مصادر فرنسية: إخراج اليورانيوم وإعادة تخصيبه وتحويله إلى سبائك تحتاج إلى عام

وقود مفاعل طهران النووي ينضب نهاية 2010.. والوكالة الدولية اقترحت المقايضة وإيران وافقت

TT

من المقرر أن تستضيف فيينا يوم الاثنين القادم اجتماعا يضم إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة النووية ممثلين عن إيران والدول الست التي تتفاوض معها بشأن ملفها النووي (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) بغرض البحث في كيفية ترجمة التفاهم المبدئي الذي تم في جنيف بداية الشهر الجاري إلى اتفاق نهائي. ويقوم الاتفاق على قبول إيران بإخراج 1200 كلغم من اليورانيوم ضعيف التخصيب المنتج في موقع ناتانز إلى روسيا، حيث يعاد تخصيبه إلى درجة 19.75 بالمائة ثم ينقل إلى فرنسا ليحول إلى وقود نووي على شكل سبائك تستخدم في المفاعل النووي التجريبي المسمى «مفاعل طهران» لإنتاج النظائر الطبية.

وأفادت مصادر فرنسية معنية بالملف النووي الإيراني، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين أمس، بأن كمية اليورانيوم المخرجة من إيران يمكن أن تحول إلى 116 كلغم من اليورانيوم متوسط التخصيب ستكون كافية لتشغيل مفاعل طهران لمدة عشر سنوات. ويذكر أن المفاعل المذكور الأميركي التصنيع (من طراز «تريغا») والأرجنتيني الهندسة النهائية يعمل بالمياه الخفيفة ويخضع بالكامل لرقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية. وتبلغ قوته 5 ميغاوات.

وفي شهر يونيو (حزيران) وصلت الوكالة الدولية رسالة من طهران تطلب فيها السلطات الإيرانية المساعدة لتوفير الوقود النووي للمفاعل، لأن ما تملكه إيران سينفذ مع نهاية العام 2010. وقدمت الوكالة، قبل اجتماع جنيف بأيام قليلة، اقتراحا لطهران تعرض عليها فيه إخراج كمية 1200 كلغم من مخزونها من اليورانيوم الغازي «UF6» البالغ، بحسب الوكالة الدولية، 1500 كلغم يعاد تخصيبه في الخارج ويعد ويصنع للاستعمال النهائي في المفاعل التجريبي، وهو ما قبلته إيران من الناحية المبدئية.

وسيركز اجتماع فيينا، كما تقول المصادر الفرنسية، بعد إعادة تأكيد التفاهم المبدئي، على المسائل الفنية ودفتر الشروط، وتحديدا مراحل الاتفاق والروزنامة وتوفير الشروط الأمنية وعملية النقل والكلفة وما خلاف ذلك من تفاصيل الاتفاق. ويرى الجانب الفرنسي أنه يتعين الإسراع في إنجاز الاتفاق إذا كان الغرض هو توفير الوقود النووي لإيران مع نهاية العام القادم.

وتعتبر باريس أن الاتفاق، إذا ما تم، سيكون «جيدا» لإيران لأنه يوفر لها الوقود النووي لمفاعلها ويوفر وجهة استخدام «مفيدة» لمخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب الذي لا يجد الغربيون مبررا له ما دامت إيران لا تمتلك مفاعلات نووية، وما دام المفاعل الوحيد الموجود لديها «غير المفاعل التجريبي» هو مفاعل بوشهر قيد الإنشاء الذي التزم الجانب الروسي بتوفير الوقود النووي له لفترة طويلة. أما من الجانب الغربي فإن فائدة الاتفاق أنه «يسحب» من إيران الأساسي من مخزونها من اليورانيوم الذي يتخوف من أن تستخدمه لتخصيبه بدرجات عالية تفوق نسبة الـ90 بالمائة، مما يمكنها لاحقا من تصنيع القنبلة النووية. وبحسب الوكالة الدولية وخبراء غربيين فإن الكميات المعلنة التي تملكها طهران كافية لهذا الغرض.

ولا تربط هذه المصادر بين الاتفاق «الجزئي» والمطالب الأوسع التي ستكون موضع تفاوض بين الستة، بحضور الطرف الأميركي وطهران في جنيف أواخر الشهر الجاري، والتي ستتناول مجمل البرنامج النووي الإيراني ومطالب مجلس الأمن والوكالة الدولية. ويرغب الغربيون في أن يتم التفاوض تحت سقف «التجميد المزدوج»، أي أن تقوم إيران بتجميد عملية زيادة طارداتها المركزية مقابل تجميد الأسرة الدولية عملية فرض عقوبات اقتصادية وتجارية على طهران. وتقدر المصادر الغربية أن إيران ستكون قادرة على إعادة تكوين مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب خلال مدة لا تزيد على 16 شهرا، باعتبار أن ما لديها من طاردات يمكن أن ينتج 80 كلغم في الشهر.

وتبرر المصادر الغربية مطلب إخراج 1200 كلغم من اليورانيوم الإيراني بالضرورات «الصناعية»، حيث يتعين إعادة تشغيل المصانع المناسبة، فضلا عن أنه ليس من المناسب «التلهي» بكميات قليلة. ولم تعط المصادر الفرنسية أي تقدير للكلفة التي ستدفعها طهران لهذه العملية، علما بأن تصريحات المسؤولين الإيرانيين تذهب في كل اتجاه، ومنها من أكد أن إيران يمكن أن «تشتري» اليورانيوم متوسط التخصيب الذي تحتاج إليه.

وتقدر مصادر فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن الوكالة والأسرة الدوليتين «ستكسبان وقتا ثمينا» عن طريق تنفيذ هذه العملية، يمكن خلاله مراقبة ما ستؤول إليه المفاوضات الأوسع مع الجانب الإيراني. ولم يفهم من الجانب الفرنسي أن تحقيق هذه العملية مرهون بما سيجري في المفاوضات الأوسع مع مجموعة الست، كما لم يفهم ما إذا كان الغربيون قد قبلوا بأن تتمتع إيران بإمكانية الاستمرار في عملية تخصيب اليورانيوم بكميات ضعيفة وتحت إشراف الوكالة الدولية.