الداخلية البريطانية تنفي تخصيص مشروع للتجسس على المسلمين

مدير مؤسسة «كويليام» لـ «الشرق الأوسط»: من الضروري التصدي لأفكار الأصوليين وإظهار عدم انسجامهم مع الإسلام المتسامح

TT

نفت وزارة الداخلية البريطانية أمس، تخصيص 140 مليون جنيه إسترليني سنويا لمشروع مكافحة التطرف للتجسس على الشباب المسلمين الأبرياء. وجاء نفي الوزارة ردا على تقرير معهد العلاقات العرقية، الذي قال إنه تم استخدام ما أطلق عليه «مخطط الردع» لإقامة أحد أكثر نظم المراقبة تعقيدا في بريطانيا على الإطلاق. وجاء في تقرير المعهد أن المدرسين والشباب والعاملين بالمجتمع المحلي والعاملين في المجال الثقافي تتنامى لديهم مشاعر الغضب وتعرضهم لضغوط للإدلاء بمعلومات كشرط لتلقي التمويل اللازم لعملهم. وأشار التقرير إلى أن من بين التفاصيل التي طلب من هؤلاء العاملين الإدلاء بها آراؤهم السياسية وتقييم قواهم العقلية وحياتهم الجنسية، فضلا عن سجل الحالة الجنائية في جرائم اتهموا بها. ولفت إلى أن ثمة أدلة قوية أيضا على أن جزءا كبيرا من البرنامج «وضع ضباطا من شرطة مكافحة الإرهاب في مجال تقديم الخدمات المحلية». ولم تعبر الجماعات الإسلامية فقط عن مخاوفها الجدية من استخدام البرنامج للتجسس على المسلمين، بل شمل ذلك عمالا شبابا ومدرسين وآخرين رفضوا الكشف عن أسمائهم خشية فقدان وظائفهم. إلا أن ماجد نواز، المسؤول الدولي السابق عن التجنيد بجماعة «حزب التحرير» الإسلامية الذي انشق عن التنظيم الأصولي بعد قضائه أربع سنوات في سجون مصر بتهمة الانتماء للحزب، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه من الضروري التصدي لأفكار الأصوليين وإظهار عدم انسجامهم مع الإسلام التعددي المتسامح. وأضاف نواز الذي يشغل اليوم منصب مدير مؤسسة «كويليام» البحثية لمكافحة التطرف الأصولي بوسط لندن، أن ما يكتب في بعض الجرائد عن تجسس الحكومة على المسلمين في بعض الأحيان مبالغ فيه، حيث من المعروف أنه من الضروري جمع المعلومات عن المشتبه فيهم بالتطرف الأصولي، طالما أن هذا ضمن الإطار القانوني، ولا يمكن أن تكافح أجهزة الأمن الإرهابيين بدون جمع المعلومات. وكشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن الحكومة البريطانية بدأت تستخدم برنامجا للتجسس على المسلمين «الأبرياء» وجمع معلومات عنهم. ووفقا لوثائق اطلعت عليها الصحيفة، فإن المعلومات التي ترغب السلطات في الحصول عليها تتعلق بالتوجهات السياسية والدينية والصحة العقلية والأنشطة الجنسية ومعلومات حساسة أخرى عن هؤلاء الأبرياء، مشيرة إلى أن هذه المعلومات سيتم الاحتفاظ بها حتى بلوغ أصحابها عمر مائة سنة.

وأوردت الصحيفة أمثلة على تجسس البرنامج على المسلمين، فعلى سبيل المثال لا الحصر ارتبط تمويل مشروع الصحة العقلية لمساعدة المسلمين في مقاطعة ميدلاند بتمرير معلومات عن الأفراد إلى السلطات، في حين اعتبر البرنامج طالبا في إحدى كليات شمال إنجلترا متطرفا محتملا لمجرد حضوره اجتماعا عن غزة. وقد رفضت بعض الجماعات برنامج تمويل المشروع لمكافحة التطرف لاشتراطه صراحة على تقاسم المعلومات مع الوكالات الحكومية، ومن بينها هيئات تنفيذ القانون. وقد عبرت مديرة حملة الحريات المدنية في منظمة «ليبرتي» شامي شاكرابارتي عن صدمتها حيال البرنامج، ووصفته بأنه أكبر برنامج للتجسس الداخلي يستهدف أفكار ومعتقدات الأبرياء في بريطانيا في العصور الحديثة. وخلص التقرير الذي اعتمد في جزء منه على إجراء مقابلات مع العاملين في المجتمع المحلي لمدة ستة أشهر إلى أنه «من المناسب تماما وضع الشرطة وجهاز المخابرات عددا من المسلمين تحت المراقبة».

وأضاف التقرير «أنه من الصحيح أيضا إتاحة القنوات لمهنيين آخرين مثل العاملين في مجال الشباب والمعلمين لتقديم معلومات للشرطة حول ما إذا كانت هناك أسباب تدعو للاعتقاد بأن ثمة فردا متورطا في عمل إجرامي».

إلا أنه قال «إن المهم هو ما إذا كان غير المهنيين ممن يقدمون خدمات محلية لا تتصل بعمل الشرطة مثل العاملين في مجال الشباب والمعلمين ينبغي عليهم تقديم معلومات بصورة دورية لشرطة مكافحة الإرهاب، ليس فقط حول أفراد ربما يكونون معرضين لخطر ارتكاب جريمة جنائية، ولكن أيضا حول الآراء السياسية والدينية للشباب وديناميات المجتمع المسلم المحلي ككل». من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الداخلية إن «أي إشارة إلى أن مخطط الردع يقوم على التجسس، فإن ذلك ببساطة رأي خاطئ». وأضاف أن «المخطط يقوم على العمل مع المجتمعات المحلية لحماية الضعفاء ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف». يذكر أن عدد المسلمين في بريطانيا 1.6 مليون مسلم تقريبا معظمهم من شبه القارة الهندية