باكستان: إغلاق المؤسسات التعليمية خوفا من هجمات المسلحين

الهجوم على وزيرستان سيطول.. وإسلام آباد تحث «الناتو» على إغلاق الحدود

طالبات كلية جامعية في لاهور يغادرن بعد قرار اغلاق المؤسسات التعليمية خوفا من هجمات طالبان بعد التفجير الانتحاري المزدوج في حرم الجامعة الاسلامية بالعاصمة اسلام اباد (ا.ب)
TT

بقيت جميع المؤسسات التعليمية في أنحاء باكستان مغلقة امس بعد وقوع تفجيرين انتحاريين داخل «الجامعة الإسلامية العالمية» بالعاصمة إسلام آباد اول من أمس أسفرا عن مقتل 8 أشخاص. وكان الانفجاران على ما يبدو جزءا من سلسلة هجمات للمتمردين ضد أهداف مدنية وحكومية مع استمرار قوات الحكومة في هجماتها داخل معقل طالبان بالقرب من الحدود مع أفغانستان. ووقع الانفجاران بشكل متزامن داخل كافيتريا للنساء وداخل مبنى أكاديمي للرجال في الجامعة التي تضم أقساما منفصلة للطلبة والطالبات الذين من بينهم أجانب. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم ولكن وزير الداخلية الباكستاني رحمان مالك قال إن «كل الطرق تؤدي إلى جنوب وزيرستان» في إشارة إلى أن جميع أصابع الاتهام تتجه نحو طالبان. وفي البداية أغلقت الجامعة الإسلامية وحدها أبوابها وعلقت العملية التعليمية بها اول من أمس ولكن بعد تفشي الذعر أمرت الحكومات الإقليمية بإغلاق جميع المؤسسات التعليمية في أنحاء البلاد. وستعيد المؤسسات التعليمية على الأرجح فتح أبوابها الأسبوع المقبل ولكن السلطات في إقليم البنجاب شرق باكستان والذي شهد هجمات إرهابية منسقة استهدفت مباني للشرطة الأسبوع الماضي قالت إن المؤسسات «ستظل مغلقة حتى صدور تعليمات أخرى». وأغلقت المدارس والجامعات التابعة للجيش وكذا المحلات التجارية الكبرى لأسبوع بعدما بدأت القوات البرية عملية عسكرية طال انتظارها ضد طالبان في جنوب وزيرستان يوم السبت الماضي. وتمثل المنطقة الغائبة عن القانون معقل قيادة طالبان وتحتوي على ملاذات آمنة لمقاتلي القاعدة الذين فروا من الغزو الاميركي لأفغانستان في أواخر عام 2001. وقال مسؤول بالاستخبارات امس إن القوات دخلت في قتال عنيف في كوتكاي مسقط رأس قائد طالبان باكستان حكيم الله محسود وأيضا بلدة القائد قاري حسين المعروف باسم «ناصح المفجرين الانتحاريين».

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه «هناك تقارير حول سقوط قتلى جدد ولكن لا نعلم العدد». وقال الميجور جنرال أطهر عباس كبير المتحدثين باسم الجيش الباكستاني إن قوات الأمن المتمركزة في منطقة مرتفعة قامت بـ«مناورة تطويق» حول كوتكاي الواقعة على الطريق المؤدي لمعقل آخر لطالبان هو منطقة ساراروغا. وقال الجيش إنه قتل ما يزيد على 90 متمردا بينما سقط 13 من جنوده جرحى وقتلى منذ بدء العملية العسكرية، ولكن طالبان تنكر ذلك. ولم يتسن التأكد من هذه الحصيلة بشكل مستقل حيث لا يسمح للصحفيين بدخول منطقة القتال. من جهة اخرى اقر عدد من الضباط الباكستانيين امس بأن الارض الوعرة والالغام والمعارك الشرسة ابطأت تقدم القوات الباكستانية في وزيرستان الجنوبية، حيث قد يطول الهجوم ضد المقاتلين الاسلاميين اكثر مما هو متوقع. وانخرطت باكستان في تحد عسكري واسع النطاق في محاولتها السيطرة على معقل طالبان والمقاتلين المتحالفين مع تنظيم القاعدة، في المناطق القبلية على الحدود مع افغانستان. واعتبر مسؤول عسكري رفض الكشف عن هويته في اليوم الخامس من التدخل العسكري «ان الهجوم قد يطول اكثر مما هو متوقع، وخصوصا بسبب طبيعة الارض الوعرة والجبلية. ويتقدم الجنود ببطء ويعززون مواقعهم تدريجيا». واعتبر ضابط اخر «لقد تقدم الجنود نحو عشرة كيلومترات داخل اراضي العدو من عدة اتجاهات، لكن تسلق الجبال وضمان امن الطرق سيتطلب وقتا. اننا نتقدم بحذر كبير». وعندما اطلق الهجوم البري السبت، اعلن عدد من المسؤولين ان العمليات قد تدوم من ستة الى ثمانية اسابيع قبل ان يوقفها فصل الشتاء.

ووقعت مواجهات عنيفة في اعالي قرية كوتكاي مسقط حكيم الله مسعود زعيم طالبان الباكستانية، ما اوقع سبعة قتلى في صفوف المتمردين بحسب حصيلة عسكرية يستحيل تأكيدها من مصدر مستقل. ويشارك في هذه العملية نحو 25 الف عسكري بحسب ضباط. ويواجه العسكريون بحسب خبراء نحو 10 الاف عنصر من طالبان الباكستانية يدعمهم عدد غير محدد من المقاتلين الاجانب. الى ذلك هاجمت طائرات هليكوبتر باكستانية قواعد حركة طالبان قرب الحدود الافغانية امس في الوقت الذي حث فيه الجيش قوات حلف شمال الاطلسي على اغلاق الحدود لوقف حركة المتشددين عبر الحدود. وأطلقت القوات الباكستانية يوم السبت هجوما من أجل السيطرة على منطقة وزيرستان الجنوبية بعد أن هز المتشددون البلاد بسلسلة من تفجيرات القنابل والهجمات الانتحارية في الاسابيع الاخيرة مما أسفر عن سقوط أكثر من 150 قتيلا. وقتل ستة أشخاص في هجومين انتحاريين عند الجامعة الاسلامية الدولية في العاصمة اسلام آباد أمس الثلاثاء مما دفع السلطات الى اصدار أمر بإغلاق المؤسسات التعليمية في شتى أنحاء البلاد. وتعد وزيرستان الجنوبية معقلا عالميا للمتشددين. وتتابع الولايات المتحدة وقوى أخرى لها وجود في أفغانستان الهجوم الذي يشنه الجيش الباكستاني على المتشددين عن كثب. وواجهت القوات الحكومية في البداية مقاومة بسيطة ولكن القتال اشتد مع اقتراب الجنود من الملاذات الرئيسية للمتشددين في الجبال. وذكر مسؤولون أمنيون أن القوات الحكومية هاجمت معاقل المتشددين في مكين ولادا بطائرات هليكوبتر ونيران مدفعية امس. وأصيب ثمانية جنود في قتال أثناء الليل ونقلوا الى بلدة ديرا اسماعيل خان القريبة. ويمثل القتال من أجل السيطرة على وزيرستان الجنوبية اختبارا مهما لمدى قدرة الحكومة على التعامل مع التمرد المتصاعد الذي شهد سلسلة هجمات في أجزاء مختلفة من البلاد منها هجوم على مقر للجيش. واتصل قاري حسين محسود القائد الكبير في حركة طالبان المعروف بمرشد المفجرين الانتحاريين بهيئة الاذاعة البريطانية اول من أمس لاعلان المسؤولية عن الهجومين على الجامعة الاسلامية وقال ان المتشددين يعتبرون باكستان بأكملها الآن منطقة حرب. وأفاد المسؤولون الامنيون بأن تبادلا مكثفا لاطلاق النيران وقع في كوتكاي مسقط رأس حسين وأيضا مسقط رأس قائد حركة طالبان الباكستانية حكيم الله محسود. والبلدة تقع على الطريق المؤدي الى وزيرستان الجنوبية معقل المتشددين الرئيسي. وسيطرت القوات الامنية لفترة قصيرة على كوتكاي في قتال وقع مساء الاثنين الا أن المتشددين استعادوها في هجوم مضاد أمس. ومع مضي القوات الحكومية قدما في الهجوم بوزيرستان الجنوبية طلب الجيش من قوات حلف الاطلسي في افغانستان اغلاق الحدود:«لوقف حركة المتشددين وتدفق الاسلحة عبر الحدود». وأجرى الجنرال طارق مجيد قائد هيئة الاركان المشتركة الباكستانية اتصالا هاتفيا خلال محادثات مع السير جوك ستيروب قائد هيئة أركان الدفاع البريطاني. وذكرت صحف باكستانية في الايام الاخيرة أن قوات حلف الاطلسي تخلت عن مراكز حدودية مواجهة لوزيرستان الجنوبية مما أثار امكانية تدفق مقاتلين من حركة طالبان الافغانية لمساعدة زملائهم في باكستان أو إمكانية فرار مقاتلين من حركة طالبان الباكستانية.

وأفاد بيان للجيش صدر في وقت متأخر من مساء اول من أمس بأن مجيد دعا الى جهود متزامنة من الجانبين واقتسام المعلومات الاستخباراتية فيما يتعلق بالعمليات الجارية. ويقول الجيش ان 90 متشددا و13 جنديا قتلوا منذ اطلاق الهجوم يوم السبت ولكن ليس هناك تأكيد مستقل لهذه الاعداد. ولا يسمح للصحافيين الاجانب بالاقتراب من مكان المعركة، كما من الخطر أن يزورها صحافيون باكستانيون. وغادرت العديد من وسائل الاعلام الباكستانية المتمركزة في وزيرستان الجنوبية المنطقة. ويقاتل نحو 28 ألف جندي ما يقدر بنحو عشرة الاف من مقاتلي طالبان وبينهم نحو ألف من المقاتلين الاوزبك الاشداء وبعض أعضاء تنظيم القاعدة من العرب.