سلطانية حول اللقاء المنفرد مع الأميركيين: اتفقنا على تزويدنا بمعدات حديثة لمفاعل الأبحاث

ارتياح إيراني لتغيير سلوك الوكالة.. والاتفاق يدشّن لمرحلة جديدة من علاقات إيران والغرب

TT

أكد الدكتور محمد البرادعي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، تعليق محادثات فيينا النووية، معلنا عن مسودة مشروع اتفاق تحصل إيران بموجبه على وقود نووي لاستخدامات إنسانية، وهو الاقتراح الذي وزعته الوكالة لتدرسه، وترد عليه في موعد أقصاه غد، الدول الأربع التي شاركت في المباحثات.

وفيما لم يفصح البرادعي عن فحوى مسودة الاتفاق المقترح، فإنه أكد للصحافيين، عن اعتقاده بأنه سيوفر سبيلا متوازنا للمضي قدما لحل هذه القضية، مبينا أن مشاركة أطراف دولية في توفير وقود نووي تحتاجه إيران لأغراض إنسانية سيكون خطوة متقدمة لإعادة الثقة بين إيران والمجتمع الدولي، كما سيساعد في حل أزمة طال أمدها لسنوات، مشيرا إلى أن جميع من شارك في المفاوضات (التي قال إنها كانت مضنية لكثرة تفاصيلها التقنية والفنية والقانونية وتبعاتها السياسية)، حاولوا التطلع للأمام لا الالتفات إلى الماضي، وذلك في محاولة لتضميد الجروح، ولفتح صفحة تعاون مستقبلي يقوم على أسس من الثقة المتبادلة.

من جانبه أبدى رئيس الوفد الإيراني، السفير علي أصغر سلطانية، استعداد طهران لدراسة مقترح الوكالة دراسة ثاقبة، والرد عليه بعد استيعاب كل بنوده القانونية والتقنية، مبديا سرور إيراني تجاه ما وصفه «بتغيير في سلوك الوكالة»، وذلك لكون الوكالة في نظره قد سعت جديا، وكما يقر نظامها الأساسي على تقديم العون لإيران باعتبار أنها دولة عضو طلبت مساعدة فنية تقنية من صلب اتفاقات الضمان الموقعة مع الوكالة.

من جانب آخر نفى سلطانية أن تكون مفاوضات فيينا قد تمت ضمن جلسات الاجتماع الذي عقد بين إيران ومجموعة 5 + 1، وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا في جنيف في الأول من الشهر الحالي، مبينا أن هذه المفاوضات عقدت استجابة لطلب تقدمت به إيران الثاني من يونيو (حزيران) الماضي، بغرض أن توفر الوكالة لإيران مصادر دولية تمدها بوقود نووي يحتاجه مفاعل طهران للأبحاث لمواصلة ما ينتجه من علاجات لنحو 200 مستشفى ومركز علاجي بعد أن أوشك مخزونه الذي حصل عليه مسبقا من الأرجنتين على النفاد، شارحا أن الوكالة تلقت ردودا إيجابية من كل من روسيا وفرنسا والولايات المتحدة.

وقال سلطانية هذه المفاوضات اقتصرت على هذا الموضوع فقط ولم تتطرق لأي مسائل أخرى، بما في ذلك المطالبات الغربية المتكررة لإيران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم.

من جانب آخر، تفادى سلطانية الرد على أي أسئلة صحافية حاولت التطرق لتوضيح أسباب الاعتراض الإيراني على مشاركة فرنسا في المفاوضات، وتصريح أن إيران لا تحتاج لوقود من فرنسا، وهو الرفض الذي أعلنه وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، أول من أمس، وهو السبب الرئيسي الذي حال دون توقيع الأطراف لاتفاق، رغم موافقة مبدئية، أعلن بموجبها سابقا أن إيران ستقوم بتوريد ما في حوزتها من يورانيوم منخفض التخصيب إلى روسيا لتخصبه لدرجة أعلى، ومن ثم يرسل إلى فرنسا لتحوله إلى رقائق معدنية ليعود لإيران كوقود لمفاعلها.

وكانت تقارير قد أبدت حماسا لهذا الاتفاق، الذي تكون إيران بموجبه قد حصلت على ما تحتاجه من وقود نووي، كما تكون الدول المتشككة في سلمية النشاط النووي الإيراني قد استنفذت ما قدر بنحو 75% من مخزون اليورانيوم.

وركز سلطانية على ما وصفه بترحيب إيران بالدور الذي تقوم به الوكالة لتأمين مساعدات تقنية تحتاجها إيران ما فسرته مصادر استطلعتها «الشرق الأوسط» باحتمال قبول إيران بمقترح البرادعي الذي يجعل كل التعاملات تتم عبر الوكالة كهمزة وصل، إذ، ووفقا لمقترح الوكالة، ستقوم إيران بتسليم الوكالة النسبة المتفق عليها من مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة 5% لتبعث به الوكالة إلى روسيا فترفع تخصيبه للدرجة المطلوبة وهي 20% ثم تعيده إلى الوكالة التي ستقوم مرة ثانية بإرساله إلى فرنسا لتحوله إلى رقائق معدنية ليعود مرة ثالثة إلى الوكالة لتعيده لإيران.

وهكذا تكون الوكالة قد أمنت كوسيط مضمون ومقبول إتمام عملية نووية قانونية متعددة الأطراف هي الأولى من نوعها تتحقق دون تعامل مباشر بين أي من أطرافها الأساسية.

وبذلك يمكن أن يسجل التاريخ أن الوكالة، إذا ما وافقت العواصم الأربع غدا على مسودة مشروع الاتفاق، قد أمنت في عهد مديرها الحالي، الدكتور محمد البرادعي، اتفاقا دوليا غير مسبوق، سيحقق أكثر من غرض، أولها كسر طوق العزلة الدولية التي فرضت على إيران بسبب نشاطها النووي، ثانيا توفير وقود نووي تحتاجه إيران لاستخدامات إنسانية بحتة. ثالثا فتح الباب مشرعا أمام مزيد من فرص التعاون بين طهران ودول كانت تناصبها العداء.

وكشف السفير الإيراني، علي أصغر سلطانية، في حديثه للصحافيين، أمس، عن فحوى اجتماع ثلاثي ضم وفده والوفد الأميركي في مكتب البرادعي، في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، تم بموجبه الاتفاق على أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بإمداد المفاعل الإيراني بمعدات حديثة توفر له سبل الضمان النووي.

ويأتي ذلك فيما قال البرادعي إنه في حالة أن وصلته يوم غد ردود فعل إيجابية بالموافقة على مسودته لمشروع الاتفاق فإنه سيرفع ذلك لمجلس أمناء الوكالة للموافقة عليه في اجتماع المجلس القادم بتاريخ 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، أي أربعة أيام فقط قبل مغادرة البرادعي للوكالة كمدير عام لها، ولمدة ثلاث دورات تمت بانتخابه وبالإجماع.