حزب الله يدرج الانفجارات في إطار تفكيك شبكات التجسس

«اليونيفيل» تلتزم الصمت.. وروايتان متناقضتان لحزب الله وإسرائيل.. ومصدر إسرائيلي يدعي تدمير شبكة اتصالات حزب الله

TT

طغى أمس ملف الجنوب اللبناني على سائر الملفات السياسية، وذلك بعدما شهدت البلاد نهاية أسبوع حافلة سجّلت فيها خروقا إسرائيلية «فاضحة وواضحة» للقرار 1701، تمثّلت بتفجيرها أجهزة تنصّت كانت قد زرعتها في واد بين حولا وميس الجبل في الجنوب. وعقب الحادث سارعت وزارة الخارجية اللبنانية إلى إرسال كتاب إلى «البعثة اللبنانية في نيويورك تمهيدا لإعلام مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالخروق الإسرائيلية للقرار 1701، تحضيرا للتقرير الذي سيعده الأمين العام عن مسار القرار المذكور»، بحسب ما أكّد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني فوزي صلوخ.

وفي ما يتعلّق بتوقيت عملية الزرع، ظهر تضارب في المعلومات، ففيما أفادت القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) أن أجهزة التنصت هذه زرعتها إسرائيل خلال حرب يوليو (تموز) 2006 على لبنان، من دون أن تعطي إثباتات تؤكد صحّة هذه المعلومات، أكد حزب الله أن عملية الزرع تمّت «بعد الحرب لا خلالها». وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» بالناطقة باسم «اليونيفيل» ياسمينا بوزيان لاستيضاح ما حصل وعما إذا كانت «اليونيفيل» تلقّت أي رد إسرائيلي عقب التحذير الذي أرسلته إلى إسرائيل، فضّلت بوزيان الاكتفاء بالبيان الذي صدر عن «اليونيفيل» وعدم التعليق «في انتظار نتائج التحقيق» الذي تجريه «اليونيفيل» والجيش اللبناني.

من جهة أخرى بدا مسؤولو حزب الله شبه غائبين عن توضيح ما حصل وإعطاء تفاصيل عن «الإنجاز النوعي للمقاومة»، كما جاء في بيان للحزب، لكن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» بلال فرحات قال لـ«الشرق الأوسط» إن تفجير هذه الأجهزة «يأتي في إطار تفكيك شبكات التجسس على مستوى الأفراد واستكمالا له». وفيما اكتفى بالبيان الصادر عن الحزب قال إن هذا الحادث يشكل «خرقا واضحا وفاضحا للقرار 1701». وردا على سؤال عن «حقول تجسس» مزروعة في الجنوب، قال: «إن العمل للكشف عن هذه الشبكات مستمر ودائم من خلال المقاومة والجيش».

وفيما امتنعت الجهات الرسمية في إسرائيل عن الإدلاء بأي موقف إزاء الانفجارات التي قالت إنها وقعت في منطقة الحولا في الجنوب اللبناني، ذكر مصدر غير رسمي أن الانفجار وقع «في دماغ شبكة الاتصالات العسكرية» التي يستخدمها حزب الله.

ولكن المصدر المذكور ادعى أن الانفجارات استهدفت «تدمير شبكة الاتصالات العسكرية التابعة لحزب الله»، وان مثل هذا التفجير تم بمهنية عالية لا يقدر عليها سوى وحدة كوماندوز خاصة من وحدات الجيش الإسرائيلي. وأضاف أن هذا الانفجار «يشكل ضربة لحزب الله شبيهة بالضربة التي تلقاها قبل أسبوعين بالانفجار شرق مدينة صور، والذي أودى بحياة أحد قادة الحزب في الجنوب، سعيد ناصر الدين». وادعى أن حزب الله اتفق مع الجيش اللبناني على موقف موحد يتم فيه إخفاء حقيقة الانفجار الأخير، وأن قوات «اليونيفيل» تعرف ذلك، ولهذا رفضت تبني الرواية اللبنانية لما حصل.

وقال المصدر الإسرائيلي إن الانفجارين المذكورين في لبنان يثيران قلقا شديدا في حزب الله، وإنه يشعر بالخطر على 300 مخزن سلاح أقامها خلال السنوات الثلاث الأخيرة في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني في لبنان. ولم تؤكد هذه المعلومات من أي مصدر إسرائيلي رسمي.

وكان حزب الله اعتبر في بيان تعليقا على «انفجار وادي حولا» أن «المقاومة الإسلامية، وفي إنجاز نوعي، كشفت وأحبطت عدوانا تجسسيا للعدو الإسرائيلي بعدما تمكنت الأجهزة المعنية في المقاومة من اكتشاف جهاز تجسسي وضعه العدو الإسرائيلي على خط سلكي بين بلدتي حولا وميس الجبل، والذي كان قد تم تمديده بعد حرب تموز 2006. وتبين أن هذا الجهاز مفخخ بعبوة ناسفة، وبعدما أدرك العدو انكشاف أمره فجّره. على الأثر اتخذت قوة من الجيش و(اليونيفيل) إجراءات، ما أدى إلى انكشاف عدد جديد من الأجهزة والعبوات ففجر العدو البعض منها وتم تفكيك البعض الآخر».

وأشار إلى أن «هذا الفشل الجديد للعدو يأتي بعد فشله في حماية جواسيسه على الأرض، الذين كُشف عدد كبير من شبكاتهم في الأشهر القليلة الماضية، وأن هذا الاعتداء الذي مارسه العدو يؤكد مرة أخرى استمراره في خرق سيادتنا الوطنية ومحاولة استباحة بلدنا في البر والجو والبحر، حيث لا يتوانى هذا العدو عن القيام بأي ممارسات تستهدف بلدنا».

وأمس لوحظ أن «اليونيفيل» رفعت درجة استعدادها في منطقة عملها في القطاع الشرقي من الجنوب، فكثفت حركتها الميدانية، إن لجهة الدوريات المؤللة أو لجهة المراقبة والدوريات الراجلة. كما نشطت ناقلات الجند الإسبانية العاملة في إطار «اليونيفيل» وسيّرت دوريات في كل الاتجاهات بالتنسيق مع الجيش اللبناني في المنطقة.

وفي الجانب الآخر من الحدود كان الإسرائيليون في حالة مشابهة، خصوصا بعد اكتشاف أجهزة التجسس، فسجلت حركة دوريات له على مقربة من الحدود الدولية مع لبنان، فيما غاب الطيران المعادي عن أجواء القطاع الشرقي اليوم.

وعلى الصعيد السياسي لقي هذا الحادث استنكارا واسعا واعتبر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خلال استقباله سفير فرنسا الجديد لدى لبنان دوني بييتونن، أن عمليتي الزرع والتفجير تشكّلان «خرقا إسرائيليا فاضحا للقرار 1701»، داعيا «المجتمع الدولي إلى التحرك لوضع حد لهذا الخرق».

كذلك قال صلوخ إن «ما قامت به إسرائيل بين منطقتي حولا وميس الجبل هو خرق فاضح وواضح للقرار 1701، ويؤكد أنها مستمرة في خرقها هذا القرار والسيادة اللبنانية، وأنها ما زالت مستمرة في حربها على لبنان». وأضاف: «إسرائيل عندما تزرع عبواتها في الأراضي اللبنانية ثم تعود وتفجرها، فهذا يدل على هذه العدوانية وعلى معرفتها أين تزرع عبواتها».