المالكي في واشنطن لدعم العلاقات الاقتصادية وبحث الأوضاع السياسية في بلاده

البنتاغون يلغي إرسال كتيبة مقاتلة إلى العراق بدعوى «تحسن الأمن»

TT

يصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن هذا الأسبوع في مهمة صعبة وهي إقناع الشركات الأميركية الضخمة بأن عليها الاستثمار في العراق وإبداء الثقة في مستقبله بالإضافة إلى الإقرار بأنها لن تحصل على معاملة تفضيلية. وبعد أن حصلت شركات من دول عدة، مثل الصين وفرنسا وبريطانيا، على عقود ضخمة في العراق، خاصة في مجال الطاقة، ما زالت كبريات الشركات الأميركية بعيدة عن الاستثمار في العراق. وهذا ما سيحاول «مؤتمر العراق للأعمال والاستثمار» معالجته في واشنطن، حيث ينطلق المؤتمر بحضور المالكي وعدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال الثلاثاء المقبل.

وتلتقي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع المالكي في مقر وزارة الخارجية الأميركية غدا، لكن لم يتضح بعد إذا ما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما سيلتقي بالمالكي. ومن المرتقب أن يكون الوضع السياسي الداخلي في العراق على رأس أجندة النقاش بين كلينتون والمالكي بما فيها الانتخابات العراقية والعلاقات بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، بالإضافة إلى الوضع الأمني ووضع اللاجئين العراقيين. ومن المتوقع أن تكون هذه الزيارة الأخيرة للمالكي قبل إجراء الانتخابات، ويذكر أنها ثاني زيارة له إلى واشنطن منذ انتخاب أوباما، إذ زار واشنطن في يوليو (تموز) الماضي. وستلقي كلينتون الكلمة الرئيسية في المؤتمر يوم الثلاثاء، لكن الحكومتين العراقية والأميركية ستعقدان جولة لقاءات غدا في إطار «الحوار الأميركي ـ العراقي للتعاون الاقتصادي»، يشارك فيها مسؤولون من وزارات الزراعة والتجارة والطاقة والداخلية والمالية الأميركية والعراقية. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الطرفين سيعملان على «تقوية الشراكة الاستراتيجية بعيدة المدى» بين البلدين.

وتتطلع الحكومة العراقية إلى أن يكون مؤتمر الاستثمار ناجحا على غرار مؤتمر لندن للاستثمار الذي عقد في أبريل (نيسان) الماضي. ولكن ليس من المتوقع أن يتم إبرام اتفاقات كبيرة أثناء عقد المؤتمر، مع توجس الكثير من الشركات الأميركية حتى الآن من الاستثمار في العراق. وقالت مسؤولة في وزارة التجارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون أمرا رائعا لو وقعت الاتفاقات، وسيكون ذلك إشارة إيجابية، ولكن المؤتمر يعقد على مدار يومين وهذه فترة قصيرة ولا نتوقع إبرام اتفاقات في الوقت الراهن». وقد تم تسجيل نحو 400 شركة أميركية لحضور المؤتمر، بالإضافة إلى نحو 100 شركة من دول أخرى مثل بريطانيا والإمارات ولبنان. ويضم الوفد العراقي ما يقارب 400 شخص، بين مسؤولين ورجال أعمال عراقيين. وتعول الحكومة الأميركية على نجاح المؤتمر، إذ إنه أكبر مؤتمر تعقده مع العراق منذ توقيع اتفاقية الإطار الاستراتيجية بين البلدين، ضمن جهود لتوسيع العلاقات بين البلدين خارج الإطار العسكري البحت. ويغطي المؤتمر 12 قطاعا هي الزراعة والصيرفة والدفاع والكهرباء والصحة والتعليم والإسكان والنفط والاتصالات والسياحة والنقل.

ويأتي المالكي إلى واشنطن في وقت تدور تساؤلات حول الانتخابات العامة المقبلة في العراق والمستقبل السياسي والأمني للبلاد. ويؤكد مسؤولون عراقيون وأميركيون أنه لن يتم الخوض في إمكانية تعديل اتفاقية انسحاب القوات الأميركية من العراق في الوقت الراهن، وأن ذلك أمر يترك للحكومة العراقية المقبلة. وبينما تدور تقارير حول إمكانية شطب أو تأجيل الحكومة العراقية إجراء استفتاء على الاتفاقية الأمنية الذي كان متوقعا إجراؤه تزامنا مع الانتخابات، لم يصدر موقف واضح من الحكومة العراقية. ولم تبلغ الحكومة العراقية الجانب الأميركي قرارا بهذا الشأن بعد، واكتفى الناطق باسم القوات الأميركية في العراق بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا قرار عراقي مبني على قرار عراقي». ويمتنع مسؤولون من الحديث علنا عن مستقبل الاتفاقية الأمنية بين البلدين، مفضلين انتظار نتائج الانتخابات العراقية. وقال الجنرال المتقاعد مارك كيميت الذي شارك في صياغة الاتفاقية الأمنية عندما كان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ـ العسكرية في إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش: «الفكرة من الاتفاقية كانت تقليل دور القوات الأميركية في مكافحة التمرد في العراق ولكن الإبقاء على علاقة استراتيجية لسنوات.. وتوقعي هو مراجعة الاتفاق على وضع القوات بعد الانتخابات العراقية». وأضاف: «هناك ترقب لشكل اتفاقية جديدة بين الحكومتين العراقية والأميركية الجديدتين». على صعيد آخر ذي صلة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ألغت إرسال كتيبة مقاتلة من 3500 رجل إلى العراق بسبب تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد، وهو قرار قد يؤدي إلى إرسال تعزيزات إلى أفغانستان. وقالت الوزارة في بيان أول من أمس إن هذه الكتيبة التي كان من المقرر أن تحل محل كتيبة أخرى في يناير (كانون الثاني) لن تنشر في العراق وستكون جاهزة لاستعمالات أخرى. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أضاف البيان أن «القرار اتخذ استنادا إلى تقييم دقيق» للوضع في العراق، مؤكدا تسجيل «تحسن متواصل لقدرات قوات الأمن العراقية في حماية العراقيين ومؤسساتهم». وينتشر حاليا 119 ألف جندي أميركي في العراق مقابل 140 ألفا مطلع العام. وكان قائد القوات المسلحة الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو أعلن نهاية سبتمبر (أيلول) أن الجيش «سيقلص عديده في العراق» بهدف احترام الجدول الزمني لسحب القوات المقاتلة قبل أغسطس (آب) 2010 على أن يعقبه سحب مجمل القوات نهاية 2011.