رئيس لجنة الدوائر الانتخابية: مقاطعة الحركة الشعبية للانتخابات.. قد يؤدي لانهيار اتفاق السلام

مختار الأصم لـ الشرق الاوسط: اختيار «حلايب» كدائرة انتخابية جاء بطلب من «جبهة الشرق»

الرئيس السوداني عمر البشير (يسار) والصادق المهدي زعيم حزب الامة السوداني خلال المؤتمر السابع للحزب (أ.ف. ب)
TT

حذر رئيس لجنة الدوائر الجغرافية بالمفوضية القومية السودانية للانتخابات، البروفسور مختار الأصم، من أن مقاطعة الحركة الشعبية لتحرير السودان، للانتخابات العامة المقررة في أبريل (نيسان) المقبل، قد تؤدي إلى انهيار اتفاقية السلام، والعودة إلى مربع الحرب. وقال الأصم في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن «كافة الاحتمالات مفتوحة بما في ذلك العودة إلى ما قبل اتفاقية السلام الشامل، أي العودة إلى الحرب، وقد تتعطل عملية الاستفتاء وتقرير المصير، لأن اتفاقية السلام الشامل جعلت مسؤولية إدارة الاستفتاء وتقرير المصير على عاتق حكومة ديمقراطية منتخبة وليست حكومة الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية كما هو الحال الآن. وقال الأصم إنه ربما يكون الاحتمال الآخر للخروج من مأزق مقاطعة الانتخابات أن يوافق الشريكان مع القوى السياسية الأخرى على مد الفترة الانتقالية وتأجيل الانتخابات العامة والاستفتاء وتشكيل حكومة متفق عليها، «وهو احتمال ضعيف لكنه يشكل المخرج من المواجهة العسكرية». وقال إن مفوضية الانتخابات العامة اعتمدت مثلث حلايب (المتنازع عليه مع مصر) كدائرة جغرافية للتمثيل في المجلس الوطني والمجلس الولائي بعد أن تلقت طعنا واعتراضا من «جهة الشرق».

* علمنا أن هناك طعوناً عديدة تلقتها مفوضية الانتخابات في موضوع قوائم الدوائر الجغرافية. ـ تلقينا 881 طعنا وقبل منها 504 طعون، وقد احتكمت المفوضية في النظر للطعون بالدستور المؤقت والقانون واتفاقية السلام الشامل. وقررت مفوضية الانتخابات أن تعلي من الحق الدستوري للمواطن السوداني في المشاركة بالإدلاء بصوته في الانتخابات العامة التي ستجري في أبريل 2010. وكان هذا أمرا ضروريا لوجود تساؤلات وملاحظات اكتنفت الإحصاء السكاني العام، وجاء قرار مفوضية الانتخابات أنه حتى لو سقطت بعض المناطق ولم تورد في قوائم الإحصاء العام فإن هذا لا يلزم المفوضية أن تسقطها حق المشاركة في الانتخابات العامة.

* كيف جرى تطبيق قاعدة المشاركة على المناطق التي لم تشملها قوائم الإحصاء العام؟

ـ لقد راجعنا الطعون بعناية بالغة للاضطلاع بمهمة التصحيح وتوفير حق المشاركة في الانتخابات وقد وجدنا مثلا أن الإحصاء لم يشمل (35) قرية حول مدينة كادوقلي في غرب السودان، ولذلك رسمت حدود كادوقلي وأضيفت إليها منطقة كيلك لتكملها كدائرة جغرافية، ولكن الواقع أن كيلك تبعد كثيرا من كادوقلي، وقبلت المفوضية الانتخابية الطعن والاعتراض في هذه الحالة وأضيفت إلى (350) قرية التي سقطت في قوائم الإحصاء واعتبرت مدينة كادوقلي دائرة جغرافية دون إضافة لمنطقة كيلك.

* وماذا عن دائرة حلايب بخلفيتها النزاعية أو المختلف عليها في شرق السودان؟

ـ بالنسبة لدائرة حلايب ورد اسمها في قوائم التعداد السكاني، وتقدم مؤتمر البجة بطعن يطلب فيه تمكين مواطني مثلث حلايب من المشاركة في الانتخابات العامة، ونظرت المفوضية في الطعن ووافقت عليه وقررت اعتماد جميع مدن وقرى مثلث حلايب كدائرة انتخابية وتمكين المواطنين من التسجيل في قوائم الاقتراع وبالتالي حق المشاركة في انتخابات المجلس الوطني ودائرة المجلس الولائي.

* هل جاء الإعلان عن اعتماد حلايب كدائرة انتخابية بشكل منفرد.. أم بالتشاور مع جهات أخرى؟

ـ ليس الأمر على هذا النحو وإنما جاء في سياق تصحيح بعض المعلومات الخاصة بعدد من الطعون التي تلقتها مفوضية الانتخابات بالنسبة للدوائر الجغرافية.

* ما هي التوقعات بعد قرار الحركة الشعبية مقاطعة الانتخابات إذا لم تقبل شروطها بتنفيذ مقررات مؤتمر جوبا؟

ـ أرى أن الحركة الشعبية (الشريك في الحكم والحاكمة في الجنوب) مهتمة في الأصل بالاستفتاء وتقرير المصير وإجراءات فصل جنوب السودان، وذلك أكثر من فكرة السودان الجديد أو السودان الموحد، ويبدو أن الحركة الشعبية بعد الانشقاق الذي حدث في مدينة الناصر، استصحبت مبدأين، المبدأ الذي ينادي ببناء سودان جديد يستند على العدالة وحقوق الإنسان والمساواة بين الجميع، واستصحبت المبدأ الثاني بعد انشقاق الناصر والخاص بحق الجنوب في الانفصال والاستقلال، ولذلك فإن الحركة الشعبية حملت مبدأين متناقضين، السودان الجديد الموحد وانفصال الجنوب.

* ولكن ما هو الموقف في حالة مقاطعة الحركة الشعبية للانتخابات العامة المقبلة في أبريل 2010؟

ـ أعتقد أن مقاطعة الانتخابات لن يكون في صالح الحركة الشعبية، لأن عدم المشاركة في الانتخابات أو عدم قيام الانتخابات في موعدها سيعطل عملية الاستفتاء وتقرير المصير لأن اتفاقية السلام الشامل جعلت مسؤولية إدارة الاستفتاء وتقرير المصير للجنوب تقع على عاتق حكومة ديمقراطية منتخبة وليست حكومة الشريكين أو حكومة الوحدة الوطنية الحالية كما هو الحال الآن، ولذلك لا بد من وجود حكومة ديمقراطية منتخبة قبل الاستفتاء العام وتقرير المصير لأهل الجنوب، واستنادا لنصوص اتفاقية السلام والدستور فلا مناص من مشاركة الحركة الشعبية في الانتخابات العامة.

* وماذا يحدث إذا نفذت الحركة الشعبية قرارها بمقاطعة الانتخابات العامة؟

ـ تصبح كل الاحتمالات مفتوحة.. بما في ذلك العودة إلى ما قبل اتفاقية السلام، أي العودة إلى الحرب.

* ألا يوجد خيار أو احتمال آخر؟

ـ ربما يكون الاحتمال الآخر أن يوافق الشريكان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مع القوى السياسية الأخرى على مد الفترة الانتقالية وتأجيل الانتخابات العامة والاستفتاء وتشكيل حكومة متفق عليها، ومرضي عنها أو مقبولة إقليميا ودوليا وهو احتمال ضعيف ولكنه يشكل المخرج من المواجهة العسكرية أو العودة للحرب.

* إذا تمت معالجة هذه الإشكالية الحادة هل تؤجل الانتخابات العامة في حالة عدم توفر الظروف الملائمة لإجرائها كدارفور مثلا؟

ـ في كل الانتخابات العامة التي أجريت في العهود الديمقراطية فإن عدم توافر الظروف الملائمة، أمنية أو طبيعية أو مشكلات، في أي منطقة بالسودان لم يمنع أو يحُل دون قيام الانتخابات العامة وبدون تلك المناطق.