عميد المعهد الملكي المغربي للثقافة الأمازيغية: لا نمول أي مشروع يمس الهوية المغربية

قال إن إدراجها كلغة رسمية في الدستور شأن سياسي بامتياز

عائشة موحجار من اللجنة العلمية للمعهد وأحمد بوكوس عميد المعهد، وعمر أسرا من القناة التلفزيونية الثانية ومحمد لمنور عضو المجلس الإداري، خلال اللقاء الصحافي بالرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

قال أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المغرب، إن هناك جملة من التحديات ما زالت تواجه الأمازيغية، لغة وثقافة وحضارة، وتحول دون انتشارها بشكل كاف في مختلف مظاهر الحياة العامة، لا سيما في التعليم والإعلام والقضاء والإدارات العمومية.

وأوضح بوكوس خلال لقاء صحافي، عقد الليلة قبل الماضية في الرباط، أن موقف المعهد من المطالبة بجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي، وهو أحد المطالب التي تنادي بها الجمعيات الأمازيغية والحقوقية، يندرج في إطار الإصلاح الدستوري، وقال ردا على سؤال لـ «الشرق الأوسط»، «هذه مسألة سياسية بامتياز»، ملمحا إلى أن الموضوع من مهام النخبة السياسية للبلاد، وسبق للمعهد أن اعد منذ سنوات مذكرة في الموضوع.

وأشار بوكوس إلى أن المعهد لا يكن أي عداء للدين الإسلامي، ولا للغة العربية، ولا لأية لغة أو ثقافة أخرى، وقال «إذا كانت هناك جمعيات لها توجه أو تحليل ما، فهذا يخصها وحدها، ولا يعني المعهد الذي يتعامل معها في إطار من الاستقلالية التامة، وبناء على احترام متبادل». وأكد بوكوس أن المعهد لا يمول أو يساند أي مشروع يمس الهوية المغربية في مكوناتها ومعتقداتها. وأشار بوكوس إلى أن هناك 600 جمعية أمازيغية تنشط في الحقل الثقافي، ولن يتردد المعهد في دعمها، أما بخصوص الجمعيات التي تضع مسافة بينها وبين المعهد، ولها رأي معين فيه، «فهذا لا يطرح بالنسبة لنا أي إشكال، فهي حرة في آرائها، التي نحترمها، رغم عدم اتفاقنا معها» على حد تعبيره.

وأعلن بوكوس أن المعهد منفتح على الشباب، وأعد لهم مجموعة من المشاريع المتعلقة بهم، وقام أخيرا بتوظيف 10 شباب حاملين لشهادة «الماستر» في الدراسات الأمازيغية.

وقال بوكوس إن المهام التي أناطها العاهل المغربي الملك محمد السادس بالمعهد، هي مهام ذات طبيعة سياسية وأكاديمية، مشيرا إلى أن المهمة السياسية للمعهد تتمثل في إبداء الرأي للعاهل المغربي، في التدابير التي من شأنها الحفاظ على الثقافة الأمازيغية، والنهوض بها، وتعزيز مكانتها.

كما يتمثل دور المعهد، يضيف بوكوس، في تعاونه مع السلطات الحكومية والمؤسسات المعنية وإسهامه في اقتراح تدابير ملائمة للنهوض بالأمازيغية في إطار السياسات العمومية، ضمن اتفاقيات الشراكة مع كل من وزارة التربية الوطنية، ووزارة الاتصال (الإعلام)، ووزارة الثقافة، ووزارة الداخلية، ومع مؤسسات أخرى مثل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وديوان المظالم، والجامعات المغربية والأجنبية، وغيرها من الهيئات والمنظمات ذات الاهتمامات المماثلة.

وذكر بوكوس أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي أنشئ بموجب ظهير شريف (مرسوم ملكي)، والذي أعلن عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب ببلدة أجدير (وسط) يوم 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2001، يقوم بالمساهمة، بتعاون مع السلطات الحكومية، والمؤسسات المعنية، في «إدراج الأمازيغية في النظام التعليمي، وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والإقليمي والمحلي».

وتطرق بوكوس إلى نشاط المعهد في المجال الأكاديمي، مؤكدا أنه أصبح تدريجيا قطبا مرجعيا، في ميدان الدراسات والأبحاث في حقل الأمازيغية، إن على الصعيد الوطني أو الدولي، «إذ قام المعهد ما بين 2003 و2009، بإصدار 150 مؤلفا، تغطي مجالات اللغة والأدب والفنون والتربية والترجمة والعلوم السياسية والاجتماعية، ذلك أن عدد إصدارات المؤسسة، خلال هذه الحقبة الوجيزة من عمره، تفوق بكثير ما راكمته المكتبة المغربية منذ خمسين سنة في مجال الأمازيغية».

وكشف بوكوس أن اللقاء الذي جرى أخيرا بالرباط بين مسؤولي المعهد وعباس الفاسي رئيس الوزراء المغربي، تم خلاله التطرق إلى القضايا ذات الصلة بالعمل الحكومي في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية، ولا سيما ترسيخ وتعميق إدماج الأمازيغية في النظام التعليمي،ومسألة تسجيل المواليد بالأسماء الأمازيغية، وحق إنشاء الجمعيات، وتكوين الأطر (الكوادر) في الأمازيغية بمؤسسات الخدمة العمومية، مثل القضاء وغيره، ومشروع القناة التلفزيونية الأمازيغية، المنتظر إطلاقها قريبا.

وأشار بوكوس إلى أن الفاسي أكد وجود إرادة لدى الحكومة من أجل تقوية دور المعهد، وحث السلطات التنفيذية على اتخاذ جميع التدابير لترجمة تلك الإرادة على أرض الواقع، في أفق النهوض بالأمازيغية، في جميع المؤسسات كلغة تواصل في إطار سياسة القرب.

كما أثيرت خلال اللقاء مع الفاسي، يقول بوكوس، جميع الإشكالات المطروحة حاليا على صعيد التعليم ومنها مسألة الإطار القانوني لتدريس الأمازيغية ومشكلة الكتاب المدرسي الذي لا يصل إلى بعض المناطق النائية في البلاد، وموقع الأمازيغية ضمن مشروع المخطط الاستعجالي للوزارة، وكذا العائق الأساسي الكامن في ضعف الموارد البشرية. إلى ذلك، نظم المعهد سهرة فنية بمسرح محمد الخامس بالرباط، تم خلالها توزيع جوائز المعهد على الفائزين في مجالات الثقافة والفنون والأدب.