ضعف يتهدد «القاعدة» ويمنعها من تنفيذ هجمات

التنظيم يتوجّه لجذب مجنّدين من آسيا الوسطى وتركيا لتعويض خسائره وتراجع أيديولوجيته

TT

يعاني تنظيم «القاعدة» من حالة من الوهن بسبب خسارته قادة ومقاتلين وغياب التمويل وتراجع جاذبيته الأيديولوجية، ومن ثمّ ضعفت قدرة التنظيم المتطرف على تنفيذ هجمات ضد أهداف داخل الولايات المتحدة وغرب أوروبا، وهذا حسب ما يقوله مسؤولون متخصصون في مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، لا يزال تنظيم « القاعدة» والتنظيمات المتحالفة معه، التي تتخذ بالأساس من باكستان مقرا لها، يطرح تهديدا ولا سيما بسبب القدرة المتنامية على جذب مجنّدين من آسيا الوسطى وتركيا لمعادلة التراجع في عدد المسلحين القادمين من العالم العربي ومن الغرب. وتحظى القوة النسبية لتنظيم «القاعدة» في هذه الأيام بأهمية في النقاش المعقد الدائر حاليا داخل واشنطن بخصوص مستوى عدد القوات الأميركية خلال الفترة المقبلة والتكتيكات المستخدمة داخل أفغانستان وباكستان. وعلى الرغم من أن هناك خلافا داخل إدارة أوباما إزاء أفضل السبل للتعامل مع حركة طالبان داخل أفغانستان، فإن جميع من في الإدارة يتفقون على أن الأولوية الكبرى هي هزيمة تنظيم «القاعدة» حيث لا يزال تنظيم «القاعدة» الإرهابي ملتزما بالجهاد ضد الغرب بهدف القيام بهجمات مماثلة للهجمات التي قام بها التنظيم في عام 2001 أو تنفيذ هجمات أشد، وهذا على عكس ما حدث مع حركة طالبان. ويقول مسؤولون استخباراتيون غربيون إن التنظيم، الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب الضربات التي تلاحقه باستخدام الطائرات الأميركية التي تعمل من دون طيار ويواجه عملية عسكرية يحتمل أن يقوم بها الجيش الباكستاني ضد معاقله، يعاني بدرجة أكبر بسبب شقاق داخلي وخلافات مع مجموعات قبلية. وقال مسؤول بريطاني بارز في مجال مكافحة الإرهاب خلال مقابلة أجريت معه أخيرا: «لقد خرج بعض الأفراد ذوي الخبرة من المعادلة». وأضاف المسؤول الذي رفض ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع: «هناك حالة من الخوف وانعدام للأمن وشكوك بخصوص الأفراد الذين يصلون من الخارج ومخاوف من وجود جواسيس وحدوث اختراق». وقد سفك تنظيم «القاعدة» الدماء في الغرب في يوليو (تموز) 2005 عندما استهدف بهجوم نظام النقل داخل لندن وأدى ذلك إلى مقتل 52 شخصا. وساعد التعاون الدولي وعمليات الاختراق من قبل هيئات استخباراتية غربية على تقويض هجمات لاحقة وعزز من ذلك حملة متزايدة من الضربات باستخدام طائرات من دون طيار أدت إلى مقتل الكثير من قيادات «القاعدة» وفاقمت من حالة الانقسام بين الحركات المتطرفة. ويضيف المسؤول البريطاني: «هناك إجهاد لتنظيم «القاعدة» ككيان، فقد وطن نفسه في (شمال غرب باكستان) على مدار الأعوام عن طريق الزواج وعلاقات مع القبائل. ويبدو أن هذه الضربات أضعفت هذه الصلات مع السكان المحليين».

ولا يزال بعض العرب والغربيين يصلون إلى أماكن التدريب في وزيرستان على الرغم من أن أعدادهم قد تراجعت بدرجة كبيرة مع تحسن أداء الهيئات الاستخباراتية في تعقب المتدربين والقبض عليهم. ويُعتقد أن مسلحين بريطانيين تدربوا في باكستان خلال العام الماضي يبلغ عددهم العشرات وليس المئات، حسب ما قاله المسؤول.

وتقول الهيئات الفرنسية، إن أعداداً صغيرة من المسلحين من فرنسا يذهبون إلى باكستان. ولم يرصد مسؤولون إيطاليون في مجال مكافحة الإرهاب أي مجندين من إيطاليا قاموا بالسفر إلى باكستان منذ 2005 أو 2006، حسب ما قاله أرماندو سبارتارو، وهو مدع بارز يعمل في قضايا الإرهاب بميلان. ويقول خبير، إن تراجع أعداد المجندين الأجانب يأتي بصورة جزئية بسبب حركة ارتجاعية فكرية داخل العالم الإسلامي. وأشار الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الحالة المترهلة التي يعاني منها التنظيم الإرهابي الأسبوع الماضي خلال زيارة مع مسؤولين أميركيين يعملون في مجال مكافحة الإرهاب. وقال: «بسبب الجهود التي نبذلها، فقد تنظيم القاعدة وحلفاؤه القدرة على القيام بعمليات بالإضافة إلى شرعيته ومصداقيته».

ويظهر عدد المؤامرات التي تم إجهاضها داخل الغرب التي أدارها تنظيم «القاعدة» أو أوحى بها أن كفاءة عملاء التنظيم تتراجع، حسب ما قاله مارك ساجمان خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ خلال الأسبوع الماضي. وأضاف ساجمان، وهو ضابط سابق بوكالة الاستخبارات المركزية وخبير في قسم الشرطة بنيويورك: «مكافحة الإرهاب تؤتي ثمارها، فلم تعد التنظيمات الإرهابية تستطيع اختيار أفضل المرشحين كما كانت تفعل خلال التسعينات. ولا يوجد برنامج تجنيد بتنظيم «القاعدة»، ويعتمد التنظيم وحلفاؤه بالكلية على متطوعين يقدمون أنفسهم».

وفي العديد من الحالات أخيرا، يقال إن المتدربين الغربيين داخل باكستان اتصلوا بمصطفى أبو اليزيد، المعروف باسم الشيخ سعيد، وهو قيادي مالي مصري. ويقول المسؤول البريطاني إن أبو اليزيد يتولى مسؤولية الأعمال اليومية للتنظيم فيما يقضي أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري الوقت في محاولات لتجنب الوقوع في الأسر. وكان رشيد رؤوف، وهو بريطاني باكستاني قتل في هجوم صاروخي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) يتولى بدرجة كبيرة مسؤولية تنسيق عملية تدريب وتوجيه القادمين من دول غربية. ويعتقد محققون أن رؤوف كان المسؤول عن عملاء بريطانيين في مؤامرات تعود إلى عملية تفجير تم إحباطها في لندن عام 2004. وقد ذكر متدرب فرنسي أدلى باعترافات العام الحالي تفاصيل للشرطة الفرنسية يدعى وليد عثماني، وهو تونسي الأصل، أنه تدرب في منطقة وزيرستان مع مجموعة أغلبها من العرب تضم ما بين 300 و500 مقاتل، حسب ما أفاد به تقرير للشرطة الفرنسية قدمه محامي دفاع. وقال عثماني للمحققين: «إن رئيس العرب... من أصول مصرية، ويمكن أن يكون هناك أشخاص من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وأغلبية من العرب». ويقول مسؤولون في مجال مكافحة الإرهاب، إن تقدير عثماني يتماشى بدرجة كبيرة مع معلومات استخباراتية سابقة.