البحرين: جدل بين البرلمان والحكومة حول قانون يعاقب بالسجن 5 سنوات من يتعامل مع إسرائيل

الحكومة ترد بأن القانون يتعارض مع سلطة الدولة في مباشرة شؤونها السياسية

عناصر من شرطة مكافحة الشغب المصرية يقفون أمام إحدى الكنائس في مدينة ديروط بصعيد مصر وذلك بعد المصادمات التي حدثت بين المسلمين والأقباط وأدت إلى مقتل أحد الأقباط (أ.ب)
TT

ستكون جلسة البرلمان البحريني هذا الأسبوع مسرحا لمواجهة مرتقبة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، عندما يناقش المجلس قانونا بشأن حظر كافة أشكال التعامل مع إسرائيل، بل ويذهب القانون بمعاقبة من يخالف القانون بالسجن لمدة 5 سنوات، في الوقت الذي رأت فيه الحكومة البحرينية أن مشروع القانون يتداخل مع صلاحيات ومسؤوليات الوزارة كجزء من السلطة التنفيذية «التي تستقل بتقدير الموائمات الدبلوماسية البحرينية في إطار ثوابت السياسة الخارجية وفي إطار ما نص عليه دستور مملكة البحرين».

وعلى الرغم من أن جلسة البرلمان التي ستناقش مشروع القانون هذا ستعقد يوم الثلاثاء المقبل، فإن المواجهة بدأت مبكرا إثر جدل قانوني دارت رحاه بين الطرفين، وكانت المكاتبات الرسمية هي مكان هذا الجدل، إلى أن هذا الجدل سيتسع مداه في جلسة البرلمان المقبلة، التي ستكون مسرحا لمواجهة مباشرة بين المؤيدين والرافضين لمشروع القانون.

ولعل أكثر ما يمكن أن يثير جدلا في هذا القانون بين السلطتين، هو أن الرأي القانوني الذي أبلغه المستشار القانوني للجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، التي وافقت على القانون، قد انتهى إلى «عدم اختصاص مجلس النواب بالاقتراح بالقانون المقدم منه بشأن حظر كافة أشكال التعامل مع الكيان الإسرائيلي، الذي أعدته الحكومة في مشروع قانون»، وعلى الرغم من هذا الرأي القانوني، فإن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني أصرت على المضي في القانون وتقديمه في الجلسة المقبلة (يوم الثلاثاء) للبرلمان، وبحسب رأي اللجنة فإنها تمسكت «باختصاصها بمشروع القانون المذكور استنادا إلى حق السلطة التشريعية الأصيل في إقرار كافة القوانين أيا كان موضوعها».

وأكدت مصادر بحرينية مطلعة أن مثل هذا القانون، وعلى الرغم من الدعم المتوقع له من قبل أعضاء البرلمان في جلسة الثلاثاء المقبل، لا يمكن أن يمر على الحكومة، وتضيف المصادر أن القانون يتعارض مع مسؤوليات الدبلوماسية البحرينية، التي ستقيد نفسها في حال إقرار القانون من أي التزامات سابقة في إطار المنظمات الدولية، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، واختصرت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» «باختصار لن يرى هذا القانون النور ولن توافق عليه الحكومة إطلاقا».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دعا ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، القادة العرب إلى مخاطبة الإسرائيليين من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية لتسهيل جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط. واتهم الأمير سلمان الدول العربية بعدم بذل الجهد الكافي من أجل الاتصال المباشر مع الشعب الإسرائيلي لتسويق الرغبة العربية في السلام وإنهاء الصراع مع الإسرائيليين.

وكان ولي العهد البحريني قد التقى مسؤولين إسرائيليين خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في 2000 و2003، في حين التقى وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد نظيرته الإسرائيلية، تسيبي ليفني، في الأمم المتحدة عام 2007.

وترى الحكومة البحرينية في رسالة حملت رأيها، أرسلت من الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، أن هذا القانون لا يأخذ في الاعتبار، السياسة العامة التي تلتزم بها السلطة التنفيذية، من حيث تنسيق مواقفها مع الموقف العربي، في إطار جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، «بهدف خدمة القضية الفلسطينية وما يقتضيه ذلك من عدم اتخاذ موقف مسبق منفرد قد يسيء بشكل أو بآخر إلى الجهود العربية الرامية لخدمة القضية الفلسطينية في إطار الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. ولا يأخذ مشروع القانون في الاعتبار، أيضا، بعض التطورات التي حدثت في مسيرة السلام في الشرق الأوسط، التي أدت إلى اتخاذ جامعة الدول العربية، قرارات بإنهاء المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة، واتخاذ مجلس التعاون لدول الخليج العربية قرارات، في هذا الصدد، تتفق مع ما قررته جامعة الدول العربية».

وفي الوقت الذي تتحفظ الحكومة البحرينية على هذا القانون، إلا أنها تقول في الوقت ذاته إن مملكة البحرين أكدت أكثر من مرة «موقفها الثابت والمبدئي من أنه لن يكون هنالك أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل إلا بعد أن يتم تحرير الأرض العربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، واتخاذ موقف عربي جماعي في إطار جامعة الدول العربية بشأن العلاقات مع إسرائيل».

وبحسب مسودة مشروع القانون، المقترح من قبل 5 نواب من جمعية الوفاق الوطني الإسلامي المعارضة ووافقت عليه لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، بشأن «حظر كافة أشكال التعامل مع الكيان الإسرائيلي»، وأوصت في تقريرها بالموافقة عليه، فإنه يعاقب «كل من يخالف عمدا أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تتجاوز 5 سنوات، ويجوز مع هذه العقوبة الحكم بغرامة لا تتجاوز 10 آلاف دينار بحريني، فإذا كان الجاني شخصا اعتباريا ارتكبت الجريمة باسمه أو لحسابه باستخدام إحدى وسائله، تنفذ العقوبة على من ارتكب الجريمة من المنتمين للشخص الاعتباري ممن لهم سلطة اتخاذ القرار، أو المسؤولين عن ارتكابها. ويجوز الحكم بإلغاء الترخيص الممنوح للشخص الاعتباري بمزاولة العمل في مملكة البحرين، مع حرمانه من الحصول على ترخيص مماثل لمدة 10 سنوات. وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة، كما يحكم بمصادرة وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة، متى كان أصحابها على علم بذلك، ويلغى القانون رقم (5) لسنة 1963 بتنظيم مكتب مقاطعة إسرائيل في البحرين وتوابعها».

ويحظر القانون في مادته الأولى على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالوساطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية، أو عمليات مالية، أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته، وتعتبر الشركات والمنشآت أيا كانت جنسيتها، التي لها مصالح، أو فروع، أو توكيلات عامة في إسرائيل، في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم». كما يحظر مشروع القانون «دخول أو تبادل أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها أو الاتجار فيها بأي صورة، ويسري الحظر على القراطيس المالية وغيرها من القيم المنقولة الإسرائيلية. وتعتبر إسرائيلية البضائع والسلع المصنوعة في إسرائيل، أو التي دخل في صناعتها جزء أيا كانت نسبته من منتجات إسرائيل على اختلاف أنواعها، سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر». فيما تنص المادة الثانية من مشروع قانون على أنه «دون إخلال بالاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفا فيها، تسري أحكام المادة الأولى على البضائع والسلع التي تدخل أراضي مملكة البحرين، أو تمر عبر أراضيها، وتكون برسم إسرائيل أو أحد الأشخاص أو الهيئات المقيمين بها».