هورماتس: الشركات الأميركية تنتظر تبلور بيئة استثمارية مرحبة للقدوم إلى العراق

وكيل وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: من المهم إصلاح النظام المصرفي العراقي داخليا

TT

تشدد الإدارة الأميركية على أهمية العلاقات الاقتصادية مع العراق، خاصة مع تنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي والعمل على نقل العلاقات بين البلدين من الإطار العسكري إلى علاقات ثنائية طبيعية. وتعتبر الحكومة الأميركية أن اندماج الاقتصاد العراقي بالاقتصاد العالمي عنصر مهم لعودة العراق إلى المسرح الدولي ولعب دوره الطبيعي في المنطقة والعالم. ويقود جهود الولايات المتحدة لتوثيق العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكيل وزير الخارجية الأميركية لشؤون الاقتصاد والطاقة والزراعة روبرت هورماتس، وقد ترأس خامس جولة من الاجتماعات العراقية – الأميركية أول من أمس حول العلاقات الاقتصادية بين البلدين في واشنطن. واعتبر هورماتس الاجتماعات «مجدية جدا»، موضحا أنه التقى بوزير المالية العراقي بيان جبر عدة مرات سابقا، مشيرا إلى «علاقات شخصية ومهنية جيدة معه» مما يسهل العمل بينهما. وأضاف أن «ما كان مفيدا للجانب الأميركي أن حصلنا على تقرير مباشر من الفريق العراقي حول التطورات في العراق وسياسات المالية ووضع قطاع الطاقة الذي أصبح مثيرا جدا في الفترة الأخيرة». وفي أول مقابلة له منذ تسلمه منصبه الشهر الماضي، قال هورماتس لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أسباب جيدة جدا للتفاؤل حول مستقبل التطور الاقتصادي والمالي، وبالطبع هناك تحديات ناقشناها مع القادة العراقيين». والتقى هورماتس مع المسؤولين العراقيين قبل يوم من انطلاق مؤتمر الاستثمار في واشنطن، الذي اعتبر أن «مجرد انعقاد المؤتمر بحد ذاته إنجاز وأمر مهم، ويظهر انتقال علاقاتنا من العلاقات العسكرية للعلاقات المدنية». وفي ما يخص اللقاءات الاقتصادية في واشنطن، قال هورماتس: «الأمر الذي ركزنا عليه أنه على الرغم من التحديات في ما يخص الإصلاحات داخل العراق، الولايات المتحدة ستدعم العراقيين بقوة لتخطي هذه الفترة». وشرح هورماتس أن التحديات التي تراها الإدارة الأميركية في العراق هي «إصلاح المصارف ودعم حكومي كبير لبعض القطاعات مما يثقل على الميزانية العراقية وهناك عدد من القطاعات التي تلعب الحكومة دورا كبيرا فيها مما يثير قلقا حول سير الاقتصاد وهذا جزء من الميراث في البلاد»، في إشارة إلى تدخل النظام العراقي السابق مباشرة في قطاعات عدة تريد الحكومة الآن تركها للسوق أو الخصخصة. وتابع: «طبعا هذه الأمور تعود للقيادة العراقية ولقراراتها ولدينا الكثير من الثقة أن المسؤولين والوزراء يتفهمون القضايا بشكل جيد ويعرفون أنه ليس بإمكانهم القيام بكل شيء بشكل فوري بل عليهم الاستماع إلى مجلس النواب وهذه ديمقراطية ونعلم أن الأمور لا تسير بشكل سريع»، مشددا على أهمية أن «تجري الإصلاحات داخليا». واعتبر هورماتس أن التعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار العراقي «يشكل تحسنا»، مضيفا: «هناك تفهم بأن المستثمرين الأجانب يعاينون العراق، وهناك تحسن، والاتجاه هو الاتجاه الصحيح ولكن ما زالت هناك حاجة للمزيد من الإصلاح». ومن القضايا التي تتطلع إليها الإدارة الأميركية ربط الاقتصاد العراقي بالاقتصاد العالمي. ويذكر أنه مع ضعف العملة العراقية والانقطاع الذي طال على مر عقود من الاقتصاد العالمي بسبب الحصار والحروب، تعمل الحكومة العراقية الآن على الانسجام مع الاقتصاد العالمي. وقال هورماتس: «من المهم أن يطور العراق علاقات مع الاقتصاد العالمي، مثل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وهناك عدد من الاتفاقات مع الولايات المتحدة تنتظر موافقة مجلس النواب العراقي ستساعد العراق على التقارب مع الاقتصاد العالمي». وردا على سؤال حول جدوى الحديث عن تنمية الاقتصاد العراقي في وقت يعاني منه العالم من أزمة اقتصادية، قال هورماتس: «الحكومة العراقية تعاملت مع الأزمة المالية بشكل جيد وعلى الرغم من أن الاقتصاد العالمي أضعف اليوم مما كان عليه قبل 3 أعوام، فالعراق ما زالت لديه إمكانيات كبيرة، هناك الكثير من الفرص للنمو كما أن لديه قدرات بشرية ومصادر طاقة مهمة ستساعده على التطور». وأضاف: «أنه وقت جيد للاستثمار في العراق». وتعتبر القرارات الدولية بحق العراق حاليا إحدى العقبات أمام اندماج العراق كليا مع الاقتصاد العالمي. وامتنع هورماتس عن الخوض في قضية حماية الأموال العراقية في الخارج من مطالب شخصية وحكومية بموجب قضايا مرفوعة ضد العراق للحصول على تعويضات من جراء غزو نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت عام 1990. وقال هورماتس إن الاجتماعات الاقتصادية الهامشية لم تتطرق إلى هذه القضية، بينما كان الموضوع موضع نقاش لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وحول تباطؤ الشركات الأميركية في الاستثمار في العراق، قال هورماتس: «هذا أمر على بال (المسؤولين) العراقيين». وشرح أن الأسباب وراء ذلك «أنه من الضروري أن تكون البيئة العملية مرحبة بالمستثمرين الأجانب أو تعطيهم الثقة والحماية القانونية المناسبة ونظاما ماليا ورقابيا يمكن التعامل بموجبه ومفهوما». وأضاف: «الأمر الآخر أن من مصلحة العراق أن ينوع اقتصاده والكثير من المستثمرين في هذا المؤتمر ليسوا فقط من القطاع النفطي وقطاع الطاقة لكنهم مستثمرون في قطاعات الزراعة والصناعة والتكنولوجية». وفي ما يخص الزراعة، قال هورماتس: «يمكن للمستثمرين الأميركيين أن يساعدون المزارعين العراقيين على بيع محصولهم في السوق العالمية».وأضاف: «بلاد النهرين كانت منبع المنتجات الزراعية في العالم ويجب ألا يكون العراق بلدا يستورد المنتجات الغذائية». وتابع: «هناك مجال كبير للتطور التكنولوجي، فالعراق لديه شعب مثقف ولديه معرفة مهولة يمكن له أن يكون رائدا في التكنولوجيا». وردا على سؤال حول مشاكل الطاقة في العراق وخاصة النقص في الكهرباء التي ما زالت تشكل مشاكل يومية للمواطن العراقي بعد 6 سنوات من حرب 2003، قال هورماتس: «هذا أمر على الحكومة العراقية الرد عليه ولكن مع الظروف المناسبة يمكن الحصول على الاستثمارات الأجنبية الضرورية لمعالجة هذه القضية». ويبقى النفط العامل الذي يشد الاهتمام الأكبر للاقتصاد العراقي. وعلى الرغم من عدم إصدار قانون الاقتصاد الجديد في العراق، لفت هورماتس إلى أنه «سيكون أمرا جيدا لو صدر قانون النفط لأنه سيعطي الأرضية الجيدة ولكن كما رأينا من الاتفاقات الأخيرة، من الممكن إبرام الاتفاقات من دونه».

ولكنه أردف قائلا: «بالطبع سيكون الأمر أفضل لو صدر القانون لأنه يقدم أرضية شرعية مهمة وسيعطي رمزا للعالم بأن البرلمان العراقي استطاع أن يصدر قرارا مهما». وفي ما يخص تصريحات رئيس لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي بأن الحكومة العراقية المقبلة قد تشطب الاتفاقات التي أبرمت حتى الآن، قال هورماتس: «هذه التصريحات غير مساعدة أبدا، إذا أطلقت في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو في العراق». وأضاف: «يمكن للبرلمانيين أن يصرحوا بما يرغبون فيه لكن عليهم التفكير في صدى ما يقولونه».