إسرائيل تهدد بنشر وثائق المذابح ضد الأرمن ونائب رئيس الوزراء التركي يشيد بالعلاقات معها

تل أبيب وأنقرة تتبادلان سياسة «العصا والجزرة».. وأشكنازي يطلق سراح أسيرين سوريين

TT

بعد عدة أيام ملتهبة بالتوتر، لجأت تركيا وإسرائيل إلى استخدام سياسة العصا والجزرة كل تجاه الأخرى. ويرى المراقبون في توصيف هذه الحالة، أن الطرفين يفتشان عن وسيلة للتراجع بعد تصعيد كبير للخلاف بينهما، لكن هناك من يرى انه لا أمل في تصحيح العلاقات في الوقت الحاضر. وتحولت سورية هدف تودد من الطرفين. وبعد أن أعلنت تركيا أنها ستجري تدريبات مسلحة مع الجيش السوري، بادرت إسرائيل إلى «خطوات لإظهار النوايا الطيبة».

وكان أبرز تحركات الأيام الأخيرة في هذا الملف، التهديد الذي صدر عن تل أبيب بنشر وثائق سرية تحتفظ بها تل أبيب وتثبت، حسب الادعاء الإسرائيلي، أن تركيا «نفذت مذابح ضد الأرمن». والهدف من هذا التهديد، ليس فقط إجهاض الاتفاق الأرمني التركي الذي وقع في مطلع الأسبوع فحسب، بل دق إسفين بين تركيا ودول الغرب التي تحاول أنقرة التقرب منها ودخول تحالفاتها واتحاداتها (الاتحاد الأوروبي وبقية مؤسساته الوحدوية). وفي يوم أمس نظم المئات من الطلاب الجامعيين الإسرائيليين تظاهرة أمام السفارة التركية في تل أبيب، رفعوا فيها شعارات تندد «بالمذابح التركية ضد الأرمن وضد الأكراد»، وذلك ردا على اتهامات رئيس الحكومة التركي، رجب طيب أردوغان، لإسرائيل بأنها ارتكبت مذابح وجرائم حرب إبان العدوان الأخير على غزة.

ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحدث ضد تركيا بلهجة مخففة أقرب إلى العتب من الاستنكار. وقال خلال استقباله نظيره الاسباني، خوسيه لويس ثاباتيرو، انه يتمنى أن تعود تركيا إلى أداء دور يدفع عملية السلام إلى الأمام، وليس إثارة الضغينة والأحقاد.

وربط مراقبون بين هذا التصريح وتصريحات مشابهة تفوه بها وزير الدفاع، إيهود باراك، لصالح العلاقات الإسرائيلية التركية، وبين قرار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي اشكنازي، إطلاق سراح أسيرين سوريين معتقلين في إسرائيل بتهمة التخطيط لعمليات إرهابية. فالأسيران، وهما بشر المقت وعصام الولي من سكان بلدة مجدل شمس المحتلة في هضبة الجولان، يمضيان منذ سنة 1986 حكما بالسجن 27 عاما بتهمة إقامة تنظيم إرهابي وحيازة أسلحة ومتفجرات ونصب كمين للقوات الإسرائيلية. وكان من المفترض أن ينهيا محكوميتهما بعد ثلاث سنوات. واعتبر أيوب قرا، نائب وزير التطوير الإقليمي، وهو من حزب الليكود الحاكم، أن هذا الإطلاق هو جزء من سلسلة إجراءات تقوم بها إسرائيل لإبداء النوايا الحسنة تجاه دمشق. ويرى المراقبون، أن أحد أسباب الخلافات التركية الإسرائيلية يعود إلى الشعور السائد في أنقرة بأن إسرائيل لم تكن جادة في مفاوضاتها مع سورية حول عملية السلام وأنها خدعت تركيا حين طلبت منها أن تكون وسيطا في هذه المفاوضات. ولذلك، فإن حكومة نتنياهو، تحاول بخطوتها تجاه سورية أن تظهر استعدادها لخوض مفاوضات سلام جادة مع سورية. وعقب دبلوماسي سابق في الخارجية الإسرائيلية على هذا التطور قائلا: «نحن في آخر وقت. فإسرائيل وتركيا تتنافسان على الفوز بقلب سورية».

ولفت النظر إلى أن تركيا أيضا تطلق إشارات ايجابية تجاه إسرائيل. فقد أعلن نائب رئيس الوزراء التركي، بولند أرينتش، أمس، أن العلاقات التركية الإسرائيلية كانت وما زالت وستبقى قوية. ورفض الحديث عن أزمة. وقال إن المسلسل التركي الذي أغاظ إسرائيل لأنه يظهر جنودها متوحشين في قطاع غزة، هو مجرد عمل تلفزيوني لا علاقة للحكومة التركية به. بل قال إن هذا المسلسل «قد يكون أظهر الأمور بشكل أحادي الجانب وبشيء من المبالغة، لكنه لا يستحق أن يكون سببا لأزمة بين الدولتين». مع ذلك فإن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، هاجم السياسة الإسرائيلية، أمس، أيضا. وقال إن على إسرائيل أن توقف قمعها للشعب الفلسطيني وتجنح إلى السلام ووضع حد لمعاناة هذا الشعب.