إيران: أجهزة أمن باكستانية متورطة في تفجير سيستان ـ بالوشستان.. والمنفذ «مدمن مخدرات»

مجلس الأمن يدين الاعتداء.. وباكستان تتعهد المساعدة في ملاحقة المهاجمين

TT

أكد قائد الشرطة الإيرانية إسماعيل احمدي أن باكستان «مسؤولة مباشرة» عن اعتقال المتمردين المعادين لطهران الذين شنوا هجوما انتحاريا داميا ضد قوات الحرس الثوري الإيراني الأحد الماضي. وقال أحمدي إن المحادثات بين طهران وإسلام آباد جارية لاعتقال «العناصر الأساسية في العمل الإرهابي». ونقلت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية عنه قوله إن «بعض أجهزة الأمن الباكستانية متورطة بشكل ما في هذا العمل الإرهابي.. وتقع على الحكومة الباكستانية مسؤولية مباشرة بهذا الخصوص ويجب أن تكون مستعدة لاعتقالهم». وقال إن «عناصر العمل الإرهابي دخلت أراضينا من باكستان ونحن نعمل مع الباكستانيين على اعتقال العناصر الرئيسية».

كما أوضح أن طهران ألقت القبض على بعض الأشخاص في ما يتعلق بالتفجير، متابعا: «لحسن الحظ اعتقلت قوات الأمن بعض العناصر المرتبطة بالإرهابيين»، لكنه لم يذكر تفاصيل عن هوياتهم.

وفجر انتحاري نفسه في اجتماع بين الحرس الثوري وعدد من رجال القبائل الأحد في مقاطعة سيستان ـ بالوشستان الجنوبية الشرقية مما أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصا من بينهم 15 من عناصر الحرس الثوري. وتتهم طهران كذلك بريطانيا والولايات المتحدة بالضلوع في الهجوم الذي أعلنت جماعة جند الله السنية مسؤوليتها عنه. وتشن تلك الجماعة تمردا منذ نحو عشرة أعوام.

من ناحيتها ذكرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية للأنباء أن الانتحاري كان مدمنا على المخدرات بعد أن تخلت عنه أسرته. وقالت الوكالة التي لم تكشف مصدرها إن منفذ العملية الانتحارية كان مدمن مخدرات يدعى عبد الواحد محمدي سرواني. وأضافت أن أسرته تخلت عنه ما جعله «فريسة سهلة للمجموعة الإرهابية التي جندته».

وأدان مجلس الأمن ليل أول من أمس الاعتداء الانتحاري داخل إيران. وقال سفير فيتنام لي ليونغ مينه رئيس المجلس لهذا الشهر في تصريح صحافي، إن «أعضاء المجلس دانوا بأشد العبارات الاعتداء الإرهابي الذي وقع في مدينة بيشين الحدودية في إيران في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2009 وأسفر عن مقتل 57 شخصا على الأقل و150 جريحا». وأضاف أنهم «شددوا على ضرورة إحالة منفذي ومنظمي وممولي هذا العمل الإرهابي والآمرين به إلى القضاء، ودعوا جميع الدول إلى التعاون الفعال لهذه الغاية مع السلطات الإيرانية».

وكرروا «تأكيد ضرورة التصدي بجميع الوسائل للتهديدات المحدقة بالسلام والأمن الدوليين التي تتسبب بها الأعمال الإرهابية». وذكروا أيضا «جميع الدول بضرورة تطابق التدابير التي تتخذها ضد الإرهاب مع القانون الدولي وخصوصا حقوق الإنسان واللاجئين والحق الإنساني». ويتطلب تبني إعلان صحافي من مجلس الأمن إجماع أعضائه الخمسة عشر.

وفي إسلام آباد قال وزير الخارجية الباكستاني أمس إن باكستان ستساعد إيران في تعقب المسؤولين عن الهجوم الانتحاري وسط تزايد المطالب في طهران بمعاقبة الجناة، إذ نقل التلفزيون الإيراني عن قائد القوات البرية بحرس الحدود محمد باكبور طلبه الحصول على تصريح لملاحقة الجناة داخل باكستان المجاورة. ورفض وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي التعليق على التقرير التلفزيوني وقال إن من المقرر أن يصل وفد إيراني إلى باكستان لإجراء محادثات.

وأبلغ قرشي «رويترز» في حديث هاتفي «سنساعدهم وندعمهم في الكشف عن الأشخاص المسؤولين... سنسوي هذا الأمر على أساس حكومة لحكومة». وتابع «ما نطلبه هو أن لأننا بلدان مجاوران وصديقان ونتمتع بعلاقات ودية علينا اتخاذ تعاون إقليمي للتعامل مع هذا الخطر... باكستان تعاني.. باكستان ضحية الإرهاب». وأطلقت باكستان هجوما طال انتظاره ضد المتشددين في شمالها الغربي في مطلع الأسبوع بعد سلسلة من تفجيرات القنابل والهجمات الانتحارية التي هزت البلاد في الأسابيع الأخيرة وأسفرت عن سقوط أكثر من 150 قتيلا. وأدانت باكستان تفجير يوم الأحد الذي وصفته «بالعمل الإرهابي المروع» في منطقة قرب حدودها مع إيران.

ويقول محللون إن جند الله تستلهم نهجها من إسلاميين متشددين سنة متمركزين في باكستان.

وتنفي جند الله أي صلة لها بجماعات المتشددين الإقليمية ولكن محللين ربطوا بينها وبين جماعة عسكر جنجوي المتمركزة في إقليم البنجاب بباكستان والتي تعمل عن كثب مع حركة طالبان الباكستانية. ومن المعتقد أن الجماعتين لهما صلات وثيقة بتنظيم القاعدة.

وتحدث الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري ونظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد هاتفيا الأسبوع الحالي وأكدا ضرورة التعاون من أجل مواجهة والقضاء على «المجرمين الإرهابيين». والعلاقات بين إيران وباكستان جيدة بوجه عام خلال السنوات الأخيرة ويتعاون البلدان فيما يتعلق بخطط مد خط أنابيب للغاز الطبيعي.

ولكن إيران اتهمت في الماضي باكستان باستضافة أعضاء من جماعة جند الله على أراضيها وقال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الاثنين إن الجماعة لها صلات بالمخابرات الأميركية والبريطانية والباكستانية. ورجح محللون إيرانيون أن تصعد طهران الضغوط الدبلوماسية على جارتها باكستان، كما قد تذهب إلى حد شن عمليات عسكرية عبر الحدود.

وقال أكبر مونتجبي المحلل السياسي الإصلاحي «في الأيام المقبلة ستمارس إيران مزيدا من الضغط على باكستان للحصول على نتائج سريعة نظرا لأن عليها أن تواجه شعبها في الداخل»، موضحا انه «من غير المرجح إطلاقا» شن ضربة عسكرية داخل الأراضي الباكستانية، وان إيران ستلجأ إلى ممارسة الضغوط الدبلوماسية على باكستان لتسليمها المتمردين. إلا أن غلام رضا غلانداريان المحلل المحافظ والمدير الإداري لصحيفة القدس قال إن إيران لن تسمح لباكستان بالتأخر في التحرك. وأضاف أن «إيران قدمت جدولا زمنيا لباكستان لتسليم الإرهابيين.. واعتقد انه إذا لم تف باكستان بوعودها، فقد تعيد إيران النظر في علاقاتها معها لأن إيران أوضحت أن من واجب باكستان اعتقال الإرهابيين وتسليمهم».