التونسيون يصوتون اليوم.. وبن علي يرفع تمثيل المعارضة في البرلمان إلى 25 %

الرئيس التونسي يعطي مرصد الانتخابات صلاحية «المراقب» ويرفض مراقبين دوليين

أسرة تونسية تمر أمام ملصقات انتخابية للمرشحين للانتخابات الرئاسية مع الرئيس زين العابدين بن علي في تونس أمس (أ.ف)
TT

يتوجه أكثر من 5 ملايين ناخب تونسي إلى صناديق الاقتراع صباح اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية وأعضاء البرلمان التونسي الجديد.

ومن المقرر أن يختار الناخبون 214 عضوا للبرلمان من مرشحي 9 أحزاب تتنافس فيما بينها على الانتخابات البرلمانية، إضافة إلى اختيار رئيس جديد للجمهورية من بين 4 مرشحين هم زين العابدين بن علي مرشح حزب التجمع الدستوري الحاكم، ومحمد بوشيحة رئيس حزب الوحدة، وأحمد إبراهيم رئيس حزب حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا)، وأحمد الأنوبيلي رئيس الاتحاد الديمقراطي.

ويبلغ عدد الدوائر الانتخابية نحو 26 دائرة، موزعة على 21 ولاية. وحسب القانون الأساسي الذي يحكم الانتخابات التونسية فإنه من المتوقع أن تفوز المعارضة بـ25% من عدد النواب على الأقل في البرلمان.

وتشارك في الانتخابات 181 قائمة في 26 دائرة، تتنافس على 214 مقعدا.

يذكر أن انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2009 تعد قياسية في كل أرقامها من حيث أنها شهدت تطورا في عدد المقاعد النيابية (214 مقابل 189 مقعدا سنة 2004)، وسيكون للمعارضة 53 مقعدا (مقابل 37 سنة 2004)، وترشحت في هذه الدوائر 9 أحزاب (مقابل 7 أحزاب سنة 2004)، وترشحت 15 قائمة مستقلة (مقابل 7 سنة 2004).

ويذكر أن الانتخابات التشريعية شهدت منذ 1959 تنافسا ـ وإن كان غير متساو ـ بين الأحزاب الموجودة، باستثناء انتخابات 1964 وانتخابات 1969 و1974 وكذلك انتخابات 1979 التي لم تشهد منافسة وتقدم إليها الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم بمفرده.

وتأتي الانتخابات التشريعية الحالية لتشهد تنافسا ساخنا بين الأحزاب المعارضة والتي رشحت في الدوائر كوادرها على النحو التالي:

التجمع الدستوري الديمقراطي: 161 مترشحا بـ26 دائرة وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين: 141 مترشحا في 23 دائرة وحزب الوحدة الشعبية: 142 مترشحا في 23 دائرة والاتحاد الديمقراطي الوحدوي: 133 مترشحا في 22 دائرة و الحزب الاجتماعي التحرري: 138 مترشحا في 22 دائرة وحزب الخضر للتقدم: 150 مترشحا في 21 دائرة وحركة التجديد (المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم):77 مترشحا في 13 دائرة و الحزب الديمقراطي التقدمي: 31 مترشحا في 9 دوائروالتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات: 30 مترشحا في 7 دوائر.

وأدخل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي العام الجاري تعديلا استثنائيا على الدستور يقضي برفع عدد المقاعد المخصصة للمعارضة في مجلس النواب الجديد إلى 25 في المائة وذلك بغض النظر عن نتائج التصويت في الانتخابات التشريعية.

ويضم البرلمان المنتهية ولايته 189 مقعدا منها 152 للحزب الحاكم و37 موزعة بتفاوت بين 5 أحزاب معارضة (من جملة 8 أحزاب معترف بها في البلاد) أي أنها لا تستأثر مجتمعة سوى بنسبة 20 في المائة من إجمالي المقاعد.

وفي الوقت نفسه، تعهد المرصد التونسي للانتخابات الرئاسية والتشريعية بأن يكون «محايدا ومستقلا عن كل أطراف العملية الانتخابية» ووعد بأن ينشر في تقريره كل الخروقات والإخلالات حتى وإن كانت صادرة عن «الإدارة» (وزارة الداخلية) أو الحزب الحاكم .

ورفضت تونس قبول مراقبين دوليين أجانب خلال هذه الانتخابات معتبرة ذلك شكلا من أشكال المساس بسيادتها الوطنية مرحبة بوجود «ملاحظين» فقط.

ولم تستجب السلطات لمطالب أحزاب معارضة دعت إلى تشكيل هيئة وطنية مستقلة تضمّ ممثلين عن جميع أطراف العملية الانتخابية وتكليفها بتنظيم الانتخابات (عوضا عن وزارة الداخلية) إضافة إلى مراقبة جميع مراحلها.

وكلف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عميد المحامين التونسيين السابق عبد الوهاب الباهي بتشكيل «المرصد الوطني للانتخابات الرئاسية والتشريعية» وأسند له مهمة مراقبة الانتخابات. وسبق للرئيس بن علي أن كلف الباهي برئاسة المرصد خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2004 والانتخابات البلدية (المحلية) عام 2005.

وقال الباهي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الرئيس التونسي أعطى المرصد خلال هذه الانتخابات صلاحية «المراقبة» بعد أن كان دوره في انتخابات 2004 و2005 يتوقف عند مجرد «الرصد».

وأضاف: «أصبحت مهمتنا الرصد والمراقبة ونعني بالمراقبة الاتصال بالإدارة والتدقيق معها لمعرفة ما إذا كانت قامت بواجباتها ومكنت الناخبين والمرشحين من حقوقهم بكل حياد أم لا».

وأضاف أن المرصد سيحرص على ضمان «سرية الاقتراع» وفرض «الخلوة الإجبارية» عند التصويت بعد أن لاحظ أن الخلوات في انتخابات 2004 «لم تستوف شرط السرية» وأنه سيحرص أيضا على ضمان «علنية فرز الأصوات».

وقال: «يلعب المرصد أيضا دور الوسيط بين الأحزاب والناخبين من جهة والإدارة (وزارة الداخلية) من جهة ثانية.. وقد أمنا حوارا غير مباشر بين مرشحين يجدون صعوبة في علاقتهم بالإدارة (وزارة الداخلية) ونقلنا إليها مشاغلهم وتوصياتهم». ولاحظ: «قد تصل التجاذبات السياسية إلى حد القذف والتجريح ونحن نعمل على إقرار نوع من الأخلاقيات السياسية».

ورفض «الحزب الديمقراطي التقدمي» الذي يعتبر من أبرز أحزاب المعارضة في تونس التعامل مع المرصد باعتبار رئيسه منصبا من رئيس الدولة.

وقد انسحب الحزب من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وقال إنه يرفض أن يكون «شاهد زور في انتخابات تفتقد لأدنى شروط الشفافية والنزاهة».

كما تعاملت معه حركة التجديد (اليسارية) المعارضة باحتراز بادئ الأمر فيما لم تبد بقية الأحزاب المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية أي تحفظات بشأنه.

وردا على سؤال حول مدى استقلالية المرصد عن الحكومة التونسية باعتبار رئيسه معينا ولتلقيه تمويلات من الدولة لأداء مهامه قال الباهي: «صحيح أنا معين من قبل رئيس الدولة لكن بن علي لم يعين معي تركيبة المرصد التي اخترت عناصرها بمفردي على أساس الحياد والاستقلالية».

وقال إن المرصد يضم 26 شخصية بين محامين وصحافيين وأطباء وجامعيين وحقوقيين «مشهود لهم بالاستقلالية والحياد وليس لهم أي انتماءات أو استحقاقات سياسية وكلهم متطوعون ولا يتقاضون أجرا».

واعتبر أن الطعن في استقلالية المرصد «اعتباطي وله خلفيات سياسية» وأن استقلالية المرصد وحياده يعكسهما التقرير الذي يصدره حول سير الانتخابات موضحا أن التقرير يرفع أولا إلى رئيس الدولة ثم ينشر لاحقا في الصحافة. وقال إن التقرير يتضمن بالخصوص جردا بالإخلالات المسجلة خلال كل مراحل العملية الانتخابية والتوصيات اللازمة «لمعالجتها».

وأضاف أن مطالبة أغلب الأحزاب السياسية بجعل المرصد الذي تبدأ مهامه قبل الانتخابات وتنتهي بعدها مؤسسة قارة ودائمة تشرف على كل الانتخابات التي تجرى في البلاد «يعكس ثقة الأحزاب في حياده».

وأشار إلى أنه ليس بإمكان المرصد مراقبة كل مكاتب الاقتراع «التي يتراوح عددها بين 4 و5 آلاف مكتب» موضحا أن أعضاء المرصد «يراقبون عينات من هذه المكاتب ويرصدون الظواهر (الإخلالات) التي تتكرر في المكاتب».

ولفت إلى أن المرصد ليس مكلفا بفض النزاعات الانتخابية وأن هذا الأمر موكول إلى المجلس الدستوري (حكومي).