باكستان: مقتل أكثر من 20 شخصا في ثلاثة تفجيرات دامية أحدها انتحاري

سقوط أكثر من 15 شخصا بينهم أطفال ونساء كانوا في طريقهم لحضور حفل زفاف

ضباط باكستانيون يعاينون آثار التفجير الانتحاري امام القاعدة الجوية أمس (رويترز)
TT

مع مضي قوات الجيش الباكستاني قدما في هجومها البري في جنوب وزيرستان وتحقيقها مكاسب عسكرية كبرى في معقل «طالبان»، عمد مسلحو الجماعة في مدن بشمال وزيرستان إلى الانتقام عبر تنفيذ تفجيرات إرهابية وهجمات انتحارية ضد منشآت عسكرية. وقتل أكثر من 20 شخصا في ثلاثة انفجارات وقعت أمس، في شمال وشمال غربي باكستان. فقد أسفر انفجار حافلة ركاب كان على متنها عدد كبير من الأطفال والنساء كانوا في طريقهم لحضور حفل زفاف في شمال غربي باكستان عن مقتل أكثر من 15 شخصا. وأعلن مسؤول محلي أن من بين ضحايا انفجار الحافلة الذي وقع في منطقة موهماند القبلية أربع نساء وثلاثة أطفال، وأشار إلى أن الانفجار قد يكون بواسطة عبوة تم تفجيرها عن بعد».

كما شهد شمال باكستان هجومين آخرين أحدهما انتحاري استهدف قاعدة عسكرية جوية للجيش الباكستاني، بينما كان الثاني بواسطة سيارة مفخخة استهدف مطعما في مدينة بيشاور. وهاجم انتحاري مخفر حراسة أمس، خارج مجمع الطيران الباكستاني في كامرا كانت، على بعد 60 كيلومترا غرب إسلام آباد، أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم اثنان من العاملين في القوات الجوية الباكستانية. وقال متحدث باسم القوات الجوية إن اثنين من القتلى من أفراد الأمن والباقي من المدنيين. وقال ضابط شرطة إن الانتحاري كان يقود دراجة هوائية عندما فجر نفسه قرب نقطة تفتيش خارج القاعدة.

ويعتبر مجمع كامرا الذي تقع فيه القاعدة وفقا لاعتقاد عدد من المحللين العسكريين الأجانب، الموقع المحتمل الذي تخزن فيه باكستان رؤوسا نووية وطائرات قادرة على حمل تلك الرؤوس، وهو ما ينفيه الجيش الباكستاني. وعلى مدار أمس، ظلت العاصمة الباكستانية آمنة، رغم التوتر الشديد المسيطر عليها، حيث لجأت قوات الشرطة والأمن إلى إجراءات أمنية صارمة حول المدينة. من ناحيتهم، أكد خبراء باكستانيون أمنيون أن موجة الهجمات الإرهابية في الشمال تأتي انتقاما من المكاسب العسكرية التي حققها الجيش الباكستاني في جنوب وزيرستان، معقل «طالبان». وصرح مسؤولون باكستانيون أن القوات الأمنية حاصرت معقل مسلحي الحركة في كوتكاي بجنوب وزيرستان بعد صدامات عنيفة حول المدينة. يذكر أن المدينة تعد واحدة من المعاقل القوية للجماعة وتعد موطن زعيمها، حكيم الله محسود. وأعلن المسؤولون مقتل أكثر من 100 مسلح خلال العملية التي بدأت أول من أمس. وقال المسؤول في الإدارة المحلية، مقصود خان، لوكالة الصحافة الفرنسية «إن لغماً انفجر لدى مرور حافلة تقل مدعوين إلى حفل زفاف ما أدى إلى مقتل 15 شخصا وجرح ستة آخرين». وأكد المسؤول المحلي، رسول خان، هذه الحصيلة موضحا أن معظم الضحايا من النساء والأطفال. وشنت قوات الأمن الباكستانية عملية واسعة النطاق على المتطرفين الإسلاميين في مناطق مهمند وباجور في أغسطس (آب) 2008. وأعلنت القوات في فبراير (شباط) 2009 أنه تم تنظيف تلك المنطقة بعد أشهر من المواجهات، لكن الحوادث تتواصل. وكانت باكستان تعرضت في وقت سابق أول من أمس لاعتداءين جديدين يندرجان في موجة الهجمات التي أوقعت 200 قتيل في غضون 19 يوما. والاعتداء الأول استهدف نقطة مراقبة على مقربة من قاعدة جوية مهمة في كامرا على بعد 80 كلم غرب إسلام آباد، ومطعما في بيشاور، كبرى مدن شمال غربي البلاد. وأعلن قائد الشرطة المحلية فخر سلطان لوكالة الصحافة الفرنسية «أن ستة مدنيين وعنصرين من القوات الجوية قتلوا في الاعتداء الانتحاري في كمارا»، معلنا ارتفاع حصيلة سابقة أشارت إلى مقتل سبعة أشخاص. وبعد بضع ساعات، انفجرت سيارة مفخخة أمام مطعم في بيشاور، في حي فخم بحياة آباد، مما أسفر عن خمسة عشر جريحا، بحسب حصيلة جديدة أعلنها المسؤول في الإدارة المحلية صاحب زادة محمد أنيس. وتقع بيشاور على حدود المناطق القبلية، حيث تتحصن عناصر طالبان الباكستانية والمقاتلون الموالون لتنظيم القاعدة. وتعرضت المدينة لست هجمات في الأشهر الأربعة الأخيرة. ولم تتب أي جهة حتى الآن مسؤولية الاعتداءات التي تندرج في إطار سلسلة هجمات تشنها حركة طالبان الباكستانية وتستهدف خصوصا القوات المسلحة. وتوعدت باكستان بسحق عناصر طالبان وشنت هجوما أول من أمس في وزيرستان الجنوبية معقل المقاتلين الإسلاميين وسط المناطق القبلية قرب الحدود الأفغانية في شمال غربي البلاد، لكن العملية البرية التي تدعمها طائرات حربية ومروحيات هجومية ومدفعية ثقيلة، تصطدم بمقاومة المقاتلين الإسلاميين.

وقد أدت وعورة أرض المعركة والألغام ومقاومة طالبان إلى عرقلة تقدم القوات الباكستانية، وقد تطول العملية أكثر مما هو متوقع، بحسب مصادر عسكرية.

ويشارك نحو 30 ألف عسكري ميدانيا في هذه العملية بحسب ضباط. ويواجهون بحسب خبراء نحو عشرة آلاف عنصر من طالبان الباكستانية يدعمهم عدد غير محدد من المقاتلين الأجانب. وباكستان مسرح لموجة غير مسبوقة من الاعتداءات التي أودت بحياة أكثر من 2300 شخص منذ يوليو (تموز)، وقد نفذ غالبيتها انتحاريون من طالبان الباكستانية الموالية لتنظيم القاعدة. وكانت وحدة مسلحة من طالبان هاجمت المقر العام للقوات المسلحة في روالبندي قرب إسلام آباد في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، كما قتل جنرال في تبادل إطلاق نار في العاصمة أول من أمس. وتوعدت باكستان بسحق عناصر طالبان وشنت هجوما أول من أمس في وزيرستان الجنوبية معقل المقاتلين الإسلاميين وسط المناطق القبلية قرب الحدود الأفغانية في شمال غربي البلاد. ويشارك نحو 25 ألف عسكري ميدانيا في هذه العملية بحسب ضباط. ويواجهون بحسب خبراء نحو عشرة آلاف عنصر من طالبان الباكستانية يدعمهم عدد غير محدد من المقاتلين الأجانب. وقتل نحو 137 متمردا و18 جنديا منذ بداية الهجوم، بحسب مصادر عسكرية، في حين فر أكثر من 120 ألف مدني من منطقة المعارك. ولزم ملايين التلاميذ والطلاب منازلهم هذا الأسبوع، لأن كل المدارس في البلاد أقفلت أبوابها خشية وقوع اعتداءات جديدة.