بوتفليقة يتابع شخصين قضائيا بتهمة «الإساءة إليه لفظا وكتابة»

القضية شكلت سابقة في تاريخ القضاء الجزائري

TT

في قضيتين منفصلتين تعدان سابقتين في تاريخ الجزائر، نظرت محكمتان في البلاد في قضيتين تتعلقان بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية»، بناء على دعوى قضائية رفعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عن طريق النيابة العامة.

ففي ولاية قالمة (500 كلم شرق العاصمة)، نظرت محكمة وادي الزناتي، أمس في قضية المزارع عبد الله العيسى، المتابع بتهمة «سب رئيس الجمهورية»، وإدانته بغرامة مالية قدرها 50 ألف دينار (350 دولارا).

وتعود وقائع القضية، حسب محاميه، إلى شهر يونيو (حزيران) الماضي حيث خرج غاضبا من مكتب رئيس الدائرة الإدارية للبلدة التي يسكن بها، وسمعه المسؤول الإداري يقول: «إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يتلفظ بالوعود والتعهدات ولكنه لا يلتزم ولا ينفذ أي شيء منها». ويرجع سبب غضبه إلى عدم اقتناعه بردود رئيس الدائرة بشأن مشكلة يعاني منها تتعلق باهتراء شبكة تطهير المياه.

وفور سماعه ما قاله المزارع الغاضب، سارع المسؤول المحلي إلى إبلاغ «وكيل الجمهورية» (القاضي) الذي أمر رجال الأمن باعتقاله. وخضع المزارع للتحقيق الإداري بشأن الوقائع المنسوبة إليه، ورغم أنه نفى كونه شتم الرئيس فقد أمر القاضي بوضعه في الحبس الاحتياطي، ووجه له تهمة «إهانة رئيس الجمهورية». وفي قضية أخرى مشابهة، رد أمس شخص يدعى الشريف أوشن، يقطن ببلدة عين مليلة (400 كلم شرق العاصمة) أمام القضاء، على مضمون رسالة وجهها إلى الرئيس بوتفليقة مطلع العام الحالي، يشكو فيها «تعسف العدالة». ويتعلق الأمر بحكم قضائي في نزاع عقاري جمعه بأحد أقاربه، حيث قدَر أوشن أن الحكم مجحف في حقه. وقد انتظر ردا من الرئيس على رسالته لكنه لم يصله شيء، فكتب رسالة أخرى إليه حملت عبارات حادة تعبر عن استيائه من عدم التجاوب مع رسالته الأولى.

وينص قانون العقوبات الجزائري على عقوبة السجن مدة تتراوح بين 3 أشهر و12 شهرا، وأداء غرامة مالية قيمتها 3 آلاف دولار، ضد أي شخص تثبت ضده تهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة، أو سبا أو قذفا سواء كان ذلك عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح بأية آلية لبث الصوت أو الصورة، أو بأية وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى». ولا توجد في القانون إشارة للجهة التي تمثل الرئيس أثناء المحاكمة.

وتعتبر متابعة الشخصين من طرف رئيس الجمهورية حادثة فريدة في تاريخ القضاء الجزائري والممارسة السياسية في البلاد، إذ لم يسبق للرؤساء الذين تعاقبوا على حكم الجزائر (عددهم ستة باستثناء بوتفليقة) أن رفعوا دعاوى قضائية ضد أشخاص عاديين أو آخرين في موقع المسؤولية. واللافت أن مادة القانون التي تتناول عقاب من يهين الرئيس، استحدثت عام 2001 بموجب تعديل أدخلته الحكومة على القانون. وقبل ذلك التاريخ لم يكن يوجد في كل النصوص القانونية ما يتيح للرئيس رفع شكوى عن طريق النيابة العامة.