أوباما قد يقرر إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان قبل الدورة الثانية

عبد الله ينفي سعيه لاتفاق اقتسام السلطة مع كرزاي.. والأمم المتحدة تسعى لاستبدال 200 موظف انتخابي متورطين بالتلاعب في نتائج الدورة الأولى

مرشح الرئاسة الافغانية الدكتور عبد الله عبد الله يتحدث للصحافيين خلال مؤتمر صحافي عن جولة اعادة للانتخابات الرئاسية (إ. ب. أ)
TT

أعلن البيت الأبيض أمس أن من المحتمل أن يتخذ الرئيس الأميركي باراك اوباما قرارا بشأن زيادة القوات الأميركية في أفغانستان قبل جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة الأفغانية التي من المقرر إجراؤها في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني). وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيتس للصحافيين إن هذا الأمر «محتمل بالتأكيد»، لكنه أضاف أن صدور القرار قبل ذلك الموعد ليس مؤكدا. ومع اتهام منتقدي أوباما له بالتردد، بعثت الإدارة بإشارات متباينة بشأن التوقيت المحتمل لقرار أوباما الذي يعتبر حاسما بسبب الوضع المتدهور في أفغانستان. وقال غيتس: «لو كنت اعلم موعد اتخاذ القرار لكان سؤالا تسهل إجابته. يعتزم الرئيس اتخاذ قرار عندما يتخذ قرارا». وأضاف: «الرئيس والفريق بالكامل يرون شرعية شريك في حكومة أفغانستان امرأ حاسما». وقال وزير الدفاع روبرت غيتس الذي يزور اليابان حاليا، إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تنتظر لتحل المشكلات المحيطة بشرعية الحكومة الأفغانية قبل اتخاذ قرار بشأن القوات.

من جهة اخرى, نفى عبد الله عبد الله، المنافس الرئيسي للرئيس الأفغاني المنتهية ولايته، حميد كرزاي، سعيه لعقد اتفاق لتقاسم السلطة مع كرزاي، كبديل عن خوض جولة ثانية من الانتخابات، بحسب ما أوصت أمس اللجنة الانتخابية. إلا أنه قال إنه يعدّ مجموعة من الشروط قبل جولة الإعادة المقرر إجراؤها في السابع من الشهر المقبل، لتفادي حدوث أي تلاعب بالنتائج، كما حصل في الدورة الأولى. وجاء ذلك في وقت قالت فيه الأمم المتحدة إنها تريد استبدال 200 موظف انتخابي تورطوا في عمليات تلاعب بالأصوات في الجولة الأولى. وجاء ذلك في وقت اعتبرت حركة طالبان أن تنظيم الانتخابات الرئاسية الأفغانية كان «أمرا مضحكا» وشابها التزوير والفساد، كما جاء في رسالة أوردها المركز الأميركي لمراقبة المواقع الإسلامية (سايت). وانتقدت حركة طالبان أيضا في هذه الرسالة المشاركة الضعيفة جدا في الانتخابات، وأكدت أن ناخبين قد «حصلوا على رشى»، وبالتالي «أرغموا» على الإدلاء بأصواتهم.

وأضافت «أن أكثرية الناخبين قالوا صراحة إنهم يرفضون الانتخابات». ويحمل بيان حركة طالبان، الذي نشره موقع سايت بتاريخ 20 أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه لا يشير بوضوح إلى تنظيم دورة ثانية. وقالت حركة طالبان «نعتقد أن هذا اليوم هو أيضا أكثر خزيا للديمقراطية الزائفة (للسلطة في أفغانستان) وللذين يدعمونها».

وكان كرزاي قد وافق أول من أمس على الخضوع لجولة تصويت ثانية، بعد أن عجز عن جمع أكثر من 50 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يوصي به القانون للفوز من الدورة الأولى، إثر إلغاء لجنة شكاوى الانتخابات بقيادة الأمم المتحدة، أكثر من مليون صوت بسبب التزوير.

ورحب عبد الله بعد كرزاي بقرار الإعادة، وقال إن فريقه يصيغ شروطا خاصة وتوصيات لتفادي أي مجازفة بوقوع تلاعب. واستطرد في مؤتمر صحافي عقده في منزله في العاصمة الأفغانية: «لدينا اقتراحات وتوصيات وشروط محددة لتفادي التلاعب بشكل موسع في الانتخابات المقررة اعتمادا على خبراتنا خلال الجولة السابقة من الانتخابات». وأضاف: «الليلة الماضية هنأت السيد كرزاي وشكرته على كلماته وقبوله نتيجة الانتخابات». وقال عبد الله عبد الله حول إمكانية التوصل لاتفاق مع كرزاي عوضا عن إجراء جولة ثانية من التصويت: «رغبتي الوحيدة هي أن تجري في الموعد المقرر وفي ظروف جيدة على صعيد الأمن والشفافية». وأضاف: «لا أخضع لضغوط المجموعة الدولية من أجل الانصياع لسيناريو»، في وقت أشار فيه عدة دبلوماسيين إلى احتمال التوصل إلى اتفاق سياسي بين كرزاي وعبد الله يجعل من غير المجدي تنظيم دورة ثانية. وقال «قد تكون هناك أفضليات لسيناريو آخر، لكن في هذا الوقت أن الدورة الثانية هي السيناريو الوحيد».

وكانت الدورة الأولى شهدت أعمال تزوير كثيفة ونسبة مشاركة ضئيلة بلغت 38.7 في المائة، ومواجهات جرت في الكواليس حول طريقة معالجة أعمال التزوير هذه. وقد أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة في أفغانستان مساء الثلاثاء، أن إلغاء الأصوات، التي اعتبرت مزورة خفض نتيجة كرزاي من 54.6 في المائة إلى 49.67 في المائة، أي أنه لم يحقق نسبة الـ50 في المائة الضرورية التي تخوله الفوز من الدورة الأولى. وقامت اللجنة الانتخابية بإلغاء آلاف البطاقات المزورة بطلب من لجنة الطعون الانتخابية. ولم تتأكد الحصيلة النهائية لنتيجة عبد الله رسميا بعد، لكنه من المرجح أنه حصل على قرابة 30 في المائة من الأصوات. وأعربت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عن ارتياحها لإجراء دورة ثانية للانتخابات الرئاسية في أفغانستان، وعرضت مساعدة الولايات المتحدة لتنظيمها. وقالت كلينتون في بيان «إن خططا أفغانية قد أعدت بغية إجراء دورة ثانية للانتخابات ونعرض دعمنا على السلطات الانتخابية لمساعدتها على انجاز العملية». وكتبت أيضا «بعد أسابيع من إعادة تعداد الأصوات والمناقشات العديدة حول ما شاب الاقتراع من ضعف، أظهر الأفغان أن عمليتهم ناجحة»، وأشادت بـ«شجاعة الأفغان وصبرهم». إلا أن المتحدث باسم الخارجية الأميركية، إيان كيلي، قال بعد ذلك إنه يجهل الشكل الذي قد تتخذه أي مساعدة أميركية محتملة. وقال ردا على أسئلة الصحافيين «علينا أن نرى كيف ندعمهم (...) وما هي احتياجاتهم بالضبط». وتطرق وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، قبل يومين إلى فرضية «ألا يترشح عبد الله للدورة الثانية»، لكن عبد الله قد يخسر كثيرا من مصداقيته إذا شارك في حكومة يشكلها كرزاي في وقت أصبح يعتبر فيه خلال حملة الانتخابات الرئاسية على أنه المعارض الرئيسي في البلاد. وقال دبلوماسي غربي «إن عبد الله هو الفائز الرئيسي في الانتخابات في الوقت الراهن». ويمكن أن تعرض عليه تعويضات أخرى، كما قال دبلوماسي آخر مثل المشاركة في وضع برنامج سياسي للحكومة المقبلة وقد يعرض عليه «وضع رسمي كأبرز معارض سياسي».

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، إن الأمم المتحدة ترغب باستبدال أكثر من 200 مدقق في فرز الأصوات متورطين في مخالفات أثناء الدورة الأولى. وأكد بان كي مون لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي)، أن الأمم المتحدة ستتخذ «كافة التدابير الضرورية في ما يخص الإدارة والأمن» من أجل التأكد من عدم تكرار المخالفات التي تخللت انتخابات الدورة الأولى.