الأسد: أولوية سورية تعزيز العلاقات مع الدول العربية ودول الجوار

قال إن الزمن ليس في مصلحة السلام.. ولنصل إلى اتفاق نحتاج شريكا إسرائيليا.. وأكد على إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار

الرئيس الأسد وزوجته يرحبان بالرئيسة الفنلندية وزوجها في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

قال الرئيس السوري بشار الأسد إن أولويات سورية هي «تعزيز العلاقات مع الدول العربية ودول الجوار، دون أن يعني هذا تجاهل بقية دول العالم»، مشيرا إلى أن العلاقات السورية التركية هي أنموذج في هذا الإطار. وأضاف الأسد في مؤتمر صحافي مشترك عقده يوم أمس مع الرئيسة الفنلندية تاريا هالونين أن «التوقيع على اتفاق الشراكة السورية الأوروبية هو موضوع تقني، وبإمكان دمشق أن تشرع بالتعاون مع أوروبا»، مشيرا إلى أن الأمرين، أي التعاون والتوقيع، «يعتبران أولوية، لكن ما نركز عليه حاليا هو التعاون»، وأنه «لا يمكننا الحديث عن علاقات ممتازة مع أوروبا أو الولايات المتحدة فيما لدينا علاقات سيئة مع جيراننا المباشرين»، موضحا أن «أوروبا قريبة لمنطقتنا ولكن الأمر لا يتعلق بالمفهوم الجغرافي فقط. فنلندا لديها الاهتمامات نفسها التي لدينا، والجميع في العالم قلق من التحديات نفسها كالسلم والأمن والفقر ومؤخرا الأزمة الاقتصادية».

وكانت سورية طلبت تأجيل موعد اتفاق الشراكة الذي حدده الاتحاد الأوروبي في 26 من الشهر الجاري، كي تعيد النظر في هذا الاتفاق بعد تجميد أربع سنوات.

وفيما يخص الوضع في لبنان قال الأسد إنه وضح لضيفته الرئيسة الفنلندية وجهة النظر السورية «بضرورة الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد الوضع في لبنان إلى حالته الطبيعية وإلى دوره الطبيعي بعد سنوات من الاضطراب والانقسام».

وأفاد الأسد في بداية المؤتمر أنه بحث مع الرئيسة الفنلندية القضايا المختلفة وأنه من «الطبيعي أن يكون العنوان الأهم بالنسبة لنا هو عملية السلام». وقد شرح موقف سورية من عملية السلام «القائمة منذ عقدين تقريبا والمتوقفة حاليا»، مؤكدا «تمسك سورية بهذه العملية، والدعم الشعبي للحكومة السورية للمتابعة فيها»، كما أكد «التمسك بالأسس التي تبنى عليها عملية السلام وخصوصا قرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام كمرجعية أقرها مؤتمر مدريد عام 1991». ورأى الأسد أنه «من البديهي أن يكون هذا المبدأ هو الأساس الوحيد للوصول إلى السلام». وتابع: «لا يمكن أن يكون هناك التقاء بنفس المكان وبنفس الدولة بين الاحتلال والسلام، ولا يمكن أن تكون دولة محتلة وتعمل من أجل السلام، وعلى إسرائيل أن تختار بين الأولى أو الثانية، وبالتالي لكي نصل إلى هذا السلام نحن بحاجة إلى شريك إسرائيلي لكي نتمكن من إيجاد اتفاقية سلام تحقق سلاما واقعيا على الأرض».

وفي رد على سؤال يتعلق بطروحات الرئيس الأميركي باراك أوباما ومواقف سورية منها قال الرئيس الأسد: «نتفق معها كعناوين، سواء عملية السلام أو ما يتعلق بموضوع الانسحاب من العراق، لكن هذه القضايا معقدة جدا، فهناك عناوين كبيرة وعناوين فرعية وعناوين تحت هذه العناوين وتفاصيل أخرى كثيرة». وإنه «حتى الآن لم نسمع سوى العناوين ولم يحصل نقاش مع الأطراف المعنية ومنها سورية»، مشيرا إلى أنه «دون مناقشة التفاصيل لا يمكن أن تضع خطة لتحقيق الهدف، لدينا عنوان وهدف ولكن ما هي العملية التي تنقلك من العنوان إلى الهدف؟».

ورأى الأسد أن «الزمن ليس في مصلحة السلام، والاستعجال ضروري، وهنا يكمن دور أوروبا، ولكي لا نخسر الزمن المهم علينا أن نتحرك معا من أجل استخدام هذا الزمن الضائع لنصل مع الإدارة الأميركية لتسيير عملية السلام».

ومن القضايا التي بحثها الأسد مع الرئيسة الفنلندية الموضوع الفلسطيني، وأكد خلال المباحثات «دعم سورية لعملية المصالحة بين الأطراف الفلسطينية من أجل الوصول إلى مفاوضات تحقق سلاما على المسار الفلسطيني»، كما جرى الحديث عن حصار غزة «وضرورة رفع المعاناة عن الفلسطينيين في قطاع غزة كنقطة من النقاط المهمة لإيجاد السلام على المسار الفلسطيني».

وردا على سؤال حول علاقة سورية مع إيران ومعالجة الملف النووي شدد الأسد على أن «معالجة أي ملف نووي في أي مكان في العالم لا يخضع للأمزجة الشخصية للمسؤولين ولا لأجندة سياسية معينة، وإنما يجب أن يخضع لاتفاقية الـ(إن بي تي)، اتفاقية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل». منبها إلى أن «المبادرات التي طرحت حول هذا الموضوع في الأعوام الماضية لم تكن متطابقة مع الـ(إن بي تي)، بل كان فيها إضافات لم تقبل بها إيران. ولو كنا نحن في سورية أو أي دولة أخرى تريد أن تقيم منشأة نووية سلمية فهي لا تقبل سوى بشروط اتفاقية الـ(إن بي تي)». موضحا أن «المشكلة ليست معقدة، ولكن عندما نخرج الأمور من مجلس الأمن ونعيدها إلى اتفاقية الـ(إن بي تي)، وتكون الوكالة للطاقة الذرية هي المعنية بمراقبة أي نشاط نووي في إيران أو في غيرها، فلا أعتقد أن هناك مشكلة، ولكن عندما كانت المقاربة للموضوع مقاربة خاطئة فمن الطبيعي أن لا نصل إلى نتائج». وتابع أن «سورية لديها علاقة قديمة ومتينة مع إيران، ونحن لدينا مبادئ معلنة تجاه القضايا النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وسورية تدعو لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل». وذكّر الأسد بأن سورية عندما كانت عضوا مؤقتا في مجلس الأمن عام 2003 قدمت مشروعا «لا يزال في أدراج الأمم المتحدة». وقال الرئيس السوري: «لم يكن هناك دعم من الدول الأساسية للمشروع، وهذا يناقض ما يتحدثون عنه حول الملف النووي الإيراني»، لافتا في هذا الخصوص إلى أن سورية تناقش «التفاصيل مع الدول الأوروبية وتقدم لهم أفكارا قد تساعد ولكنها ليست جزءا مباشرا من هذا الملف»، قبل أن يضيف موضحا: «لكننا نحاول أن نساعد في تحول هذا الملف من ملف مشكلة إلى حل واستقرار في الشرق الأوسط».

كما نوه الرئيس الأسد بمواقف فنلندا وتمسكها تتمسك بقرارات مجلس الأمن تجاه القضايا المختلفة، مشيرا إلى موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي ورفضها شن حرب على العراق دون قرار دولي.

من جانبها أعربت الرئيسة هالونين عن أمنياتها بأن تصل سورية إلى قرار بشأن توقيع الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن علاقات سورية بفنلندا علاقات جيدة ولكن يمكنها أن تتعزز، وكذلك العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وأكدت الرئيسة الفنلندية دعم بلادها لقيام سلام شامل ودائم يعود بالفائدة على كل دول المنطقة، كما أكدت على العمل لإزالة كل الشوائب التي تعرقل السلام، داعية إلى التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني وتشجيع إسرائيل على صنع السلام وبناء دولة فلسطينية قانونية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان. وكانت هالونين وصلت إلى دمشق الأربعاء في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، هي الأولى لها بصفتها رئيسة، في حين أنها زارت دمشق خلال تسعينات القرن الماضي بصفتها وزيرة للخارجية.