في قبضة طالبان (الحلقة الأخيرة) : عدد كبير من الأشخاص كان يعمل على تحريري بينهم مسؤولون حكوميون ومستشارون أمنيون.. وآخرون مقابل المال

لم ندفع فدية وأحاديث المفاوضات التي نقلها الحراس كانت مفبركة * الحقانيون استخدموا شمال وزيرستان لتدريب الانتحاريين وصناع القنابل

لقطة من الجو لماريام شاه بالشريط القبلي التي كان يحتجز فيها مراسل «نيويورك تايمز» («نيويورك تايمز»)
TT

بعد خمسة أسابيع من هروبنا، عبر أسد من باكستان إلى أفغانستان، واتصل بأسرته وقال إنه أصبح حرا.

وبعد ذلك بعشرة أيام، تحدثت إليه عبر الهاتف، وأخبرني بأن الحراس ظلوا نائمين حتى الفجر في الليلة التي هربت فيها أنا وطاهر. في البداية، كانوا يعتقدون بأننا في المرحاض، ثم أدركوا أننا قد هربنا، ثم أخبرني أسد أنهم اتهموه بأنه كان يعرف بخططنا للهروب. وبعد ذلك قيده أحد القيادات بحركة طالبان ووضعه في مكان تحت الأرض لمدة 17 يوما، واستمروا في ضربه لمدة ثلاثة أيام من تلك المدة. بعد ذلك أرسلت أسرة أسد وفدا قبليا للضغط على الخاطفين من أجل إطلاق سراحه، ثم يقول أسد إن أحد الحراس تركه وحيدا في 27 يوليو (تموز)، فتمكن من الهرب واستقل سيارة أجرة حتى الحدود الأفغانية.

في المكالمة الهاتفية، أنكر أسد التعاون مع الحراس خلال فترة اختطافنا وقال إنه كان يحمل سلاحا لأن أعضاء حركة طالبان طلبوا منه ذلك. على أي حال، أعتقد بأن أسد كان يتعاون مع طالبان كي ينجو.

وبعد أن عدت إلى نيويورك، علمت أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص كان يعمل على تحريري، بما في ذلك أفراد أسرتي، وزملائي، ومسؤولون حكوميون ومستشارون أمنيون.

كما عرض عدد من الأفغان والباكستانيين أن يحاولوا الحصول على معلومات حول مكاني أو أن يحاولوا تحريري؛ بعضهم كان متطوعا والبعض الآخر كان يعرض خدماته في مقابل المال. وخلال ذلك الوقت، قتل رجلان أفغانيان في كمائن ولكن ليس معروفا إذا ما كانت تلك الهجمات لها علاقة بقضيتنا أم لا؛ حيث إن التوصل لحقائق متعلقة بالأحداث في المناطق الحدودية في أفغانستان وباكستان أمر شديد الصعوبة، يزيد من صعوبتها ذلك القتال الدائر حاليا في المنطقة. كما أنه من النادر أن يتم التحقيق في مقتل أحد الأشخاص؛ فالقتال وعمليات الثأر والإشاعات مستمرة طوال الوقت.

بعد أن عدت إلى منزلي، اكتشفت أن خاطفي قد اختلق عددا كبيرا من القصص أكثر مما كنت أعتقد؛ فقد اتضح لي أن أبو الطيب ذاع صيته في التسعينات بعد أن قتل مجموعة من السجناء الأفغان المعارضين لحركة طالبان. ويعتقد بأنه يختبئ في كراتشي في جنوب باكستان.

كما أن زعمه بأنني أخبرت الجيش بموقعه حين كنت أجري حوارا معه في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كان خاطئا. فلم تكن هناك أي عمليات للجيش.

كما لم يتم أبدا بث شريط الفيديو الذي تم تصويره خلال شهر يناير (كانون الثاني) والذي كنا نمشي فيه بمشقة عبر الثلوج. فقناة «الجزيرة» كانت قد نوهت عن الشريط من خلال بث مقطع إعلاني مختصر إلا أنها لم تبث كامل الشريط بناء على طلب من الـ«نيويورك تايمز».

وقد اكتشفت أن كافة المعلومات التي أخبرني بها أبو الطيب تقريبا فيما يتعلق بالمفاوضات كانت مفبركة. فلم توافق الحكومة الأفغانية أبدا على إطلاق سراح السجناء في مقابل ثلاثتنا. كما أن الولايات المتحدة لم تعرض أن تبادلنا بما تبقى من السجناء الأفغان في معتقل غوانتانامو. وبعد هروبنا، كانت هناك إشاعات بأنه تم دفع فدية في مقابل إطلاق سراحنا أو رشوة الحراس؛ ولكن عائلتي و«نيويورك تايمز» لم يدفعا أي فدية؛ كما أن الصحيفة كانت قد قررت ألا تعلن عن أي تفاصيل تتعلق بجهودها لتأمين إطلاق سراحنا لأن مثل تلك التفاصيل قد تعرض المراسلين والعاملين الآخرين بالمنطقة للخطر.

ومن جهة أخرى، كان المسؤولون الأميركيون يعملون على تحريرنا ولكنهم حافظوا على سياستهم الأبدية بعدم التفاوض مع المختطفين. ولم يدفعوا أي فدية كما أنهم لم يبادلونا بالسجناء. كما أكد المسؤولون الباكستانيون والأفغان أنهم لم يطلقوا سراح أي سجناء أو يقدموا المال للمختطفين.

ولكن المستشارين الأمنيين الذين كانوا يعملون على قضيتنا قالوا إنهم قد دفعوا المال لبعض الأعضاء في حركة طالبان الذين قالوا إنهم يعرفون مكاننا. ولكنهم أكدوا أنهم لم يتمكنوا أبدا من تحديد هوية الخاطفين أو من إقامة أي اتصال مع الحراس الذين كانوا يعيشون معنا.

واستمرارا للتقارير المزيفة؛ ففي 13 سبتمبر (أيلول)، قالت صحيفة «الصنداي تايمز» بلندن إنه تم دفع فدية قدرها تسعة ملايين دولار لإطلاق سراحنا، ثم نشرت تراجعا كاملا.

ومن جهة أخرى، استمرت طالبان في اختطاف الصحافيين؛ ففي 6 سبتمبر (أيلول) اختطف المقاتلون في المقاطعة الأفغانية (قندوز) مراسل صحيفة «النيويورك تايمز» ستيفن فاريل والصحافي الأفغاني الذي يعمل معه سلطان منادي أثناء إعدادهما تقريرا حول عملية تفجير قامت بها قوات حلف شمال الأطلسي أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين. وبعد ذلك بأربعة أيام، استطاعت قوات الكوماندوز البريطانية تحرير ستيفن إلا أن سلطان وجنديا بريطانيا وامرأة أفغانية قتلوا. يذكر أن سلطان كان صديقا وفيا وكان أبا لطفلين وكان قد عاد لوطنه في إجازة من دراسته في ألمانيا. ومن جهة أخرى، تأكدت شكوكي بشأن العلاقة بين الحقانيين والجيش الباكستاني، فبعض المسؤولين الأميركيين أخبروا زملائي في «النيويورك تايمز» بأن استخبارات الجيش الباكستاني، والاستخبارات الداخلية تغضان الطرف عن أنشطة الحقانيين. بل إن بعضهم ذهب أبعد من ذلك وقال إن الاستخبارات الداخلية تمد الحقانيين وغيرها من الجماعات التابعة لحركة طالبان بالمال والإمدادات والتخطيط الاستراتيجي. كما أخبر المسؤولون الباكستانيون زملائي بأن تلك الصلات كانت جزءا من استراتيجية تستهدف الحفاظ على النفوذ في أفغانستان لمنع الهند ـ عدو باكستان الرئيسي ـ من وضع قدمها هناك. وقد أطلق أحد المسؤولين الباكستانيين على حركة طالبان «قوات مفوضة للحفاظ على مصالحنا».

وفي نفس الوقت، استمر الحقانيون في استخدام منطقة شمال وزيرستان لتدريب الانتحاريين وصناع القنابل الذي يقتلون القوات الأفغانية والأميركية. كما أنهم استمروا في اختطاف الرهائن.

أشعر بالامتنان الهائل لكل المجهودات التي بذلت من أجلنا. فنحن محظوظون للغاية لأننا تمكنا من الهرب من دويلة طالبان في المناطق القبلية في باكستان. حيث إن هناك عددا كبيرا غيرنا لم يكونوا بمثل حظنا وهناك آخرون لن يكونوا بمثل حظنا كذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز»