إيران تطلب من باكستان تسليم زعيم جند الله.. ووفد إلى إسلام آباد لتسليم دليل يورط مسؤولين أمنيين

قائد الحرس الثوري يتوعد أميركا وبريطانيا بإجراءات انتقامية.. وروسيا تعرض خدماتها على طهران لمحاربة الإرهاب

جانب من اجتماع فيينا بين ايران والقوى العظمى أمس (رويترز)
TT

طلب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من نظيره الباكستاني آصف علي زرداري، أمس، المساعدة في ملاحقة المسؤولين عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف قوات الحرس الثوري الإيراني، في محافظة سيستان ـ بلوشيستان، (جنوب شرق) أول من أمس، والذي يعد الأعنف منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) وأدى إلى مقتل العشرات معظمهم من قادة وعناصر الحرس. وأعلن قائد الحرس الثوري الإيراني بدوره أن بلاده ستطلب رسميا من إسلام أباد تسليمها عبد المالك ريغي، زعيم جماعة جند الله الإيرانية التي تبنت العملية، مؤكدا وجوده هناك، مؤكدا في الاتجاه نفسه تورط عناصر أمن باكستانيين في العملية، مشيرا إلى أن وفدا من طهران سيزور إسلام أباد لتقديم الدليل، قبل أن يطلق تهديدا شديد اللهجة في اتجاه أميركا وبريطانيا، بالتحذير من إجراءات انتقامية، بعد أن قال إن مخابرات البلدين دبرتا العملية بالتواطؤ مع باكستان.

وحسب حصيلة رسمية جديدة فإن 42 شخصا قتلوا في الهجوم الانتحاري معظمهم من عناصر الحرس الثوري، بالإضافة إلى 6 من القادة الكبار، وزعماء عشائر من المنطقة. وتضاربت أرقام الضحايا أمس. وبينما قالت وزارة الداخلية إن 29 شخصا هم القتلى، أشارت وكالة «فارس» للأنباء إلى أن ما بين 40 إلى 50 من عناصر الحرس الثوري لقوا حتفهم. وأكد الرئيس أحمدي نجاد لنظيره الباكستاني في مكالمة هاتفية أمس على «ضرورة التعاون المشترك لتحديد جدول زمني بنية مواجهة المجرمين الإرهابيين والقضاء عليهم» حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا). وطلب منه المساعدة في ملاحقة المسؤولين عن الهجوم. وقال أحمدي نجاد «تتمتع إيران وباكستان بعلاقات ودية.. ولكن وجود عناصر إرهابية في باكستان غير مبرر.. ويتطلب مساعدة الحكومة الباكستانية من أجل القبض سريعا على هؤلاء الإرهابيين.. عن طريق وضع جدول زمني ثنائي». وقالت الوكالة إن زرداري أعرب عن تعازيه ووافق على وضع جدول زمني لمواجهة جماعة جند الله المتمردة. ونقلت عن زرداري قوله إن الإرهابيين ارتكبوا أيضا العديد من الجرائم ضد باكستان ولهذا السبب بدأت الحكومة الباكستانية «عمليات كبيرة» ضدهم. وتقول إيران إن أعضاء بجماعة جند الله الإيرانية يعملون من الأراضي الباكستانية، وإن المهاجمين الذين شنوا هجوما أول من أمس على مجلس تقارب بين السنة والشيعة في بلوشيستان برعاية قادة الحرس الثوري، أتوا من باكستان، وإنهم يحصلون على دعم كبير من إسلام أباد.

وقال أحمدي نجاد في تصريحات أخرى إن «بعض مسؤولي الأمن» في باكستان تعاونوا مع العناصر التي تقف وراء الهجوم. ونقلت وكالة «فارس» عن نجاد قوله «علمنا أن بعض العناصر في باكستان تتعاون مع عناصر رئيسية في الحادث الإرهابي الذي وقع.. ونعتبر أن من حقنا المطالبة بتسليم هؤلاء المجرمين». وأضاف «نريد من الحكومة الباكستانية عدم تأخير اعتقال العناصر الرئيسية المشاركة في هذا العمل الإرهابي».

وبدوره أعلن الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني أمس أن إيران ستطلب من باكستان تسليمها عبد المالك ريغي زعيم مجموعة جند الله. وقال إن وفدا إيرانيا سيتوجه إلى باكستان لتسليم «دليل لهم لكي يعلموا أن الجمهورية الإسلامية مدركة للدعم الذي تقدمه (باكستان)» لمجموعة جند الله. ونقلت عنه وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية القول إن «الوفد سيطلب تسليمه (ريغي)». وقال جعفري إن مسؤولي الأمن الإيرانيين قدموا وثائق تشير إلى «صلات مباشرة» بين جند الله وأجهزة استخبارات أميركية وبريطانية و«للأسف» باكستانية.

وقال جعفري «ما من شك في أن هذا الشخص نفسه (ريغي) وخططه تقع تحت مظلة وحماية هذه الأجهزة الأميركية والبريطانية والباكستانية». وأضاف مهددا «وراء هذا المشهد جهازا المخابرات الأميركي والبريطاني وستكون هناك إجراءات انتقامية لمعاقبتهما».

وأدانت كل من الولايات المتحدة وباكستان وبريطانيا الهجوم، ونفت الدول الثلاث تورطها. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية «نرفض بأشد العبارات أي تأكيد على أن هذا الهجوم له علاقة ببريطانيا.. الإرهاب مقيت في أي مكان وجد فيه». وأدانت باكستان ما وصفته «بالعمل الإرهابي المروع» في منطقة قرب حدودها مع إيران قائلة إنها غير ضالعة في أي أنشطة إرهابية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية «باكستان لا تتورط في أنشطة إرهابية.. إننا نناضل لاستئصال هذا الخطر». وكانت واشنطن قد نفت الاتهامات أيضا أول من أمس، وقالت إنها «باطلة».

من جهته عرض الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس مساعدته على نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في «مكافحة الإرهاب والتطرف». وأكد ميدفيديف في رسالة تعزية وجهها إلى الرئيس الإيراني ونشرها الكرملين أن «مكافحة التهديدات المرتبطة بالإرهاب والتطرف أيا كان مصدرها تتطلب توحيد كل القوى في البلاد». وأضاف «نحن مستعدون للتعاون مع الجمهورية الإسلامية في مكافحة هذه التهديدات». وأكد ميدفيديف أنه «تلقى باستياء» نبأ مقتل «عشرات العسكريين والمدنيين الأبرياء» في الاعتداء. وقال «أدين بقوة هذه الجريمة الجديدة للمتطرفين وإنني واثق من أنه سيتم العثور على مدبريها ومنفذيها ومحاكمتهم».

وتقول جماعة جند الله التي يتزعمها عبد الملك ريغي والتي ألقي عليها باللوم في هجمات كثيرة منذ عام 2005 في الإقليم الصحراوي المتاخم لباكستان وأفغانستان، إنها تحارب الحكومة لإنهاء التمييز ضد السنة. وتشن الجماعة بقيادة عبد المالك ريغي، عمليات مسلحة تزداد ضخامة، مما يدل على ترسخها في ولاية سيستان بلوشستان وتحسن إمكاناتها اللوجستية. ونقلت وكالة «فارس» للأنباء عن إبراهيم حامدي المسؤول القضائي البارز في سيستان بلوشستان قوله إن أعضاء جماعة جند الله يخوضون حربا ضد الله ويواجهون الإعدام. وأضاف «عقوبة جريمة خوض حرب ضد الله هي الإعدام». وأعدمت إيران شنقا 13 شخصا يقال إنهم من أعضاء جند الله في يوليو (تموز) الماضي. وتضم إيران 71 مليون نسمة أكثر من 90% منهم من المسلمين الشيعة، إلى جانب أقلية سنية تستوطن بشكل أساسي المناطق الحدودية في البلاد. وأنشئت الجماعة المعروفة أيضا باسم «حركة مقاومة الشعب الإيراني» عام 2002 وتؤكد أنها تناضل من أجل حقوق الأقلية السنية. وأكدت مواقع على الإنترنت أن عبد المالك ريغي أكد تكرارا أن اللجوء إلى العنف مبرر للدفاع عن حقوق البلوش والسنة، منددا «بالتمييز بحق الشعب البلوشي». وتشير التقديرات إلى أن جماعة جند الله تشمل نحو ألف عنصر موزعين في فرق مسلحة. وسلمت باكستان عبد الحميد ريغي شقيق زعيم جند الله في يونيو (حزيران) 2008 وعرض على الصحافة في أغسطس (آب) المنصرم. آنذاك «اعترف» عبد الحميد ريغي أن جند الله مرتبطة بـ«القاعدة» والولايات المتحدة. وصرح «قالوا لنا إنهم سيزودوننا بكل ما نحتاجه من أموال وتجهيزات».