لافروف: التطبيع بين إيران وإسرائيل ليس مستحيلا.. وياسر عرفات مثال على حوار الأعداء

قال إن الوضع في الشرق الأوسط خطير جدا «لكنني لا أستطيع وصفه بأنه دخل في طريق مسدود»

TT

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو تدعو إسرائيل وإيران إلى تطبيع العلاقات بينهما، موضحا أنها لا ترى في ذلك شيئا مستحيلا وذلك في حديث أدلى به لمراسلي قناة «روسيا اليوم» ووكالة أنباء «نوفستي» وإذاعة «صوت روسيا». كما أوضح لافروف أن الوضع في الشرق الأوسط صعب وخطير جدا، متابعا: «لكنني لا أستطيع وصفه بأنه دخل في طريق مسدود»، مشيرا إلى أن الجهود الدولية مستمرة من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية واستعادة الوحدة الفلسطينية.

وحول الملف الإيراني قال الوزير الروسي: «باعتقادي أن من الواجب السعي إلى أن تبدأ إسرائيل وإيران بتطبيع العلاقات. وليس في هذا أي شيء مستحيل.. إن التاريخ يعرف الكثير من الأمثلة عندما يجد الأعداء الألداء وسيلة للاتفاق». وأورد لافروف كمثال على ذلك الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي لم يتصور لا الفلسطينيون ولا الإسرائيليون أن يكون بينهم مفاوضات. كما أعاد لافروف إلى الأذهان أن إسرائيل قدمت سابقا في فترة حكم الشاه المعونة إلى إيران في تنفيذ برنامجها الصاورخي ـ النووي، فيما كانت إيران تزود إسرائيل بكل حاجتها من النفط. وقال لافروف «أنا لا أعلم متى.. لكن تطبيع العلاقات بين إسرائيل وإيران سيتم حتما. والشيء الرئيسي الآن هو تركيز الجهود على جوهر المسألة وعدم استثارة الانفعالات. ولا يحتاج أي أحد إلى الحرب».

وذكر لافروف أن من الواجب إغلاق جميع القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وسنبتغي تحقيق ذلك بإصرار وثبات. وتابع «نحن نعارض بحزم انتهاك نظام عدم انتشار السلاح النووي ويجب أن يكون هناك وضوح بصدد هذه القضية». وفي الوقت نفسه أكد حق إيران المشروع في الحصول على منافع الطاقة الذرية السلمية، وذكر أن روسيا تتعاون معها في هذا المجال ويختتم ضمنا بناء المحطة الكهرذرية في بوشهر وهذا شيء مشروع تماما ويتم تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال لافروف «إننا على استعداد لمواصلة المشاركة في المشاريع ضمن إطار برنامج صناعة الطاقة الذرية الإيراني لكننا نود في الوقت نفسه إزالة جميع القضايا التي نشأت حين كانت الحكومات الإيرانية السابقة تقوم سرا بتطويع سلسلة الوقود الذرية». كما أشار لافروف إلى أن عمليات التفتيش التي قامت بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تسفر حتى الآن عن كشف أي شيء محظور بالرغم من وجود بعض الأسئلة إلى إيران. وقد تم إغلاق بعضها بينما بقي البعض الآخر معلقا. وأبدى لافروف حيرته ضمنا من ذلك الوضع حين قام الإيرانيون، في الوقت الذي يتطلب من الجميع توفير الثقة، بإخفاء بناء مصنع آخر لتخصيب اليورانيوم. وقال «لا يفهم السبب الذي جعل الإيرانيين الذين نتعاون معهم في تنفيذ البرنامج الذري السلمي لا يبلغوننا بالأمر، كما لا يفهم السبب في سكوت بعض شركائنا الغربيين الذين توفرت لهم المعلومات حول هذا الموضوع. إن هذا الموقف غريب جدا في الوقت الذي بقيت فيه قضايا كثيرة تقلق المجتمع الدولي حول البرنامج النووي الإيراني». وفي الوقت نفسه لاحظ لافروف انه تم في اللقاء في أول أكتوبر (تشرين الأول) في جنيف التوصل إلى اتفاق مهم حول قيام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة هذه المنشأة الثانية، وكذلك حول أسلوب تقديم الإرساليات من الوقود إلى مفاعل البحوث الذرية في طهران. ولعل أهم شيء في اتفاقات جنيف هو بدء المفاوضات بصورة جدية حول قضايا البرنامج النووي الإيراني. وقال لافروف «في سياق تحركنا نحو هذا الهدف ستتوفر الإمكانيات العملية لمشاركة طهران مشاركة كاملة في الحياة الاقتصادية الدولية وفي الشؤون السياسية للمنطقة حيث بوسعها ويجب عليها أن تمارس دورا بناء لاسيما بالمساعدة في تسوية العديد من الأوضاع في العراق وأفغانستان وغيرهما من مناطق الشرقين الأدنى والأوسط. ومثل هذه الإمكانيات متوفرة لدى إيران».

وحول الوضع في الشرق الأوسط، قال لافروف إن الوضع هناك صعب وخطير جدا «لكنني لا استطيع وصفه بأنه دخل في طريق مسدود». وأشار إلى أن الجهود الدولية مستمرة من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية واستعادة الوحدة الفلسطينية.

وذكر لافروف أن وزراء خارجية رباعي الوسطاء في الشرق الأوسط التقوا قبل أسبوعين في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة وأعربوا عن موقفهم الموحد في دعم الجهود التي يترأسها الأميركيون الآن ممثلين بشخص السناتور جورج ميتشل للاتفاق على شروط إجراء مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأكد لافروف أن «هذا العمل غير بسيط» مشيرا إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو تتخذ موقفا متشددا أكثر من الحكومة السابقة وهذا يتطلب بذل جهود إضافية لخلق الظروف من أجل استئناف المفاوضات.

وأشار لافروف أيضا إلى أن موسكو لا تتخلى عن هدف عقد مؤتمر دولي حول تسوية أزمة الشرق الأوسط. وحسب قوله فإن المؤتمر سيعقد حالما يتم واقعيا استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية. وأعلن أيضا: «بهذا سنتمكن من تحشيد دعم دولي قوي لهذه المفاوضات بغية أن يتولى المجتمع الدولي الإشراف على هذه العملية». وبحسب لافروف فإن هناك أيضا بعض التطورات في موضوع استعادة وحدة الصف الفلسطيني بوساطة مصرية مكثفة. وأعرب عن الأمل في أن تكلل هذه الجهود بالنجاح. وقال «نحن ندعو جميع الفلسطينيين للتوصل إلى الوفاق عاجلا وبدء حياة سياسية واقتصادية طبيعية في الأراضي الفلسطينية جمعاء ككل موحد». كما قال لافروف إن روسيا تريد وضوحا أكثر فيما يتعلق بخطط الولايات المتحدة الأميركية لإقامة منظومة بديلة للدرع الصاروخية والتي من المقرر إكمالها عام 2018، حيث يخطط لصنع وسائل لمكافحة الصواريخ العابرة للقارات. وأضاف «إن الولايات المتحدة الأميركية عمدت بعد التخلي عن خطط نشر الدرع الصاروخية إلى إقامة نظام بديل الذي لن يشكل صعوبات بشأن منطقة التموضع الثالثة، ولكننا نريد أن نحصل على وضوح أكثر بصدد المراحل التالية». وتابع «لقد اتفقنا على العمل مع الشركاء الأميركيين بنشاط أكبر مما نقوم به الآن، بغية أن ننفذ تكليفات الرئيسين، وبغية أن نعمل كل شيء بهدف التوصل إلى اتفاق جديد حول تقييد الأسلحة الاستراتيجية الهجومية». وحسب قوله فإن الوفدين يعملان بصورة مكثفة وستبدأ الجولة التالية من المباحثات في الأسبوع القادم وستستغرق عدة أسابيع. وأضاف «في جوهر الأمر أن الوفدين سيعملان حتى ديسمبر (كانون الأول) في جنيف»، وأعلن لافروف أن الاتفاق تم بصدد بعض المسائل لكن بقيت أشياء تم الاتفاق بشأنها على مستوى الرئيسين لكنها لم «تترجم بعد إلى لغة التعاقد».