المؤتمر الثالث لرؤساء النيابات العامة وهيئات التحقيق في العالم العربي يناقش قضايا الإرهاب وجرائم الحاسوب وتبييض الأموال

يعقد في مراكش بمشاركة 21 دولة عربية

TT

قال عبد الواحد الراضي وزير العدل المغربي، إن جهاز النيابة العامة يعتبر أحد الأسس الكبرى للدولة الحديثة ومرتكزا أساسيا في البناء الديمقراطي، ومدخلا لتحقيق دولة الحق والقانون والمؤسسات، وخاصة في هذه الحقبة التي يشهد فيها العالم تحولات عميقة ومتسارعة على أصعدة مختلفة تفرض على النيابة العامة أكثر من ذي قبل، إزاحة كل العراقيل التي قد تحول دون استكمال تحديث دورها ووظائفها، سواء في مكافحة الجريمة أو في حماية الحقوق والحريات.

وأضاف الراضي، الذي كان يتحدث أمس خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثالث لرؤساء النيابات العامة ورؤساء هيئات التحقيق والادعاء العام بالوطن العربي، المنعقد بمراكش على مدى ثلاثة أيام، أن «إيجاد نيابة عامة فعالة شفافة ونزيهة، يساهم في ضمان تحقيق العدالة واحترام القانون».

وأكد الراضي أن «اضطلاع النيابة العامة بدورها في حماية الأفراد والمجتمع في إطار من العدل والمساواة يعتبر مؤشرا أساسيا من مؤشرات إيجاد المناخ السليم للنمو الاقتصادي، وحافزا مهما من حوافز التشجيع على الاستثمار بما يشكله من ضمانة لحماية الممتلكات وحسن التدبير والوقاية من الانحرافات وضمان الأمن الاقتصادي، وتعزيز مناخ الثقة التي تعد قطب الرحى في المعاملات الاقتصادية والمساهمة في النهوض بالاستثمار والنماء الاقتصادي وترسيخ سيادة القانون في ميدان الأعمال».

وأشار الراضي إلى أن «استقلال القضاء شرط أساسي لسيادة القانون وضمان المحاكمة العادلة»، مبرزا أن النيابة العامة تبقى مطالبة بـ«دعم عملية العصرنة والتحديث التي انخرطت فيها عدالتنا العربية في اتجاه تعزيز الاستقلال الفعلي للقضاء وتقوية سلطته بوصفه شرطا ضروريا لحماية الحقوق والحريات، وضمان الأمن القانوني».

من جهته، توقف مصطفى مداح، الوكيل العام للمجلس الأعلى (المحكمة العليا) بالمغرب، عند «الظرفية الإقليمية والدولية الدقيقة، وخاصة على مستوى تنامي ظاهرة الجريمة المنظمة بوتيرة متسارعة وخطورة متزايدة على نحو أصبحت تشكل آفة تهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي، إضافة إلى أمن واستقرار المجتمعات». ولاحظ مداح أن مكمن الخطورة هو في أن نشاط الجريمة «لم يعد يقتصر على مجال دون آخر، بعد أن اتسعت رقعتها لتجاوز حدود الحيز الجغرافي لتتخذ بعدا عالميا، كالإرهاب، الذي ينشط ويتغذى من عدة روافد، ويجد تمويله في مصادر وأنشطة إجرامية أخرى، فضلا عن جرائم الحاسوب والقرصنة والاتجار غير المشروع في البشر والأعضاء البشرية وتهريب المخدرات».

ودعا مداح إلى «مواكبة تطور الجريمة لتحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعيين، وخلق مناخ تسوده الطمأنينة والأمان بين الأفراد والجماعات»، الشيء الذي يستدعي «تكاثف جهود الأجهزة الفاعلة في مكافحة الإجرام، ومن بينها النيابة العامة، فضلا عن تطوير الترسانة القانونية».

ورأى عبد الرحمن الصلح، رئيس المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية، أن مكافحة الإرهاب والجريمة تأتي في طليعة الأوليات التي تتطلبها الظروف الاستثنائية التي تعيشها المنطقة والعالم، مشددا على أن إصدار التوصيات، في شأن المحاور المرتبطة ببرنامج المؤتمر، لا يكفي، بل لا بد من تفعيل كل ذلك على أرض الواقع. ويحظى اللقاء، الذي يعرف مشاركة 21 دولة عربية، حسب المنظمين، بأهمية كبرى، نظرا للدور المتطلع إليه، للدفع بالعمل العربي المشترك في مجال التعاون القضائي. ويكتسي المؤتمر أهميته، أيضا، من جهة أنه يشكل مناسبة لدراسة مستجدات الساحة الإقليمية والدولية في مجال الجريمة المنظمة العابرة للحدود وسبل مكافحتها.

وتتمحور أشغال المؤتمر حول تسعة محاور، أبرزها «تفعيل الإنابة القضائية بين الدول على ضوء الأحكام التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية والتشريعات الجزائية الداخلية»، و«الإرهاب وكيفية مواجهته وتعقبه»، و«دور النيابة العامة في المهن المتعلقة بمراقبة المخالفات البيئية (التلوث الإشعاعي والنووي)، «والأمن الغذائي في إطار العولمة الاقتصادية وحرية نقل البضائع ومحاربة الجرائم الاقتصادية والمخدرات واستغلال الأطفال والنساء»، و«جرائم الحاسب الآلي، والجرائم المنظمة العابرة للحدود» و«دور النيابة العامة في تفعيل النصوص الجنائية المستجدة (جرائم الإرهاب وتبييض الأموال واختلاس الأموال العامة)».