طهران تعلن رفضها للمشاركة الفرنسية وتريد أميركا بديلا عنها.. وباريس تؤكد استمرارها

مفاوضات فيينا النووية تتعثر في يومها الثاني

TT

شهد اليوم الثاني لمفاوضات فيينا، التي تجمع لأول مرة أطرافا إيرانية ودولية بغرض تعاون نووي يساعد إيران في الحصول على ما تحتاجه من يورانيوم لأغراض علاجية، مصاعب وعقبات أدت لعدم مواصلة الجلسات التقنية كما كان متوقعا، وانصراف الوفود في مفاوضات جانبية واتصالات بعواصمهم، بالإضافة لاتصالات بين العواصم وذلك على الأقل حتى ما بعد الساعة الخامسة بتوقيت فيينا. هذا ولم تستبعد مصادر أن يكون هذا التعثر بسبب التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، صباح أمس، في مؤتمر صحافي عقده بطهران مؤكدا حق إيران في الاستمرار في عمليات تخصيب اليوارنيوم بجانب الحصول على ما تحتاجه من يورانيوم لاستخدامات مدنية. مرحبا بمفاوضات فيينا الساعية للوصول لاتفاق تحصل إيران بموجبه على يورانيوم مرتفع التخصيب خارج حدودها. معلنا من جانب آخر عن عدم رغبة إيران في اشتراك فرنسا في هذه المحادثات. وذلك رغم قبول إيران بالتفاوض حول الاقتراح بتصدير ما يقدر بـ 1200 كيلوغرام من مخزونها من يورانيوم منخفض التخصيب تبعثه إلى روسيا لترفع من درجة تخصيبه ومن ثم ينقل إلى فرنسا لتقوم بتحويله لرقائق مشعة وذلك تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تستضيف المباحثات بمقرها في العاصمة النمساوية. وكانت «الشرق الأوسط» قد تابعت المجتمعين وقد انخرطوا في محادثات جانبية بين الوفود واتصالات بين العواصم بدلا من أن ينتظم اجتماعهم بصورة رسمية في العاشرة من صباح أمس، كما سبق وأعلن الدكتور محمد البرادعي مدير الوكالة الذي بدا متفائلا أول من أمس عقب جلسة المفاوضات الأولى مساء الاثنين. واصفا انطلاق الاجتماعات بالبداية الجيدة. معلنا أن المجتمعين ناقشوا معظم المسائل التقنية وأنهم سيواصلون جلساتهم.

وفيما يبدو فإن تصريحات منو شهر متقي الذي أعلن أن بلاده لا تحتاج لكميات كبيرة من الوقود وبالتالي فإنها لا تحتاج لمشاركة كثير من الدول في المباحثات. مفصحا عن عدم رغبة إيران رسميا في وجود فرنسا على وجه الخصوص قد عقدت الأمور ما انعكس كنوع من التوتر بين الوفود المشاركة في المباحثات التي تضم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإيران ووفدا من الوكالة.

هذا وكانت تقارير إيرانية غير رسمية قد تواترت مرجعة الرفض الإيراني للمشاركة الفرنسية لما وصفته بتجربة سيئة تقلل من مصداقية تعاملها مع فرنسا وذلك في إشارة لمعاملات سابقة مع شركة يوروديف التي أوقفت تعاونها مع طهران بعد الإطاحة بالشاه. وقد ظلت طهران تعود للمطالبة بما تعتبره حقوقا لها لا تزال في ذمة الشركة ما يقلل من مصداقية إمكانية التعامل مع فرنسا. فيما أكد بيان صحافي صادر باسم بيرنارد فاليرون الناطق باسم الخارجية الفرنسية استمرار مشاركة فرنسا في المفاوضات. مشيرا إلى انه لن يعلق على ما يدور من تكهنات. وقال مصدر إيراني مقرب في فيينا لـ«الشرق الأوسط»: «لفرنسا أن تبقى حول طاولة المفاوضات ما شاءت، لكن إيران لن توقع معها اتفاقا».

من جانبها أرجعت مصادر استفسرتها «الشرق الأوسط» رفض إيران الفجائي لمشاركة فرنسا لما تبديه باريس من تشدد ضد النشاط النووي الإيراني، ولمحاولاتها التضييق على طهران بالإصرار على إنهاء هذه المفاوضات والوصول لاتفاق وفق جدول زمني ضيق ومحدد سعيا لمحاصرة إيران ووضع حد لمماحكاتها ولما تبديه إيران من مماطلات خاصة أن باريس تصر أن يصلها اليورانيوم الإيراني في فترة لا تتجاوز نهاية هذا العام وألا يقل عن 1200 كيلوغرام من مجموع 1500 كيلو تمتلكها إيران وفق معلومات الوكالة. أضف إلى ذلك ضيق طهران مما يصدره الرئيس الفرنسي ساركوزي من تصريحات ومواقف تجعله في نظر إيران أكثر محاباة لإسرائيل بصورة غير مسبوقة عند رصفائه من الرؤساء الفرنسيين.

من جانبه قلل دبلوماسي فرنسي في تعليق مقتضب لـ«الشرق الأوسط» من أهمية ما برز من موقف إيراني ضد بلاده. مشيرا إلى أنها مجرد تكتيكات إيرانية لكسب مزيد من الوقت بعد أن تيقن لطهران أنها على وشك الالتزام لا محالة. مؤكدا أن فرنسا لا مشكلة لديها. وأن المفاوضات لم تنفض وأن ما يدور من مشاورات أمر عادي في حالات كهذه.

في ذات السياق كان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي قد أبدى رغبة بلاده أن تستمر المفاوضات مقتصرة على مشاركة إيرانية روسية أميركية برعاية الوكالة. مكررا القول إن إيران ستواصل التخصيب حتى في حالة تحقق هذا الاتفاق وحصولها على ما تحتاجه من وقود نووي. نافيا وجود أي رابط من قبل بلاده بين مواصلة عمليات التخصيب والاتفاق قيد البحث لشراء الوقود من الخارج. هذا فيما لم تستبعد مصادر أخرى أن تكون إيران تكتيكيا تبحث عما يمكن أن يقوي من موقفها التفاوضي قبل الالتزام بتوقيع الاتفاق. مؤملة في الحصول على إقرار دولي بحقها في تخصيب اليورانيوم. داعين لضرورة النظر أن إثارة إيران لمسألة رفض مشاركة فرنسا تعد مسألة غريبة باعتبار أن إيران كانت قد وافقت على اقتراح تخصيب ما لديها من يورانيوم بالخارج ومعالجته في روسيا وفرنسا خلال الاجتماع الذي عقد في جنيف الأول من الشهر، ما ينفي أن تكون إيران قد فوجئت في فيينا بالمشاركة الفرنسية. من جانب آخر تخوفت مصادر في تعليق لـ«الشرق الوسط» من أن تكون إيران تخطط بمساعيها هذه لصرف النظر عن ضرورة متابعة ما سبق أن التزمت به من استقبال لفريق المفتشين الدوليين بتاريخ 25 الجاري للتحري والتحقق مما تكشف مؤخرا عن وجود منشأة إيرانية جديدة بالقرب من مدينة قم المقدسة. مشددين على أن البعثة الدولية لابد أن تتمكن من التحقق أن تلك المنشأة غير عسكرية وذلك لن يتحقق إلا بقبول إيران بدراسة المفتشين للتفاصيل الأولية للمنشأة وبحصولهم على كل الوثائق واستجواب العاملين للتأكد من عدم وجود صلة بينها ووزارة الدفاع الإيرانية.