إيران تتمنى أن تسود اجتماع فيينا أجواء بناءة.. وطرح المسائل الفنية والقانونية

مصادر لا تستبعد أن تكون إيران قد فكرت في الاستفادة من حالة الانفتاح التي وفرتها مبادرة أوباما

TT

على الرغم من أنه من المفترض أن يكون اجتماعا فنيا عالي التقنية والتخصص ويناقش التفاصيل القانونية، فإنه ولحساسية كل ما يدور حول ملف إيران النووي، يحظى بأهمية سياسية دولية كبيرة، وكذلك باهتمام إعلامي غير مسبوق.

ذلك هو الاجتماع بين إيران والمجموعة الدولية المكونة من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة لألمانيا، الذي تقرر أن تبدأ أولى جلساته في تمام الساعة الثالثة بعد ظهر بعد غد الاثنين، بالقاعة «إم» أحدث قاعات مقر الأمم المتحدة، حيث رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالعاصمة النمساوية فيينا.

تنص أجندة الاجتماع على بحث تفاصيل اقتراح تحصل بموجبه دولة إيران على يورانيوم مخصب بدرجة 19.75% يعود إليها مخصبا بدرجة أعلى للاستخدام كوقود في مفاعلها للأبحاث، وذلك بعد أن تكون إيران قد بعثت بما يعادل نحو 2.1 طن من مخزونها من يورانيوم مخصب بنسبة 3.5% إلى روسيا لتقوم بتخصيبه لتلك الدرجة العالية، ثم يشحن إلى فرنسا ليعود لإيران لاحقا لاستخدامات طبية بحتة لعلاج أمراض السرطان.

وكما يبدو فإن هذه عملية معقدة تمر بأكثر من مرحلة بين دول لا تخلو علاقاتها من شبهات سوء نية وتربص، دع عنك افتقادها للثقة فيما بينها، وبينها وبين إيران. أضف إلى ذلك أن الأمر لا يقتصر على هذه الدول الثلاث فقط، بل يتم في حضور أطراف أخرى، هي بريطانيا والصين وألمانيا والولايات المتحدة، بالإضافة للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ستقوم بدور المظلة الوارفة التي يمكن أن توفر للأطراف كافة، ذات الشأن المباشر وغير المباشر، كل المطلوب من التنسيق، والإشراف، والمتابعة، والمراقبة سواء التقنية أو القانونية، بما في ذلك تهدئة الخواطر مع كثير من الدبلوماسية حتى لا ينفرط الجمع.

من جانب آخر، وعلى الرغم من أن هذا الاجتماع يعد الاجتماع الثاني لإيران ومجموعة (5+1) بعد لقائهما الأول بجنيف مطلع هذا الشهر، والذي أجمعوا جميعا على وصفه بالناجح، إلا أن متابعات «الشرق الأوسط» تشير لتخوف الجميع من الشيطان الذي قد يبرز عند الولوج في التفاصيل.

من جانبه، استبق مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير علي أصغر سلطانية، الاجتماع بتصريحات صحافية لوكالة أنباء «فارس»، متمنيا أن تسود الاجتماع أجواء بناءة.. مؤكدا على موافقة إيران على الاقتراح. ومؤكدا كذلك على ضرورة ألا تأتي بقية الأطراف للاجتماع بأحكام مسبقة. داعيا لطرح الأمر لبحث التفاصيل كافة سواء فنية أو قانونية. هذا فيما بادر رئيس البرلمان الإيراني بتوجيه تحذير أن بلاده يمكنها تخصيب اليورانيوم في حالة عدم الوصول لاتفاق، هذا فيما كان الرئيس الإيراني قد ذكر أن أطرافا أخرى تبدي رغبة في بيع إيران ما تحتاجه من يورانيوم.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي يدفع بإيران لاستخدام ما يقدر بنحو 80% من مخزونها من اليورانيوم وشحنه لخارج حدودها والدفع مقابل تخصيبه لدرجة أعلى؟

بعض المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن إيران تحتاج فعلا وقبل العام القادم 2010 لهذا النوع من اليورانيوم المطلوب للعلاج الذري لتغطية احتياجات أكثر من 150 مستشفى بعد أن أوشك مخزونها من هذا النوع أن ينضب. مشيرين إلى أن إقدام إيران على زيادة تخصيب اليورانيوم لدرجات فوق 5% ليس في مقدورها حاليا، خاصة بكميات كبيرة، وذلك لما يحتاجه الأمر من قدرات فنية، ولما يتطلبه من سرعة لا تمتلكها إيران. أضف إلى ذلك المخاطر التي قد تعود على إيران في حالة إذا ما قررت مواصلة التخصيب سريا وانكشف الأمر.

من جانب آخر، لم تستبعد أطراف أن تكون إيران قد فكرت في الاستفادة من حالة الانفتاح التي وفرتها مبادرة الرئيس أوباما بالدخول معها في تفاوض مباشر دون أي شروط مسبقة أو تهديدات كما دأبت الإدارة السابقة، مما سيعود على إيران بدعاية تشير إلى أنها قد تغيرت وبدأت فعليا في خطو خطوات من أجل استعادة ثقة المجتمع الدولي.

هذا بينما لم تخف مصادر أخرى شكوكها أن إيران قد تكون ساعية فقط لكسب مزيد من الوقت. مقللين من أهمية الوصول لاتفاق نتيجة هذه المباحثات ما لم تلتزم إيران التزاما مطلقا بعدم تخصيب اليورانيوم، وهذا ما لم تفعله حتى الآن.