أغنيات التعذيب بغوانتانامو تثير احتجاجات بين الموسيقيين

الموسيقى عالية الصوت وسيلة منتشرة في سجون «سي آي إيه»

TT

هل كانت موسيقى برنامج «شارع سمسم» تعزف فعلا لتعذيب المعتقلين المحتجزين في غوانتانامو ومراكز الاعتقال الأخرى؟ وماذا عن فيلم «الفطيرة الأميركية» لدون ماكلين؟ أو مواء ميو ميكس؟ أو «ولد في الولايات المتحدة» لبروس سبرينغستين؟

طالب ائتلاف رفيع، يضم أعضاء في« بريل جام» و«آر إيه إم» و«ذا رووتش أمس أن تعلن الحكومة عن أسماء جميع الأغنيات التي كانت تذاع منذ عام 2002 للسجناء لمدة ساعات بل وأيام في غوانتانامو ضمن محاولة لإجبارهم على التعاون أو كوسيلة للعقاب.

وصادق عشرات من الموسيقيين على طلب قانون حرية المعلومات الذي رفعه معهد أبحاث ناشونال سيكيورتي أركايف ومقره نيويورك، سعياً للكشف عن جميع السجلات التي تتعلق باستخدام الموسيقى في ممارسات الاستجواب. وأصدر الفنانون أيضا احتجاجاً رسمياً على استخدام الموسيقى في مجال متصل بالتعذيب. وقالت روزان كاش في حوار عبر الهاتف يوم الأربعاء: «أعتقد أن كل موسيقي يجب أن يكون مهتما. يبدو الأمر واضحا للغاية. لا يجب أن تستخدم الموسيقى كوسيلة للتعذيب». وقالت المغنية ومؤلفة الأغاني (وابنة جوني كاش) إنها شعرت «باشمئزاز شديد» عندما سمعت عن تلك الممارسات. وأضافت: «إنها تفوق الحدود. ومن الصعب مجرد التفكير فيها».

وأعرب موسيقيون آخرون، من بينهم ترينت ريزنور من فريق ناين إنش نايلز، وتوم موريللو، العضو السابق في فريق راج أجنست ذا ماشين، عن غضبهم. وأعلن موريللو في بيان له: «أشعر بالاشمئزاز لحقيقة أن الموسيقى التي ساعدت على إنتاجها كانت تستخدم ضد الإنسانية. ونحن نحتاج إلى إنهاء التعذيب وغلق معتقل غوانتانامو الآن». ويأتي إعلان الموسيقيين بالتنسيق مع دعوة حديثة لجنرالات سابقين ومحاربين قدامى في الجيش لغلق غوانتانامو. وذلك في جزء من محاولة جديدة للضغط على الرئيس أوباما للوفاء بوعده وغلق المعتقل الموجود في كوبا في أول عام له في منصب الرئاسة. وأذيعت لقطات تلفزيونية وفقرات إذاعية تركز على القضية أيضا في الأسبوع الحالي بواسطة اللجنة الوطنية لغلق غوانتانامو، بقيادة توم أندروز، عضو الكونغرس السابق من ولاية مين. وصرح متحدث باسم البيت الأبيض إن الموسيقى لم تعد تستخدم كوسيلة للتعذيب، في جزء من التحول في سياسات التحقيق الذي أجراه أوباما في ثاني يوم له في منصبه.

وقد شكل الرئيس أيضا مجموعة عمل تجمع بين جهات مختلفة، تسمى مجموعة التحقيق مع المعتقلين ذوي الأهمية الكبرى، لدراسة الأساليب المستخدمة أثناء التحقيقات، لكن قال متحدث باسم البيت الأبيض في الأسبوع الحالي، إن تشكيل المجموعة الجديدة لم يكتمل بعد. وقال مسؤول في البيت الأبيض: «لقد حظر الرئيس استخدام أساليب استجواب معززة، وأصدر أمرا تنفيذيا يقضي بأن التحقيقات يجب أن تتفق مع الأساليب المنصوص عليها في الدليل الميداني للجيش واتفاقيات جنيف». وتقول سوزان كوزيك، أستاذة الموسيقى في جامعة نيويورك التي درست وتحاضر وتكتب عن استخدام الموسيقى كوسيلة للتعذيب في الحروب الراهنة: «يشكل الصوت عند مستوى معين عبئا ويسبب الخنوع، ويمكنه أن ينتج تراجعا إلى سلوك صبياني. وتعتمد فعاليته على ثبات الصوت، وليس الخصائص الموسيقية» وتقول إنه إذا عزفت الموسيقى بمستوى معين، «فهي ببساطة تمنع الناس من التفكير». ويأمل ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن الإجراءات التي يتخذها الموسيقيون ستجذب الانتباه إلى تلك الممارسات وتضمن عدم استخدامها من جديد. وقالت جين هوكرباي، مديرة الأبحاث في مركز حقوق الإنسان والعدالة الدولية في كلية القانون جامعة نيويورك: «في ضوء النماذج منتشرة الاستخدام للموسيقى كوسيلة للتعذيب على مدار الأعوام السبعة الأخيرة، والصعوبات التي تواجه الوصول إلى هؤلاء المحتجزين الحاليين، وفشل الولايات المتحدة في استبعاد صريح لاستخدام الموسيقى الصاخبة، يعد طلب قانون حرية المعلومات الذي تقدم به الموسيقيون مهماً من أجل معرفة استخدام الولايات المتحدة للموسيقى كوسيلة للتعذيب في الماضي وفي الحاضر، والمستقبل أيضا». وتشير هوكرباي إلى أن استخدام الموسيقى الصاخبة لمدة طويلة للسيطرة على السجناء أو إكراههم يعد انتهاكا لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع التعذيب ويشكل تعذيبا ومعاملة قاسية غير إنسانية ومهينة. وقد وقعت الولايات المتحدة على تلك الاتفاقية.

ووفقا لهوكرباي، كان استخدام الموسيقى عالية الصوت «وسيلة منتشرة للغاية لدى الحكومة الأميركية وشرطا قياسيا في سجون السي آي أيه». وتمثل مؤسسة هوكرباي محمد الأسد ومحمد باشميلة، المحتجزين السابقين اللذين أفرج عنهما عام 2005. ويقول الرجلان، إنهما أجبرا على الاستماع لموسيقى عالية الصوت بصورة لا تطاق لمدة أيام وأسابيع. وقد حاورت كوزيك، أستاذة الموسيقى، عددا من المحتجزين السابقين حول تجاربهم وتقول، إن الموسيقى التي يصفون أنهم سمعوها غالبا كانت موسيقى الميتال والراب والريف.

وقال محتجز سابق آخر هو بينيام محمد لهيومان رايتس ووتش إنه أجبر على الاستماع لأغنية إمينيم «ذا ريل سليم شادي، لمدة 20 يوما. وانضم إلى الدعوة إلى الكشف عن المعلومات عشرات من الموسيقيين ومن بينهم ديفيد بيرن وبيلي براغ، وستيف إيرل، وجاكسون براون وبوني رايت وتي- بون برونيت. وحتى الآن يحاول الفنانون معرفة ما هي الأغنيات التي كانت تعزف. ويقولون إنهم سيبحثون في الاختيارات القانونية بمجرد معرفة الأغاني.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»