الإحباط يسود أوساط الجيش الأميركي .. وأوباما يعيد تقييم استراتيجيته في أفغانستان

الإسراع في إرسال 40 ألفا من الجنود إلى الحرب سيكون تهورا

TT

قبل تسعة أشهر، أعرب البنتاغون عن اطمئنانه عقب الإجراءات الأولى التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة؛ فقد كان الرئيس أوباما يتحرك ببطء فيما يتعلق بالانسحاب الأميركي من العراق، وكان قد أبقى على وزير دفاع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وبصورة ملحوظة أدى أول تحية عسكرية له بدقة بالغة.

ولكن الآن، وبعد شهر من مداولات أوباما حول إرسال المزيد من الجنود الأميركيين إلى أفغانستان، ازداد الإحباط والتوتر في أوساط الجيش. حيث أعرب عدد من الضباط الحاليين والمتقاعدين عن مخاوفهم من بطء اتخاذ أوباما للقرارات المتعلقة بأفغانستان ومن إعادة تقييمه لاستراتيجية الحرب التي كان قد أعلن عنها في مارس (آذار) ومن تأثره إلى حد كبير بمستشاريه السياسيين في غرفة العمليات. فيقول ناثانيل فيك القائد السابق بقوات المشاة بالبحرية الأميركية والذي كان مستشارا لأوباما خلال حملته الانتخابية في 2008 والذي يعمل حاليا كرئيس تنفيذي بالمؤسسة البحثية العسكرية بواشنطن «مركز الأمن الأميركي الجديد»: «هناك إرهاصات لهبوب عاصفة رعدية؛ فالوضع غير مستقر، وربما يضرب البرق قريبا ولكننا نتمنى ألا يحدث ذلك. وأعتقد أنه من الممكن احتواء الموقف وتجنب الأزمة ولكن الناس مدركون لذلك المزيج المتذبذب».

وفي الأسبوع الماضي، ضم القائد لجماعة قدامى المحاربين توماس تريدويل صوته لمخاوف رجال الجيش عندما أصدر تصريحا مقتضبا ينتقد فيه مراجعة أوباما لاستراتيجية الحرب في أفغانستان. فيقول تريدويل في التصريح الذي ألقى به بالإنابة عن مجموعته التي تمثل 1.5 مليون من الجنود السابقين: «إن المتطرفين يستشعرون ضعف وتردد الحكومة الأميركية، وذلك سوف يمنحهم ميزة إضافية». يذكر أن أوباما قد دافع عن استراتيجيته في أغسطس (آب) الماضي في خطاب ألقى به أمام جمعية قدامى المحاربين في الحروب الخارجية قائلا: «هذه ليست مجرد حرب تستحق خوضها؛ بل إنها ضرورة في الدفاع عن شعبنا». ومن جهته، قال أحد الجنرالات المتقاعدين كان قد خدم في العراق إن الجيش ربما يكون قد استمع «بسذاجة» إلى الوعود التي قدمها أوباما في حملته الانتخابية والتي كانت تؤكد على أهمية الحرب في أفغانستان. ويتساءل الجنرال: «ما الذي تغير؟ وهل انسحب البساط من تحت أقدامنا؟». يذكر أن الجنرال قد تحدث إلينا شريطة عدم الإفصاح عن هويته خوفا من انتقام البيت الأبيض. ومن جهة أخرى، يقول مستشارو الرئيس أوباما للأمن القومي إن الرئيس يراجع خياراته السياسية من كافة الجوانب. ويضيفون أن الإسراع في اتخاذ قرار بشأن إرسال ما يقارب 40 ألفا من الرجال الأميركيين إلى الحرب سيكون تهورا خاصة أن الانتخابات الأفغانية المتنازع عليها قد تركت الولايات المتحدة من دون شريك واضح في كابل.

وبالرغم من أن تلك المخاوف لا تسود جميع الأوساط المدنية أو العسكرية التقليدية – حيث إن بعض الضباط البارزين في الجيش لديهم تخوفات من إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان، بينما ليس لدى بعض المستشارين المدنيين للرئيس أوباما أي تخوفات بشأنها - يعكس ذلك التوتر إدراك الجيش في الشهور الماضية أن الحياة في البيت الأبيض قد تغيرت. فبعد سنوات من زيادة الميزانية العسكرية تحت إدارة بوش، تحاول الإدارة الجديدة الحد من نفقات البنتاغون، بالإضافة إلى الجدال الذي نشب مرة أخرى والمتعلق بقانون «لا تسأل ولا تقل» المتعلق بخدمة المثليين من الرجال والنساء في الجيش. وقد أوضحت الإدارة أن أوباما لن يتعامل مع نصائح الجنرالات بنفس الطريقة التي كان يقوم بها الرئيس بوش – والتي كان من أبرزها اختلاف الرئيس السابق مع الجنرال دايفيد بيتراوس الذي يعمل حاليا كقائد للقيادة الوسطى - كما أن الإدارة أكدت على عدم ترحيبها بممارسة قيادات الجيش ضغوطا علانية على القائد العام للقوات المسلحة. وقبل أسبوعين، وبعدما رفض الجنرال ستانلي ماكريستال قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الدعوة المطالبة بالحد من الحرب في أفغانستان خلال مؤتمر صحافي عقب خطاب ألقاه بلندن، طالب وزير الدفاع روبرت غيتس ليس فقط الجنرال ماكريستال، ولكن كذلك الجيش بأسره بالتزام الصمت حول ذلك الموضوع حتى تنتهي المناقشات المتعلقة به. وقد قال غيتس في اجتماع سنوي لرابطة جيش الولايات المتحدة وهي جماعة دعم خاصة في واشنطن: «من الضروري أن نشارك جميعا في هذه المناقشات – المدنيين ورجال الجيش على حد سواء- ونقدم أفضل نصائحنا للرئيس وبصراحة ولكن ليس على الملأ». ومن جهته، يقول أندرو أكسوم ضابط سابق بالجيش في أفغانستان ومستشار الجنرال ماكريستال والزميل بمركز الأمن الأميركي الجديد «إن تباين الأسلوب بين الإدارة السابقة والحالية أدى إلى بعض السخط بين رجال الجيش». وأضاف: «فإدارة بوش كانت تضع استراتيجية وتلتزم بها وكنا نقول دائما إنها سوف تؤدي إلى المشكلات» في إشارة إلى قرار الرئيس بعدم إرسال المزيد من القوات إلى العراق حتى عام 2007 بعد سنوات من تزايد أعمال العنف هناك. ويضيف أن إدارة أوباما غير خائفة من معاودة النظر في الافتراضات الأساسية مؤكدا: «لذلك أهميته. ولكنه ربما يكون محبطا لهؤلاء الذين يحاولون تفعيل الاستراتيجية». وتعود بعض تخوفات رجال الجيش إلى الدروس التي تعلموها من الجنرالات الذين أذعنوا لأوامر وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد المتعلقة بإرسال قوة غزو محدودة إلى العراق؛ حيث تعرضوا للانتقاد لاحقا لأنهم لم يطالبوا بإرسال المزيد من القوات لتأمين البلاد خلال فترة الاحتلال.

* خدمة «نيويورك تايمز»