خبراء في القانون الدولي: لا مفر من أن تشكل إسرائيل لجنة تحقيق لتتفادى العقوبات الدولية

ساركوزي وبراون يريدان من أوروبا أن تسخر تقرير غولدستون لإطلاق عملية السلام ووقف الاستيطان

عجوز فلسطيني يعبر حاجزا اسرائيليا محني الظهر في طريقه الى كرم زيتونه في قرية سالم شمال شرق نابلس، امس (ا ب)
TT

أجمع خبراء إسرائيليون في القانون الدولي على أن السبيل الوحيد لتفادي خطر فرض عقوبات على إسرائيل جراء تقرير غولدستون، حول جرائم الحرب التي ارتكبتها خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، الذي اعتمده أول من أمس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هو تشكيل لجنة تحقيق رسمية من قضاة إسرائيليين ذوي مصداقية دولية.

وقال البروفسور زئيف سيغال، الذي يعتبر من أهم الخبراء في المجال، إن مسار المناقشات في الأمم المتحدة (مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي)، قد لا ينتهي بعقوبات ضد إسرائيل. ولكن التعامل الدولي مع الموضوع يلحق ضررا فادحا بها وبعلاقاتها وسمعتها ومستقبل ارتباطاتها مع دول العالم. وقد يكون تقرير غولدستون بداية لتحويل إسرائيل إلى مرمى سهام عالمي، كما حصل لنظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا في حينه. ولذا، فلا مفر أمام الحكومة الإسرائيلية سوى إقامة لجنة تحقيق ذات صلاحيات قضائية (أي تستطيع التوصية بإعداد لوائح اتهام).

وكانت القيادات السياسية الإسرائيلية قد هاجمت قرار مجلس السلام العالي، زاعمة أنه «قرار سياسي وليس موضوعيا، اتخذته بلا مصداقية، خصوصا في موضوع حقوق الإنسان، حيث إن الغالبية الساحقة من هذه الدول، تنتهك حقوق الإنسان في بلدانها، ولكنها تؤيد بشكل تلقائي أي مشروع قرار طالما أنه موجه ضد إسرائيل». وقال داني أيلون، نائب وزير الخارجية، إن «غالبية الدول الأوروبية التي تؤمن بحقوق الإنسان، اتخذت مواقف مغايرة لمواقف الأكثرية الأوتوماتيكية المعادية لإسرائيل. وهذا يبشر بالخير في المستقبل، إذ إن هذه الدول أو بعضها على الأقل ستمنع اتخاذ إجراءات عقابية تجاه إسرائيل في المراحل القادمة من بحثه».

ولكن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أدرك أنه يواجه «تسونامي» سياسي، فدعا كبار وزرائه إلى اجتماع سري طارئ، بعد ظهر أول من أمس، وأوضح فيه أن على إسرائيل أن تستعد لمواجهة حملة طويلة الأمد. فالقرار في مجلس السلام العالمي «جعل من عملية «الرصاص المتدفق» في غزة دفاعا غير شرعي عن النفس وعلينا أن نجعل من هذا الموقف موقفا غير شرعي». وفسر نتنياهو ذلك بالقول إنه يجب تجنيد الدول التي تكافح الإرهاب، لأن سحب الشرعية من حرب إسرائيل على الإرهاب يسحب الشرعية منها أيضا. بيد أن الحاضرين في اللقاء بدوا مدركين أن صد الهجوم الدولي على إسرائيل بسبب ارتكابها جرائم حرب، هو ليس بهذه البساطة. ولذلك، فقد تقرر القيام بمبادرات سياسية إلى جانب المعركة ضد تقرير غولدستون وتبعاته. وأقيم طاقم خاص لهذين الغرضين يضم إضافة إلى نتنياهو، وزراء الدفاع، إيهود باراك، والخارجية، أفيغدور ليبرمان، والقضاء، يعقوب نئمان، والتنسيق مع يهود العالم، يتسحاق هرتسوغ، ونواب وزراء ومديرين عامين لبعض الوزارات. وتلقى نتنياهو رسالتي دعم من الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، اللذين امتنعا عن التصويت على القرار في مجلس السلم العالمي. وقال براون وساركوزي في رسالتيهما، إنهما يعتبران تقرير غولدستون موضوعا صعبا وبالغ الحساسية للإسرائيليين والفلسطينيين، ولكنهما يعترفان بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس وتوفير الأمن لشعبها. وهنا يوضح الرئيسان الاتجاه المستقبلي بعد تقرير غولدستون: «هو أن أفضل وسيلة لتحقيق الأمن، هي بالسلام الحقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين وسائر العرب». ويحددان المطلوب للمرحلة القادمة: «إجراء تحقيق مستقل في الحرب على غزة، وقف البناء الاستيطاني، فك الحصار عن قطاع غزة، إطلاق مفاوضات السلام بإشراف الولايات المتحدة الأميركية».

وكان الناطق بلسان الخارجية الأميركية، ايان كالي، قد أعلن أن بلاده تؤيد تقرير غولدستون، ولكنها ترفض استغلاله بشكل غير متوازن كما حصل في مجلس السلم العالمي. وتتخذ مواقفها منه بشكل مفيد للمستقبل. والشكل المفيد، حسب كالي، هو دفع عملية السلام للمستقبل.

في الوقت ذاته قال ايان كيلي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن اعتماد تقرير غولدستون من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لا يعني أنه سيناقش في مجلس الأمن الدولي. من جهة ثانية، انتقد القاضي اليهودي رتشارد غولدستون، قرار مجلس حقوق الإنسان، وقال إنه غير متوازن. واستهجن استثناء حركة حماس، وهي التي يؤكد التقرير أنها ارتكبت جرائم حرب عندما استخدمت المواطنين الفلسطينيين دروعا بشرية في مواجهة الهجوم الإسرائيلي، واتخذت من الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات مخابئ لرجالها أو قواعد لإطلاق صواريخها على البلدات الإسرائيلية.