خامنئي، ابن خامنئي، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد شكلا محورا للتحضير للخلافة تحسبا لتصويت مجلس الخبراء، الذي له حق انتخاب المرشد الأعلى الجديد، على شخصية قريبة من الإصلاحيين مثل رئيس مجلس الخبراء علي أكبر هاشمي رفسنجاني.

وفيما تتباين الأنباء حول الحالة الصحية للمرشد الأعلى، يعتقد على نطاق واسع أنه تعرض لوعكة صحية خلال الأيام الماضية وأنه أغمي عليه وظل لمدة 3 ساعات في تلك الحالة ولم يسمح لأحد سوى لعدد قليل من أسرته ومعاونيه وأطبائه برؤيته. وعزز تقارير وضعه الصحي أن الموقع الإلكتروني الرسمي لآية الله خامنئي والموقع الرسمي للراديو والتلفزيون الإيراني متوقفان مؤقتا في الوقت الحاضر، ولم يعرف ما إذا كان ذلك مرتبطا بعطل فني أم قرار سياسي.

وعلى الرغم من إغلاق الغالبية الساحقة في الصحف الإصلاحية في إيران، فإن هناك الكثير من المواقع الإلكترونية التي تتبع الإصلاحيين ووكالات الأنباء المستقلة والأخرى التي تتبع للأجهزة الإيرانية. وبحسب ما قال مصدر إيراني لـ«الشرق الأوسط» فإنه من الصعب إخفاء خبر الوفاة إن كان حدث فعلا، لأن المواقع التي تتبع الإصلاحيين كانت ستبثه، وكذلك وكالات الأنباء الداخلية. وقال المصدر الإيراني إن الشيء المؤكد هو أن صحة خامنئي تأثرت بعد أزمة الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) الماضي، موضحا: «هذه كانت أكبر أزمة تمر عليه في السلطة، وإذا أخذنا سنه في الاعتبار وإصابته بالسرطان يمكن تفهم لماذا باتت صحته أضعف خلال الفترة الأخيرة». وتابع: «بعد الأزمة قيل إنه أصبح مكتئبا. وأعتقد أن هذا صحيح، فهذه الأزمة جعلته في خصومة مع الكثيرين من أصدقائه القدامى».

ولم يصدر عن طهران حتى يوم أمس أي رد فعل رسمي على التقارير حول وفاة خامنئي، إلا أن الناطق بلسان السفارة الإيرانية في موسكو قال إن السفارة الإيرانية تنفي بشكل قاطع الشائعات حول وفاة خامنئي، موضحا: «نطلب من وسائل الإعلام تقديم المعلومات الموضوعية الصحيحة فقط». وبثت وسائل الإعلام الروسية أمس، استنادا إلى مصادر غربية، نبأ وفاة خامنئي. وعلق المتحدث للوكالة قائلا: «إن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، وينتظر من الصحف الروسية المشهورة وذات السمعة الطيبة، أن تأخذ بعين الاعتبار الأهداف الشخصية والأنانية لكتاب مثل هذه الأخبار الكاذبة». وكانت السفارة الإيرانية في أرمينيا قد نفت بدورها صحة التقارير، قائلة إنها لا أساس لها من الصحة.

كما فند موقع «تابناك» الإخباري، القريب من أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، صحة تلك التقارير، وشن هجوما حادا على مصدر الخبر وهو الكاتب في معهد « أميركان إنتربرايز» الأميركي مايكل لدين. وكان لدين قد قال نقلا عن مصادر إيرانية لم يكشف هويتها، إن صحة القائد الأعلى آية الله علي خامنئي تدهورت بشكل مفاجئ في الساعة الثانية بعد ظهر الثلاثاء (حسب توقيت طهران)، مما استدعى إدخاله عيادة طبية خاصة، وإنه دخل لاحقا في حالة غيبوبة، وإن حالته حرجة جدا، كما أن السلطات لم تسمح لأحد بزيارته سوى واحد من أبنائه وفريقه الطبي، وحظرت بشكل تام تسريب أي نبأ يتعلق بهذا الأمر.

وقال موقع «تابناك»: «الكثير من المواقع الخبرية والشبكات التلفزيونية المناهضة للنظام الإسلامي، نقلت نبأ دخول خامنئي في غيبوبة، فيما أشار بعضها إلى وفاته، أول من أمس بعد غيبوبة دخل فيها الاثنين الماضي».

وذكر موقع «تابناك» أن «لدين دأب على إطلاق المزاعم والإشاعات الكاذبة في الشأن الإيراني، وإن أكبر فضيحة له حينما زعم عام 2006 وفاة القائد الأعلى آية الله علي خامنئي». وأضاف أن «هدف الغرب من الترويج لهذه الإشاعات هو تشويش الرأي العام المحلي، وتأزيم الأوضاع في داخل إيران، وأن اللقاءات والاجتماعات التي أجراها القائد الأعلى خلال اليومين الماضيين تثبت كذب هذه المزاعم». وشنت وسائل الإعلام الإيرانية هجوما حادا على لدين، موضحة أن هدفه التأثير على المناخ العام في إيران وتعكير المناخ العام، موضحة أن المرشد الأعلى التقى خلال اليومين الماضيين مع مساعدين ومسؤولين، وأنه ظهر حتى أحسن حالا وبصحة أفضل.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتردد فيها إشاعات عن الظروف الصحية لخامنئي الذي أصبح المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1989 بعد وفاة آية الله الخميني مؤسس النظام وأول مرشد له، وتولى خامنئي قبل ذلك رئاسة البلاد في الفترة من 1981 إلى 1989.

يأتي ذلك، فيما قال إمام جمعة طهران المؤقت آية الله أحمد جنتي إنه إذا تعاملت الأجهزة القضائية والأمنية «بتساهل مع مثيري الشغب وعناصر الإطاحة بالنظام، فإن ذلك يعد خيانة تجاه الإسلام والأمة والثورة والشهداء». وقال جنتي إن هناك خططا لتنظيم مظاهرات احتجاجية جديدة ضد إدارة الرئيس محمود أحمدي نجاد، خلال اليوم السنوي لمناهضة الولايات المتحدة في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأوضح آية الله أحمد جنتي في خطبة الجمعة التي ألقاها في طهران «من المتوقع لأولئك الذين أثاروا الاضطرابات الأخيرة أن يظهروا ثانية يوم الرابع من نوفمبر». وتنظم الدولة مسيرات مناهضة للولايات المتحدة تشمل كل أرجاء إيران، يوم الرابع من نوفمبر، احتفالا بالذكرى الثلاثين لاحتلال مبنى السفارة الأميركية في طهران، و«اليوم الوطني لمناهضة الإمبريالية العالمية».

وأعلن مؤيدو المعارضة الإيرانية بالفعل عبر الإنترنت، أنهم سيستغلون الاحتفال السنوي لمواصلة احتجاجاتهم ضد أحمدي نجاد. وقال جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور والمقرب من نجاد «إن هذه العناصر تريد كشف وجهها الأميركي الصهيوني مرة ثانية». ودعا جنتي الهيئة القضائية لاتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء الاحتجاجات التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 يونيو الماضي، وانتهت بإعادة انتخاب نجاد رئيسا.

وأدت الاتهامات التي وجهت إلى حكومة أحمدي نجاد بالتلاعب في نتيجة فرز الأصوات إلى إلقاء القبض على أربعة آلاف شخص بينهم 140 شخصا على الأقل من كوادر النظام الإصلاحي السابق، لا يزالون في السجون، بتهمة التخطيط للإطاحة بالنظام الإسلامي. وتتباين تقديرات حصيلة القتلى خلال المظاهرات بين 30 و79 قتيلا، بينما لم تؤكد الجهات الرسمية أيا من الرقمين.

ويقود جبهة المعارضة أربع شخصيات هم مير حسين موسوي رئيس البرلمان الإيراني السابق، ومهدي كروبي، والرئيسان الإيرانيان السابقان محمد خاتمي وأكبر هاشمي رافسنجاني.

وتريد الهيئة القضائية اتخاذ إجراءات قانونية ضد كروبي بسبب ادعائه أن بعض من تم اعتقالهم بعد الانتخابات من الشباب تعرضوا لاعتداءات جنسية في السجن.