باكستان تبدأ هجوماً برياً واسعاً ضد طالبان والقاعدة باتجاه وزيرستان

القوات المدعومة بالدبابات والمدفعية تتحرك عبر 3 محاور > مقتل 4 جنود على الأقل في الهجوم وإصابة 4 في انفجار

القوات الباكستانية في طريقها أمس الى جنوب وزيرستان (أ.ب)
TT

بدأت قوات تابعة للجيش الباكستاني أمس تحركا باتجاه أبرز معاقل طالبان في وزيرستان الجنوبية شمال غرب باكستان، وذلك بعد تكثف هجمات متطرفين مرتبطين بالقاعدة في الأيام الأخيرة. وقال مسؤول رفيع المستوى في الجيش في شمال غرب باكستان طلب عدم كشف هويته لـ«الشرق الأوسط»، «تتجه القوات الى مناطق محسود، وحتى الآن الأمر لا يشمل جميع قواتنا بل بعض العناصر التي يتعين أن تنتشر هناك». وأضاف، تحركت القوات من دير إسماعيل خان وبيشاور باتجاه جنوب وزير ستان. مشيرا إلى ان هناك نحو 60 ألف جندي سيتم نشرهم باتجاه وزيرستان. وكانت الحكومة أعلنت منذ يونيو حزيران عن حملة برية واسعة في هذا الإقليم القبلي الذي يشكل معقل قبائل محسود التي يتحدر منها القسم الأكبر من مقاتلي طالبان باكستان. وهذه المجموعة هي المسؤولة بشكل رئيسي عن موجة اعتداءات خلفت نحو 2300 قتيل منذ أكثر من عامين في باكستان. ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، شرد نحو 80 ألف شخص منذ شهر مايو أيار، عندما بدأت الطائرات الباكستانية هجماتها لتدمير مواقع المسلحين. وقال همايون خان، مفوض منطقة ديرا إسماعيل خان المتاخمة لوزيرستان الجنوبية، ان الحكومة تتوقع أن يصل عدد النازحين داخليا إلى 120 ألفا. وأضاف «أقمنا أربعة مراكز في دير إسماعيل خان لتسجيل أسماء اللاجئين». تأتي عملية الأمس في أعقاب سلسلة من الهجمات الانتحارية التي استهدفت منشآت أمنية في أنحاء باكستان، التي خلفت أكثر من 160 قتيلا، العديد منهم مدنيون. ويقول الجيش الباكستاني إن فرقتين قوامهما حوالي 28 ألف جندي تواجهان ما بين 10 آلاف إلى 15 ألفا من المسلحين المدربين والمزودين بالأسلحة في تلك المنطقة الجبلية الوعرة. وقال مسؤول استخباراتي، تحدث بشرط عدم ذكر اسمه، ان القوات البرية، المدعومة بالدبابات والمدفعية، تتحرك عبر ثلاثة محاور صوب معاقل المسلحين في المنطقة. وأضاف «اتخذ مسلحو طالبان مواقع في الجبال وهم يستهدفون قواتنا من الخنادق الحصينة تحت الأرض». وتأتي العملية العسكرية بعد أشهر من الضربات الجوية التي استهدف بها الجيش الباكستاني مخابئ طالبان تمهيداً لتقدم القوات البرية، التي أدت لفرار مئات الآلاف من المدنيين. وذكرت المصادر أن المروحيات العسكرية والطائرات المقاتلة بدأت قصف الأهداف، كما قام الجيش بإغلاق منافذ الهروب. وتدخل العملية العسكرية في سياق سلسلة من الحملات تهدف لاجتثاث الحركة التي صعدت من هجماتها داخل باكستان واستهدفت مقار حكومية وأمنية، أوقعت أكثر من 150 قتيلاً في الآونة الأخيرة. وأسفرت آخر تلك العمليات، واستهدفت مركزاً للشرطة في مدينة «بيشاور» أول من امس، عن مقتل 13 شخصاً، معظمهم من المدنيين. وأثارت موجة الهجمات الأخيرة القلق إزاء قدرات قوات الأمن الباكستاني في السيطرة على الوضع، كما زادت الضغوط المحلية والدولية على حكومة إسلام آباد لاتخاذ خطوات سريعة وحاسمة ضد الميليشيات الطالبانية.  وتأتي العملية العسكرية بعد يومين من توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما، الخميس، تشريعا يضاعف المعونات غير العسكرية لباكستان ثلاث مرات إلى 7.5 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. وقتل أربعة جنود على الأقل وأصيب 12 آخرين بجروح منذ بدء الهجوم البري الذي شنه الجيش الباكستاني ضد أهم معاقل طالبان حلفاء القاعدة في جنوب وزيرستان شمال غرب باكستان، على ما أعلن الجيش. ونقلت قناة «آج» التلفزيونية الباكستانية عن مسؤول أمني قوله إن مسلحين، يشتبه في انتمائهم لحركة طالبان باكستان، قاموا بتفجير القنبلة بجهاز التحكم عن بعد (الريموت كونترول) لدى مغادرة القافلة قاعدة رازماك العسكرية. وقال مسؤول امني آخر ان القافلة كانت في طريقها لموقع عسكري في المنطقة. مضيفا ان إحدى العربات دمرت جراء الانفجار. وفي إظهار للوحدة قبل الهجوم البري أعلن مسؤولو الحكومة وزعماء الأحزاب السياسية دعمهم الكامل للجيش الذي تعهد استئصال شأفة المتشددين واستعادة سلطة الدولة. وقال طارق حياة خان المسؤول بالمناطق القبلية للبشتون العرقيين خلال الهاتف، العملية البرية بدأت. ولم يعط مزيدا من التفاصيل ولم يتسن الحصول على تعليق من متحدثين عسكريين. ويقول الجيش ان نحو 28 ألف جندي متأهبين لمواجهة ما يقدر بعشرة آلاف من مقاتلي طالبان. وقال مسؤولون أمنيون إن نحو 500 من قوات الكوماندوز وصلوا الى المنطقة أمس.

وعزز الجيش الهجمات الجوية والقصف بالمدفعية في الأيام القليلة الماضية لإضعاف دفاعات المتشددين بينما هرب المدنيون. وشن المتشددون سلسلة من الهجمات خلال الاثني عشر يوما الماضية إذ هاجموا مقار للأمم المتحدة والجيش والشرطة مما أسفر عن مقتل نحو 150 شخصا في محاولة لدرء هجوم الجيش على ما يبدو. واطلع قائد الجيش الجنرال أشفق كياني مسؤولي الحكومة وقادة الأحزاب السياسية أمس على الهجوم، واتفقوا جميعا على أن المتشددين شكلوا تهديدا شديدا لسيادة واستقلال الدولة. وقال مكتب رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني «تأكد الإجماع الوطني على فرض سلطة الدولة لاستئصال هذه العناصر». وفر أكثر من 800 ألف شخص من وزيرستان الجنوبية توقعا منهم للهجوم. وقالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة ان عددا اكبر من الناس فروا الأسبوع الماضي. وفي وقت سابق من اليوم قال مسؤول حكومي ان السلطات فرضت حظرا للتجول على طول الطرق في وزيرستان الجنوبية لحماية القوات التي تتحرك باتجاه معاقل المتمردين. وقال مسؤول بالمخابرات ان الجنود والدبابات والمدفعية يجري نقلها باتجاه مناطق المتشددين. وعلقت على ما يبدو خدمات الاتصالات الهاتفية في المنطقة. وقال مسؤول آخر بالمخابرات، إن قنابل زرعت على طرق انفجرت قرب قوافل عسكرية في كل من إقليمي وزيرستان الجنوبية والشمالية مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة خمسة. وتقدمت طالبان الباكستانية باتجاه إسلام اباد في وقت سابق من العام الحالي مما زاد المخاوف بشأن استقرار باكستان حليفة الولايات المتحدة. لكن المكاسب الكبيرة التي حققها الجيش في وادي سوات شمال غربي اسلام آباد طمأنت الولايات المتحدة وحلفاء آخرين بشأن التزام باكستان بقتال المتشددين.