قرر المغرب تشييد خمس دور «للثقافة المغربية» في أوروبا. وستشيد أول دار في مدينة برشلونة الإسبانية، في إطار دمج المغاربة هناك في الحياة السياسية للجارة الشمالية الأوروبية. وجرى بحث هذا الموضوع خلال الزيارة التي يقوم بها حاليا إلى المغرب خوردي هيريو، عمدة المدينة الإسبانية، التي منحت قطعة أرض مجانا للحكومة المغربية من أجل هذا الغرض. واكتست زيارة المسؤول الإسباني طابعا سياسيا، وقال هيريو إن المغرب يكتسي أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لإسبانيا.
وأضاف أن «التطورات التي يعرفها الجار الجنوبي لإسبانيا أمر مثير للاهتمام ويستحق بالفعل المواكبة والمتابعة المستمرة».
ويقوم هيريو بزيارة عمل للمغرب تختتم اليوم، حيث تباحث في الرباط مع عباس الفاسي الوزير الأول (رئيس الوزراء)، والطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، ومحمد عامر وزير الجاليات المغربية بالخارج، بالإضافة إلى رئيسي مجلسي النواب والمستشارين.
وأوضح هيريو في لقاء صحافي في الرباط، أن سبب تقديم زيارة المغرب على الدول المتوسطية الأخرى يرجع أولا إلى الموقع الاستراتيجي للمغرب، والمصالح المشتركة بين البلدين سواء على المستويين السياسي أو الاقتصادي بالإضافة إلى العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين المملكتين. وأضاف قائلا «بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية للمغرب، ووضعه المتقدم مع الاتحاد الأوروبي فليس من الغريب أن يكون أول بلد نقوم بزيارته في إطار الزيارات المقرر إجراؤها للبلدان المتوسطية».
وجاء في بيان مشترك لبلدية برشلونة ووزارة الجاليات المغربية أن هذه الزيارة تندرج ضمن «استمرارية روابط الصداقة وحسن الجوار التي تجمع بين المملكة المغربية، من جهة، والمملكة الإسبانية، وجهاتها المستقلة، من جهة أخرى، وتعكس أيضا المستوى المتميز لعلاقات التعاون بينهما في جميع الميادين، وعلى جميع المستويات كما يستدل على ذلك من خلال القرارات والتوصيات التي أسفر عنها الاجتماع الأخير للجنة المختلطة المغربية ـ الإسبانية».
وأضاف البيان ذاته أن زيارة هيريو، عمدة عاصمة الجهة المستقلة لكاتالونيا، أحد أهم أقطاب إسبانيا سياسيا واقتصاديا، المحتضن لشريحة كبيرة من الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا (800 ألف مغربي)، تكتسي أهمية خاصة في تعزيز العلاقات الجيدة بين الدولتين.
وتم خلال الزيارة أيضا الاتفاق على تسريع وتيرة بناء دار المغرب ببرشلونة التي هي «ثمرة التقاء إرادتي الطرفين في إحداث فضاء للإشعاع ونقطة للتقارب بين الحضارات» والتي ستنشأ على قطعة أرض منحتها بلدية برشلونة للمغرب الذي سيتكفل بتمويل بنائها وبإدارتها.
وأشار البيان إلى أن الطرفين اتفقا على صياغة وتنفيذ برنامج لتعزيز قدرات الجمعيات الفاعلة في مجال تحسين ظروف المغاربة المقيمين ببرشلونة بهدف منحها دفعا أقوى. وأضاف أنه بالنظر إلى «النجاح الذي حققته تجربة الجامعات المنظمة بالمغرب في صيف 2009»، تم الاتفاق كذلك على مضاعفة التبادل بين الشباب المغربي والكاتالوني من خلال تنظيم مقامات ثقافية تجمع بينهما «باعتبارها مبادرات تشجع أكثر على الانفتاح وعلى التعارف المتبادل».