بضائع إسرائيلية.. تتسلل إلى لبنان

تحت ستار «صنع في الأراضي الفلسطينية» أو «صنع في الولايات المتحدة»

TT

لم تكتف إسرائيل بزرع شبكاتها المخابراتية في الساحة اللبنانية، إذ لم تتوقف يوما عن زرع منتجاتها في هذا البلد «المجاور» بألف أسلوب وأسلوب تحايلي، سواء عبر الحدود البرية التي بقيت فالتة لفترات طويلة، أو عبر العلامات التجارية الملتبسة والمكتوبة كـ«صنع في الأردن»، أو «صنع في الأراضي الفلسطينية»، أو «صنع في الولايات المتحدة»، أو عبر القوات الدولية (اليونيفيل) الموجودة في الجنوب اللبناني في وضع تماس مع الإسرائيليين.

وكانت آخر «غزوة» سلعية إسرائيلية إلى لبنان ما ذكر عن العلامة التجارية «germ ـ x»، التي هي نوع من المحارم الورقية المعقمة والرطبة، والتي كتب عليها من الخارج «صنع في الولايات المتحدة». إلا أنه عندما تسحب المغلفات الصغيرة من داخل الكيس يتبين أنها دمغت بعبارة «صنع في إسرائيل». وقد برر مستوردو هذه السلعة عملهم بأنهم دأبوا على الاستيراد من الولايات المتحدة، ولم يعرفوا أن المحارم المذكورة هي من صنع إسرائيلي. ولا تزال الدوائر الرسمية والقضائية تدقق وتحقق في كيفية دخول هذا المنتج وتحديد المسؤولية في عملية إدخاله.

ويؤكد أحد مراقبي مصلحة حماية المستهلك أن هذه الظاهرة ليست جديدة في لبنان، فهي تارة تتسع، وتارة أخرى تخف، بحسب الظروف السياسية والأمنية القائمة على الساحة اللبنانية. وفي شهر يونيو (حزيران) 2008، فتح تحقيق في كيفية دخول نوع من السكاكر الإسرائيلية إلى أسواق مدينة طرابلس الشمالية، أعقبها تسلل نوع من السجائر الإسرائيلية. ومنذ فترة قصيرة فككت المعدات المستوردة التي كانت مخصصة لإحدى محطات تكرير مياه الصرف الصحي في مدينة صيدا، بعدما تبين أنها من صنع إسرائيلي.

وكانت ظاهرة التسلل الاقتصادي الإسرائيلي إلى لبنان مزدهرة على نطاق واسع خلال مرحلة وجود «جيش لبنان الجنوبي» في «الشريط الحدودي»، بحيث كانت كل السلع الإسرائيلية، من غذائية وإلكترونية وصناعية، تدخل إلى لبنان بأكمله، وبخاصة إلى بعض أجزائه التي كانت خطوط التماس تفصلها عن البعض الآخر.

ويؤكد الجنوبيون أن غياب الجيش اللبناني عن الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية لفترات طويلة، ساهم في تعزيز التسلل السلعي الإسرائيلي إلى لبنان من دون أن تكون للدوائر الرسمية ومكتب مقاطعة إسرائيل الكائن في صلب وزارة الاقتصاد اللبنانية أي قدرة على ضبط الحدود أو ضبط التسلل السلعي.

ويعتبر المدير العام لمصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، فؤاد فليفل، أن مراقبة البضائع المستوردة إلى لبنان هي من مهمات الجمارك التي تكشف على الحاويات والبضائع وتعطي الإذن بدخولها إلى لبنان. ومن المحتمل أن تكون السلع الإسرائيلية المكتومة قد دخلت ببيان جمركي أخضر وفق نظام «نجم» الذي وضع لتسريع المعاملات، من دون أن يعني ذلك وجود تواطؤ بين المستوردين وموظفي الجمارك، وبخاصة حول هذه النقطة بالذات.

ويتساءل فليفل: «من يظن أن ملاكا من 107 مراقبين في (حماية المستهلك) قادرون على مراقبة كل السلع التي تدخل إلى لبنان، خصوصا إذا علمنا أن فرعا واحدا في الشركة المعنية بالاستيراد يمكن أن يعرض أكثر من 25 ألف سلعة؟».