خاتمي وموسوي ينتقدان «الأجواء الأمنية» واستمرار الاعتقالات والتضييق على الحريات

مقربون من خامنئي: المرشد يراجع أفكاره حول رأي الشرع في الموسيقى

صورة بثها مكتب المرشد الأعلى لإيران آية الله خامنئي خلال استقباله الرئيس السنغالي عبد الله واد، أمس، فيما ظهر محمود أحمدي نجاد، وهذه هي المرة الأولى التي تبث فيها إيران صورا لخامنئي منذ الشائعات القوية عن وفاته أو دخوله في غيبوبة (إ.ب.أ)
TT

انتقد الرئيس الإصلاحي الإيراني السابق محمد خاتمي، وزعيم المعارضة مير حسين موسوي «الأجواء الأمنية» السائدة في إيران لاسيما «استمرار الاعتقالات وتقييد الحريات»، كما جاء في موقع للمعارضة. وهذه هي المرة الأولى منذ أسابيع التي يخرج فيها موسوي وخاتمي ببيان مشترك حول الأوضاع في إيران، خصوصا مع استمرار اعتقال العشرات من رموز الحركة الإصلاحية، بالرغم من الضغوط التي يمارسها باقي الإصلاحيين وعدد من آيات الله في قم لإطلاق سراح باقي المعتقلين، ويأتي ذلك فيما نفت وكالة «فارس» الإيرانية صحة الإشاعات التي تحدثت عن تدهور في صحة المرشد الأعلى لإيران آية الله خامنئي، موضحة نقلا عن مصادر دبلوماسية أن تلك التقارير بلا أساس. وحول البيان المشترك بين موسوي وخاتمي، أفاد موقع «برلمان نيوز» أن «الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي أعربا خلال لقاء عن قلقهما إزاء الوضع الحالي وخاصة استمرار الاعتقالات وتقييد الحريات». وشدد الرجلان على «ضرورة العودة إلى الدستور ووضع حد للأجواء الأمنية كي تتمكن وسائل الإعلام والصحف من القيام بعملها».

وأضافا أن «المجتمع سلك طريقه لبلوغ العدالة والحرية والاستقلال والعظمة ولن يحيد عنها تحت ضغط القوة». وندد قادة المعارضة الإصلاحية بالتزوير الكثيف الذي قالوا انه شاب الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو (حزيران) والتي أدت إلى إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وسقط العشرات من القتلى خلال تظاهرات احتجاج تلت الانتخابات واعتقل نحو أربعة آلاف آخرين. وتجري محاكمة 140 منهم حاليا بتهمة المشاركة في حركة الاحتجاج.

ولم يخرج موسوي للعلن منذ فترة طويلة، مما عزز اعتقاد أنه ربما يكون تحت الإقامة الجبرية، إلا أن مصادر إيرانية نفت انه تحت الإقامة الجبرية، إلا أنها تحدثت عن ضغوط شديدة عليه كي يخفف أنشطته العلنية مقابل إسراع السلطات في إطلاق سراح باقي المعتقلين من الحركة الإصلاحية. إلى ذلك وفيما نفت وكالة فارس للأنباء صحة التقارير التي تحدثت عن وفاة المرشد الأعلى لإيران، نقل عن مقربين منه أن خامنئي يراجع حاليا أفكاره حول الرأي في الموسيقى. ونقلت خدمة «بي بي سي» الفارسي ومواقع أخرى داخل إيران أن خامنئي معتكف لمراجعة بعض أفكاره حول فقه الموسيقى في الإسلام. وكان خامنئي قبل أكثر من شهر قد قال لتجمع من طلبة العلوم الدينية إنه لا يجب على الإيرانيين دراسة العلوم الإنسانية والغربية كما هي لأنها مصبوغة بالكثير من الأفكار التي لا تتناسب مع المجتمعات الإسلامية وتحاول فرض صيغة جامدة، مشيرا إلى ضرورة مراجعة ما تدرسه الجامعات الإيرانية من العلوم الإنسانية الغربية. وأدت التقارير أن خامنئي معتكف لمراجعة أفكاره السابقة حول الإسلام والموسيقى إلى استغراب البعض في إيران وخارجها على أساس أن هناك الكثير من القضايا شديدة الأهمية التي تواجه إيران حاليا ومن بينها الأزمة الداخلية والوضع الاقتصادي والمفاوضات النووية المتوقعة غدا في فيينا. وستستضيف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة اجتماعا في فيينا بين إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا لبحث تفاصيل إرسال إيران يورانيوم منخفض التخصيب للخارج لمعالجته وتحويله إلى وقود وإعادته إلى طهران. وتم الاتفاق «من حيث المبدأ» على هذا الموضوع بين إيران والقوى العالمية الست في محادثات أجريت في جنيف في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. لكن السلطات الإيرانية لم تظهر إلى الآن أي تلميحات علنية على المرونة بشأن الخلاف النووي مع الغرب.

وسيساعد نجاح المفاوضات المؤسسة الحاكمة التي تواجه استقطابا شديدا منذ الانتخابات. وقال محلل طلب عدم نشر اسمه لرويترز «تريد إيران بدخولها المحادثات الحيلولة دون تشديد العقوبات وتريد أن تظهر للإيرانيين أن لديها مصداقية دولية». وقال المحلل إن القادة الإيرانيين «دخلوا المحادثات لمنع حدوث أي توافق بين القوى الكبرى. ومن شأن فرض عقوبات أخرى أن يضعف المؤسسة الدينية داخليا». وأعلن القادة الإيرانيون انتصارهم في محادثات جنيف ولكن السلطات العليا في إيران قالت مرارا منذ ذلك الوقت إن الجمهورية الإسلامية لن توقف أبدا تخصيب اليورانيوم وهو مطلب تصر عليه القوى العالمية.

وقال مسؤول نووي إيراني كبير لرويترز الجمعة «في فيينا سنتحدث فقط عن قضايا فنية مرتبطة بإرسال اليورانيوم منخفض التخصيب للخارج. الحديث عن تجميد تخصيب اليورانيوم ليس مدرجا على جدول الأعمال». ويقول مسؤولون نوويون إيرانيون إن إيران وصلت إلى نقطة «اللاعودة» في أنشطتها النووية وسيكون «من غير المنطقي بالنسبة لإيران أن تتخلى عن الإنجازات التي حققتها بسبب الضغوط». والبرنامج النووي الإيراني كان دوما أداة مطلوبة لتدعيم الوحدة الداخلية في إيران. وانتقد خصوم أحمدي نجاد الإصلاحيون خطابه النووي لكنهم لم ينتقدوا البرنامج النووي الإيراني نفسه. وتعليق تخصيب اليورانيوم خط أحمر بالنسبة للسلطات الإيرانية. لكن إيران تقول إنها مستعدة لتوسيع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن تمنحها حرية وصول سريعة لتفتيش المواقع النووية بما في ذلك الموقع الذي تم الكشف عنه مؤخرا قرب مدينة قم.

وتريد إيران الحيلولة دون توسيع العقوبات من خلال إثارة الانقسامات بين القوى العالمية. وقال مسؤول أمني كبير لرويترز إن محادثات جنيف كانت مجرد بداية «ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق محدد»، ملمحا إلى أن إيران تريد «الحوار لمجرد الحوار» لكسب مزيد من الوقت لتعزيز تطور برنامجها النووي. وتكافح المؤسسة الإيرانية من أجل الحفاظ على الشرعية. ومن خلال إجراء محادثات مع القوى العالمية سيستعيد المحافظون الإيرانيون تأييد الإيرانيين بالدفاع عن البرنامج النووي الإيراني ضد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. وسينظر إلى أي حل وسط بشأن تخصيب اليورانيوم على أنه علامة ضعف بين المؤيدين الرئيسيين للمؤسسة الدينية الإيرانية.

وقالت السلطات الإيرانية مرارا انه لم يكن لثلاث جولات من عقوبات الأمم المتحدة تأثير على البلاد. ويصر أحمدي نجاد على أن خسائر الغرب ستكون أكبر إذا فرض عقوبات على إيران. وقد يكون فرض عقوبات أشد في مصلحة المحافظين الإيرانيين على المدى القصير وقد يوحد الأمة الإيرانية. ولكن على المدى البعيد قد يثير غضب الإيرانيين العاديين الذين يعانون بالفعل من جراء ارتفاع مستويات التضخم والبطالة.

إلى ذلك نفت شركة «خطوط جمهورية إيران الإسلامية للشحن البحري» أي ارتباط ببرنامج إيران النووي المثير للجدل، اثر مزاعم بريطانية بهذا الصدد. وأعلنت شركة الشحن في بيان نقلته صحيفة «سرمايه» الإصلاحية أنها «لم تنتهك أي قانون أو تنظيم». وتابع البيان «أن اتهام شركتنا بنقل معدات نووية لا أساس له، وان عدم تقديم الحكومة البريطانية أي دليل، يثبت» ذلك.

وكانت وزارة المالية البريطانية أعلنت الاثنين أنها أمرت مؤسستين ماليتين في بريطانيا بوقف تعاملاتهما مع شركتين إيرانيتين هما بنك ملي و«خطوط جمهورية إيران الإسلامية للشحن البحري»، بسبب ارتباطهما المفترض ببرنامج إيران النووي.

وأفادت وكيلة وزارة الخزينة البريطانية سارة ماكارثي ـ فراي في بيان قدم الاثنين إلى مجلس العموم البريطاني (البرلمان) أن شركة الشحن البحري «نقلت مواد خاصة ببرنامج إيران للصواريخ البالستية وبرنامجها النووي»، كما اتهمت بنك ملي بتقديم خدمات إلى منظمة «ترتبط بنشاطات إيرانية حساسة تتعلق بالانتشار النووي».

كذلك نفى بنك ملي هذه الاتهامات. وبريطانيا من الدول الست إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا، التي تتفاوض مع طهران بشأن برنامجها النووي.