الأحزاب السودانية تبدأ مبكرا حملاتها لمعركة انتخابات أبريل .. وتسجيل الناخبين أول نوفمبر

80 حزبا سياسيا تخوض غمار انتخابات تنهي الفترة الانتقالية.. وتمهد للاستفتاء على جنوب السودان

الصادق المهدي زعيم حزب الامة السوداني يرحب بميني ميناوي مستشار الرئيس السوداني واحد قادة المسلحين في دارفور سابقا في افتتاح المؤتمر العام للحزب في فبراير (شباط) الماضي (أ. ف. ب)
TT

تحول المناخ السياسي في السودان إلى مناخ انتخابي، بدرجة كبيرة. وبدا أن صوت الحملات الانتخابية، هو الصوت الأعلى، في أضابير القوى السياسية السودانية «الأحزاب»، حيث انخرطت في لقاءات علنية وسرية في العاصمة الخرطوم والولايات تدشن حملاتها الانتخابية، وسط أنصارها في مرحلة أطلق عليها محلل سياسي مرحلة «جس النبض الجماهيري»، حيال الانتخابات العامة المقرر أن تجرى في أبريل (نيسان) المقبل. فيما يقول المسؤولون في مفوضية الانتخابات، وهو الجسم المستقل المسؤول عن ترتيب الانتخابات العامة في السودان، إن الإجراءات تمضي «على قدم وساق». وشدد مسؤول في المفوضية في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن الانتخابات قائمة في موعدها المحدد، وليس هناك من يشير إلى تأجيلها مرة أخرى. وينظر على نطاق واسع هنا بأن الانتخابات المقبلة ستكون استثنائية، لأنها تعتبر أهم خطوة تسبق ختام الفترة الانتقالية التي حددها اتفاق السلام بين الشمال والجنوب «المعروف باتفاق نيفاشا»، وهي ستة أعوام تنتهي في عام 2011 بإجراء استفتاء لتقرير مصير جنوب السودان بين الاستمرار في الوحدة أو الانفصال، كما تجرى هذه الانتخابات في كل جنوب السودان، وفي ظل سلام بين الشمال والجنوب، وقد تأتي برئيس سوداني، لأول مرة، من جنوب السودان. وتتشكك القوى السياسية المعارضة في مدى إنجاز انتخابات حرة ونزيهة وعادلة، غير أن حزب المؤتمر الوطني يرى أن ما تسوقه الأحزاب في هذا الخصوص «مجرد تهرب من الخطوة»، وتبقي هذه الشكوك احتمال انسحاب قوى سياسية من الانتخابات على طاولة الأحداث السياسية. ويبلغ عدد الأحزاب المسجلة لدى مسجل الأحزاب السودانية نحو 80 حزبا سياسيا.

وتعلن محاكم خاصة اليوم في الخرطوم نتيجة الطعون في ترسيم الدوائر الجغرافية، وقال الفريق الهادي محمد أحمد عضو مفوضية الانتخابات لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الطعون بلغ نحو 830 طعنا في ترسيم الدوائر الجغرافية، قامت المفوضية بالبت فيها، وهناك من لم يقتنع برد المفوضية فرفع قضية في محكمة خاصة شكلت لذلك، حسب الدستور وقانون الانتخابات.

وكشف عضو المفوضية الهادي محمد أحمد أن المفوضية الآن تعمل ليل نهار لإكمال إجراءات التسجيل الانتخابي «تسجيل الناخبين»، وقال إن العملية ستبدأ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وستستمر إلى الثلاثين منه في كل أنحاء السودان. كما كشف أن عدد مراكز التسجيل بلغ 15 ألف مركز يستهدف من خلاله تسجيل نحو 19 مليون سوداني لا تقل سن كل منهم عن 18 عاما، ونبه إلى أنهم اعتمدوا في عملية التسجيل على الدوائر الجغرافية الولائية لأنها «أصغر وحدة جغرافية». وأكد الفريق الهادي أن عدد المراكز كاف، كما نوه إلى أنهم سمحوا للجان الولايات، بإضافة مراكز أخرى في حال اكتشفوا اتساعا في مساحة الدوائر أو أن بها كثافة سكانية كبيرة. ويبلغ عدد سكان السودان، حسب الإحصاء السكاني الحالي، نحو أكثر من 39 مليون نسمة.

وقامت المفوضية في مايو (أيار) الماضي بتقسيم الدوائر الجغرافية في البلاد، بنظام يعرف بنظام «القاسم الوطني» بقسمة عدد الدوائر الجغرافية على عدد السكان، ثم انتقلت إلى مرحلة تحديد حدود الدوائر الجغرافية القومية، وعددها حسب ما هو في البرلمان 450، منها 270 دائرة جغرافية بنسبة 60%، و112 قائمة المرأة، بنسبة 25%، 68 للأحزاب بنسبة 15%. ويعتمد السودان في هذه الانتخابات النظام الانتخابي المختلط، تشمل «دوائر جغرافية 60 %، ومرأة 25% وأحزاب 15%»، ويصف الخبراء العملية الانتخابية السودانية بالمعقدة، ويشبهونها بما يحدث الآن من عملية انتخابية في العراق. ومن مظاهر التعقيد، حسب المحللين، كثرة المستويات التي تجري فيها الانتخابات في وقت واحد، حيث تصل إلى 7 صناديق في الشمال للاقتراع و8 في الجنوب، وهي: رئيس الجمهورية، ووالي الولاية، والبرلمان القومي، والبرلمان الولائي، وبرلمان كل الولايات، والمرأة، وقائمة الأحزاب، وكل هذه المستويات، إضافة إلى رئيس حكومة الجنوب في انتخابات الجنوب، كما يشيرون إلى أن الانتخابات مصممة بطريقة «القوائم المغلقة» التي لا تسمح للناخب بالانتقال من قائمة إلى أخرى، أي انه ملزم بالتصويت لقائمة واحدة فقط.

وقال الفريق الهادي إن العملية الانتخابية عندما تدخل مرحلة التسجيل على مستوى الأحياء تكون قد دخلت مرحلة التعامل المباشر مع المواطنين، وبرأيه «هي المرحلة الصعبة». ويشارك نحو 9 آلاف موظف في التسجيل للعملية الانتخابية يعملون تحت إمرة مفوضية الانتخابات. وردا على سؤال، قال إن العمليات كلها تجري على قدم وساق، ونفى بشدة وجود أي علامات تشير إلى تأجيل الانتخابات، مرة أخرى، حيث جرى تأجيلها مرتين العام الماضي، آخرها من ديسمبر (كانون الأول) المقبل إلى أبريل (نيسان) من العام المقبل.

وقال إن النشر النهائي للسجل الانتخابي سيكون في الخامس من يناير (كانون الثاني) المقبل لتبدأ مرحلة فتح باب الترشيح ثم الحملة الانتخابية التي تستمر لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يبدأ الاقتراع في الخامس من أبريل المقبل. وقال إن العملية الانتخابية لا تواجه حتى الآن أي مشكلات في التمويل سواء التمويل من قبل المانحين أو الحكومة السودانية، حسب اتفاق السلام، وذكر انه يتم على مراحل حسب مراحل ترتيب الانتخابات. ونفى أن تكون هناك شكوى رسمية جاءت إلى المفوضية من قبل الأحزاب السودانية حول التعداد السكاني، الذي جرى في مطلع العام الحالي، وقال إن ما تردده الحركة الشعبية في هذا الخصوص «نسمع به فقط ونقرأه في وسائل الإعلام». وأضاف «لقد تسلمنا نتيجة التعداد السكاني من مؤسسة الرئاسة، قبل أن يقولوا لنا هم: اعملوا بناء عليها». وحسب الهادي فإن الحركة الشعبية من الأحزاب المستعدة للانتخابات، وقال «لمست هذا من خلال ورشة عقدتها حول الانتخابات ودعيت لحضورها»، وأضاف «برنامجهم يمضي بصورة جيدة».

وردا على سؤال، قال إن المفوضية غير معنية بالحراك السياسي الذي ينتظم الأحزاب السياسية تحت مسمى الحملات الانتخابية، وأضاف «هذا تحسس حزبي وسط الناس حول الانتخابات»، ومضى «أما الحملة الانتخابية الرسمية ستبدأ وفقا للجدول الزمني وبعد اعتماد المرشحين». وكشف أنهم في مرحلة لاحقة سيسيطرون على أجهزة الإعلام الرسمية المملوكة للدولة «حتى نتيح فرصا متساوية للمرشحين والقوى السياسية من خلالها».

من جانبه، قال بروفسير بخاري الجعلي مسؤول الانتخابات في الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» بزعامة محمد عثمان الميرغني لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه من حيث المبدأ قرر خوض الانتخابات، «ولكن القرار النهائي معلق على معطيات وتحفظات»، عددها في الآتي: «الاطمئنان على أننا نخوض انتخابات حرة ونزيهة ونظيفة، وعادلة، وأن تكون انتخابات عامة لكل السودان مهما كانت الظروف»، واتهم مفوضية الانتخابات بأنها لم تلتزم بالقانون في بعض الجوانب، ذكر منها: أنها سلمت الأحزاب دوائر جغرافية «سي دي» بدلا من أن تنشرها في الصحيفة الرسمية، حسب القانون، وقال «إنها لا تتيح المجال للقوى السياسية في الإعلام الرسمي».

فيما أكد الفريق صديق محمد إسماعيل الأمين العام لحزب الأمة بزعامة الصادق المهدي لـ«الشرق الأوسط» أن حزبه مستعد على كل المستويات لخوض الانتخابات المقبلة، «بشرط أن تكون قائمة على شروط الحرية والنزاهة والعدالة»، وثمن دور كل من مفوضية الانتخابات ومجلس الأحزاب في ما يختص بسير الإجراءات وما يقدمانه من تعاون مع الأحزاب.