واشنطن تعتبر الانتخابات أساسية لسحب قواتها.. وبغداد ترفض أي تدخل خارجي فيها

الدباغ على هامش مؤتمر الاستثمار لـ«الشرق الأوسط»: العراق لن يكون ورقة بيد سورية أو إيران

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وإلى يمينه الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في الطريق إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس (أ.ب)
TT

كانت الانتخابات العراقية المرتقب إجراؤها في يناير (كانون الثاني) المقبل، بالإضافة إلى إخراج العراق من قرارات مجلس الأمن بموجب الفصل السابع وعلاقات بغداد مع دمشق، موقع اهتمام المسؤولين الأميركيين الذين التقوا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي اختتم أمس زيارته إلى واشنطن التي كان الهدف الأساسي منها حضور مؤتمر الاستثمار في العراق الذي اختتم أعماله أمس. وبعد لقائه بالمالكي، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما: «لقد رأينا في الأشهر الماضية تثبيت الالتزام بالسياسة الديمقراطية داخل العراق. وإننا مهتمان، كلانا، بالتأكيد أن يصدر العراق قانون الانتخابات في الوقت المناسب كي تجرى الانتخابات في وقتها في يناير».

وتعتبر الانتخابات أحد المقومات الأساسية لمواصلة سحب القوات الأميركية تدريجيا من العراق، وهذا ما أشار إليه أوباما قائلا إن تطور العملية السياسية «يتماشى مع الانتقال الجاري ولقد كررت التزامي لرئيس الوزراء المالكي بأننا سنخرج قواتنا المقاتلة من العراق بحلول أغسطس (آب) المقبل وجميع قواتنا من العراق بحلول 2011». وفي حوار لـ«الشرق الأوسط»، قال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن «الجانب الأميركي واضح، انه يعطي اهتماما عاليا جدا للانتخابات لأنها انتخابات ناجحة ووطنية وتأتي بحكومة مقبولة من قبل مكونات الشعب العراقي ستتوج الجهد الكبير الذي بذله العراقيون والأميركيون. هناك رؤية أميركية ستفعل في الفترة المقبلة بأن دول المنطقة يجب ألا تكون مؤثرة في خيارات الناخب العراقي وطريقة اختياره لمن يمثله». وأضاف: «بالتأكيد هذا الجهد ليس مطلقا وإنما فيه محدودية بسبب أجندات مختلفة والوضع في العراق مفتوح على أجندات المنطقة مما يجعل من الأثر الأميركي محدوداً، طبعاً يبقى الأمر على العراقيين». وشدد الدباغ على التغيير في العلاقات مع الولايات المتحدة مع الاستعداد لانسحاب القوات الأميركية من العراق وقال «هذه الزيارة، بالإضافة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي رسمت علاقات جديدة مع الولايات المتحدة، اعتبرها بداية العلاقات الجديدة مع الولايات المتحدة التي تخرج من الإطار العسكري»، مشيرا إلى انعقاد مؤتمر الاستثمار والأعمال في العراق الذي استضافته وزارتا الخارجية والتجارة الأميركيتين في واشنطن. وحول اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين، قال الدباغ: «كانت اللقاءات والأحاديث سابقاً تدور كلها حول وجود القوات والتسليح، هذا اللقاء كاد يخلو من الجوانب الأمنية بصورة ملحوظة، خلال اللقاء مع (نائب الرئيس الأميركي) جو بايدن و(وزيرة الخارجية) هيلاري كلينتون وطبعا اللقاء المهم مع الرئيس باراك أوباما أشير إشارة عابرة وسريعة إلى الالتزام بجدول الانسحاب ولم يعط تلك الأهمية، حتى الجانب العراقي لم يعط الكثير من الأهمية له فنحن تجاوزنا الموضوع وأصبحنا في علاقة من نوع جديد مبنية على علاقة شراكة». وحول تأخر إصدار قانون الانتخابات، قال الدباغ: «هذا مصدر قلق كبير للحكومة العراقية ولمعظم الكتل السياسية، هذا دليل على أن الوضع السياسي في العراق ليس متماسكاً، وضع لا يزال هشا وهذا خطر على مستقبل النظام السياسي في العراق، أنا متأكد من أن المواطن العراقي قلق أيضا وأن البعض يحاول أن يعرقل إصدار قانون تحت أعذار مختلفة لكن كلها تصب في هدف واحد هو عرقلة الانتخابات أو جعل قائمة الانتخابات مغلقة لأن هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على ثقة الناخب العراقي بالقائمة المفتوحة، بالتالي هم يختبئون خلف القائمة المغلقة التي تعطيهم فرصة لأن ينتخبوا وهذا تراجع كبير في العملية الديمقراطية في العراق لأننا يفترض أن نتقدم وأن نوفر حرية للناخب العراقي في أن يختار من يعتقد بأنه يستطيع أن يمثله». وحول إمكانية تأجيل الانتخابات في العراق في حال لم يصدر قانون الانتخابات في الوقت المناسب، قال الدباغ: «من غير المستحب تأجيل الموعد، لأنه قد يصطدم بعقبات دستورية والتجاوز عليها يشكل تجاوزا على الدستور مما قد يفتح الباب أمام خروقات للدستور في المستقبل ليست صحية». وأضاف: «لا يزال هناك وقت ولكن دخلنا مرحلة الخطورة في المواعيد». وأثيرت تساؤلات حول توقيت زيارة المالكي إلى واشنطن مع اقتراب الحملة الانتخابية وإذا كان يحاول الحصول على الدعم الأميركي في خوض الانتخابات. ورد الدباغ على ذلك قائلا: «إذا الفعل ضمن القانون فهو مشروع ولا غبار عليه، وهنا أبوح بسر فرئيس الوزراء لم يحزم أمره من المجيء إلى واشنطن لافتتاح المؤتمر ولكن في الأيام الأخيرة نتيجة حجم الاهتمام للشركات والمستثمرين وحجم الاهتمام العراقي بالمؤتمر جعل المحيطين برئيس الوزراء ينصحونه بضرورة أن يحضر هذا المؤتمر ليعطي رسالة إلى العالم وللشركات الأميركية بأهمية المؤتمر». وأضاف: «لا نريد للولايات المتحدة أن تتدخل لطرف على حساب طرف، نريد للولايات المتحدة أن تدعم النظام السياسي وتدعم انتخابات ديمقراطية، وإذا تدخلت لصالح طرف ستحدث خللا في العملية الانتخابية وستصبح تدخلاتها سلبية مثل تدخلات الآخرين، ونريد منها أن تقف مسافة مماثلة من الجميع». وتابع «ما لمسنا من التصريحات الأميركية الحذرة أنهم يتعاملون مع العملية الانتخابية بطريقة محايدة وتوفير الفرصة للناخب العراقي فرصة الاختيار الحر وذلك يعتبر انجازاً للأميركيين». وفي ما يخص قرارات الفصل السابع المفروضة على العراق، قال الدباغ: «الولايات المتحدة مهتمة كثيرا بإخراج العراق من الفصل السابع وسيكون هناك جهد أميركي ملحوظ في المستقبل القريب مع جهد عراقي لبلورة خطة عمل واضحة من أجل إخراج العراق من الفصل السابع، وهو جزء من الاتفاق مع الولايات المتحدة ومسؤولية لها كما انه نوع من الانسجام مع الوضع في العراق ومن أجل أن ينجح». وأضاف «هناك قرارات غير مرتبطة بالكويت أو بأحد، فعلى سبيل المثال مازال هناك قرار حول أسلحة الدمار الشامل، ومازالت هناك قرارات تترتب على العراق وتعتبره مهددا للأمن والسلم في المنطقة وهذا لا مبرر له». وتبذل الحكومة العراقية الآن جهودا دبلوماسية لإلغاء القرارات التي تتجاوز الـ70 قرارا مع حلفاء مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وشرح الدباغ أن «قضية الكويت ما زالت تشكل الحجر الأساس في موضوع الفصل السابع والعراق مستعد لحوار ثنائي لنصل إلى حل يرضي الطرفين من دون تفريط بحق العراق أو الكويت». وعلى الرغم من فتح سفارتين في البلدين وإجراء حوار بين بغداد والكويت سابقاً، قال الدباغ: «منذ نحو 6 أشهر، لا يوجد حوار جدي مع الإخوة في الكويت ونحن جادون في الخوض في هذا الحوار ونأمل أن يقبل الإخوة في الكويت التعامل مع كل المشاكل في آن واحد، بدل من تجزئتها مما يخلق هوة بين الطرفين». وأضاف: «العراق قلق من المياه الإقليمية، لا يمكن للعراق أن يكون بيتا كبيرا وبوابته محدودة وصغيرة، وليس من مصلحة أحد أن يحصر العراق في بوابة صغيرة على الخليج، فالعراق بلد الاستثمارات القادمة وبلد سيكون فاعلا في استقرار المنطقة ونافعا للكويت واستقرارها ولدول الخليج الأخرى». ولم تكن العلاقات مع الكويت وحدها في نقاش الوفد العراقي مع الجانب الأميركي، فبحث المسؤولون العراقيون العلاقات مع سورية التي تأزمت بعد تفجيرات 19 أغسطس (آب) الماضي التي استهدفت وزارتي الخارجية والمالية. وقال الدباغ: «الأميركيون أبلغونا بصورة واضحة أنهم وجهوا رسالة واضحة للسوريين بأن العلاقة الجيدة مع الأميركيين تتطلب أن تقوم سورية بواجبها ومسؤولياتها في عدم السماح لأي مجموعات تهدد أمن واستقرار العراق أو أن تسمح بعبور مجموعات إرهابية» عبر حدودها للعراق. وأضاف: «نحن واثقون من أن الأميركيين وجهوا هذه الرسالة ولا بد للسوريين أن يغتنموا هذه الفرصة»، ليؤكد «إننا سعداء في أن تتطور العلاقة بين سورية والولايات المتحدة ولا نقبل أن تكون على حساب العراق». ولكنه أردف قائلا: «العراق ليس ورقة، لا بيد سورية ولا بيد إيران، ومن الضروري أن تراجع سورية موقفها». ولفت إلى أن «العراق سيتعامل تعاملا يضمن مصالح شعبه في علاقاته مع الدول الأخرى وكفة العراق كفة راجحة إذا قورنت بدول أخرى». وحول طلب العراق بتشكيل لجنة من الأمم المتحدة للتحقيق في تفجيرات 19 أغسطس (آب) في بغداد، أكد الدباغ أن «الولايات المتحدة تدعم طلب العراق في أن تكون هناك لجنة تحقيق محايدة». وأضاف: «ستكشف الأيام المقبلة جهد العراق مع الأمم المتحدة وجهد الولايات المتحدة الداعم للعراق في تشكيل لجنة تقصي الحقائق». وحول الوساطة التركية بين العراق وسورية، قال الدباغ: «نحن الآن نركز على المبعوث الأممي أكثر من تركيزنا على أي وساطة من بينها الوساطة التركية ولم يتم الحديث مع (رئيس الوزراء التركي) السيد رجب طيب أردوغان في زيارته إلى بغداد حول هذا الموضوع». وأضاف: «تراجع الاهتمام بالوساطة مع سورية لمصلحة المبعوث الأممي الذي نفضل أن يأتي إلى العراق وان يكشف حقائق وعندها سيكون هناك صورة أوضح، نحن لن نذكر سورية بالاسم وعلى المبعوث أن يحقق وسنتخذ موقفا إذا كان أي طرف متهم، ليس سورية فقط بل أي دولة أخرى»، موضحاً أن «تركيز الحديث عن تفجيرات 19 أغسطس لا يعني أننا ننسى تدخل الآخرين أو ضرر الآخرين في جراء أخرى، ولكن نحن أمام جريمة واضحة». وتابع: «لا داعي للبريء أن يتحسس».