نتنياهو يفكر في تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بشأن حرب غزة.. ويرفض وساطة تركية مع سورية

دمشق تشكك في مصداقية وموضوعية الدول التي امتنعت عن التصويت على تقرير غولدستون

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، يتحدث إلى ايلي يشاي وزير الداخلية، أثناء توجههما أمس إلى الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية بالقدس (إ.ب.أ)
TT

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمعركة دبلوماسية طويلة «لنزع الشرعية عن نزع الشرعية عن إسرائيل»، قاصدا بذلك اتهام الأمم المتحدة لإسرائيل بأنها ارتكبت جرائم حرب في قطاع غزة.

ويقول مسؤولون إسرائيليون «إن إسرائيل خسرت معركة، ولكنها لم تخسر الحرب». وتنصب جهود إسرائيل الآن بالتعاون مع الولايات المتحدة لمنع طرح التقرير على طاولة مجلس الأمن وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تجنيد الأغلبية داخل مجلس الأمن ضد التقرير.

وتعهدت الولايات المتحدة لإسرائيل، وفق ما ذكرته صحف إسرائيلية، باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي محاولة لإدانتها واتهامها بارتكاب جرائم حرب، وإحالة الملف إلى المحكمة الدولية في لاهاي.

ويبدو أن الورقة الرابحة بيد إسرائيل، هو تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في الحرب الإسرائيلية على غزة. ويتوقع الإسرائيليون أن تمارس دول صديقة وعلى رأسها الولايات المتحدة ضغوطا على تل أبيب من أجل ذلك.

وتخشى تل أبيب من أن يبادر المدعي العام في المحكمة الدولية إلى فتح تحقيق ضد إسرائيل بشكل مستقل، وذلك رغم كون إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الدولية.

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن نتنياهو لا يستبعد إقامة لجنة تحقيق، ولكنه يحتفظ بهذا الخيار كورقة أخيرة يستخدمها في الوقت المناسب. كما أن عددا من مساعديه يؤيدون هذا الخيار، كما يؤيده وزير شؤون الاستخبارات، دان مريدور.

وكانت لجنة وزارية إسرائيلية باسم «لجنة غولدستون» برئاسة نتنياهو اجتمعت حال صدور القرار يوم الجمعة الماضي لبحث تداعياته وانعكاساته على إسرائيل.

وقال نتنياهو في الاجتماع إن «إسرائيل لن تتنازل عن حقها في الدفاع عن نفسها». وأضاف أنه «ينبغي الاستعداد لجهود تستمر سنوات طويلة». داعيا إلى «عدم التراخي والوقوف بصمت لأنه ثمة مجتمعات متعقلة في العالم قد تصدق الادعاءات الموجهة إلينا».

ويرى نتنياهو أنه يمكن تحقيق هذه الأهداف من خلال حملة إعلامية واسعة وجادة في كافة أنحاء العالم. وزاد نتنياهو قائلا «يتعين على إسرائيل أن تجند إلى جانبها نواة صلبة من دول تشارك إسرائيل القيم ذاتها، وحشدها من وراء ادعاءات إسرائيل المحقة».

وتعكف الحكومة الإسرائيلية حاليا على تشكيل مكتب خاص للتنسيق بين كافة الوزارات الحكومية، وإعداد الخطط «للتصدي لتقرير «غولدستون» في كافة الجبهات».

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أدان إسرائيل بعد أن صوت لصالح تقرير القاضي الجنوب أفريقي، ريتشارد غولدستون، واعتمد القرار توصية غولدستون بإحالة موضوع جرائم الحرب إلى مجلس الأمن إذا لم تجر إسرائيل وحماس تحقيقات داخلية ذات مصداقية خلال ستة أشهر،وربما يحول الامر بعدها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ووافقت 25 دولة من بينها الصين وروسيا على القرار الذي أقره المجلس في اجتماع عقد في جنيف، بينما صوتت ست دول من بينها الولايات المتحدة ضد القرار التي اتهمته بأنه منحاز. وامتنعت 11 دولة عن التصويت. ولم تصوت أربع دول.

وكانت إسرائيل أعربت عن خيبة أملها من نتائج التصويت يوم الجمعة الماضي، وأعربت عن غضبها من تصويت الصين وروسيا والهند إلى جانب التقرير. وتوقعت إسرائيل أن لا تصوت روسيا مع القرار كي لا يشكل سابقة لاتهامها بارتكاب جرائم حرب في الشيشان. وردا على موقف الصين، أعلنت الخارجية الإسرائيلية، أن الوزير أفيغدور ليبرمان، قرر مقاطعة نشاط وجهت له السفارة الصينية في تل أبيب دعوة للمشاركة فيه.

وفي سياق ذلك، شككت سورية في مصداقية وموضوعية الدول التي امتنعت عن التصويت بخصوص قرار تبني مجلس حقوق الإنسان تقرير لجنة تقصي الحقائق في الحرب على غزة، واعتبرت سورية الامتناع عن التصويت بأنه «ازدواجية في المواقف»، إذ طالما أكدت تلك الدول على احترامها حقوق الإنسان والحرص عليها.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن ازدواجية المواقف لدى هذه الدول تجاه مسائل عدة، وفي مقدمتها حقوق الإنسان أمر يفقدها المصداقية والموضوعية، التي ينبغي توفرها في التعامل مع ما تطرحه بخصوص قضايا حقوق الإنسان».

وعبر المصدر ذاته عن موقف سورية المرحب «بتبني مجلس حقوق الإنسان في جنيف تقرير لجنة تقصى الحقائق في الحرب على غزة». وفيما أثنى المصدر على «مواقف الدول التي صوتت إلى جانب هذا القرار»، عبر عن أسفه «لتصويت بعض الدول ضد القرار، وامتناع دول أخرى عن التصويت عليه».

ورأى المصدر أن هذا الموقف يتناقض مع ما دأبت تلك الدول على تأكيده بأنها «تحترم حقوق الإنسان وتحرص عليها». وقال المسؤول «إن ازدواجية المواقف لدى هذه الدول تجاه مسائل عدة، وفى مقدمتها حقوق الإنسان أمر يفقدها المصداقية والموضوعية التي ينبغي توفرها في التعامل مع ما تطرحه بخصوص قضايا حقوق الإنسان».

من جهة أخرى، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن نتنياهو أعرب عن تحفظه من إمكانية أن تلعب تركيا دور الوسيط بين إسرائيل وسورية في أي مفاوضات سياسية مستقبلا.

وجاء ذلك، خلال الاجتماع الذي عقده نتنياهو في القدس مساء الخميس الماضي مع نظيره الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، بحضور وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخل موراتينوس.

وأضافت الصحيفة أن الوزير الإسباني قال لنتنياهو خلال الاجتماع إنه تبين له خلال زيارته لدمشق بأن أنقرة معنية باستئناف جهود الوساطة بين إسرائيل وسورية. فرد نتنياهو على ذلك بالقول إنه يتحفظ على استئناف الوساطة التركية في ظل السياسة التركية إزاء إسرائيل خلال الفترة الأخيرة. وأضاف «أي نوع من الوسيط النزيه يمكن للأتراك أن يكونوا؟».

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن ثاباتيرو وموراتينوس أبلغا نتنياهو أنهما لمسا لدى الرئيس السوري جدية حيال عملية السلام. وقالا إن الأسد «متزن وأكثر مسؤولية»، وأضافا أنه «يسعى للحوار مع الولايات المتحدة ويمكن التوصل معه إلى اتفاقات». فرد نتنياهو قائلا: «هل أنتما مقتنعان أن الأسد جدي؟ لا أرى أي مؤشر على ذلك».

وقال موراتينوس للقناة الأولى الإسرائيلية، إن الرئيس السوري أكد له خلال زيارته الأخيرة لدمشق أن الوقت حان لاتخاذ القرارات السياسية وجدد له التزامه بالسلام. وأعرب موراتينوس عن دعمه القوي لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية ـ السورية عبر الوسيط التركي.

ونقلت الصحيفة ذاتها عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها، إن الولايات المتحدة تدخلت للتخفيف من حدة الأزمة بين تركيا وإسرائيل، وتجري اتصالات مع المسؤولين الأتراك بهدف تطويق الأزمة.

وذكرت مراسلة الصحيفة في الولايات المتحدة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أجرى السبت محادثة مع الرئيس التركي عبد الله غل في هذا الشأن.