محافظ الموصل: نعارض تشكيل قوات أهلية.. ولن نسمح بوجود أمراء الحرب

النجيفي لـ الشرق الاوسط: طالبنا بانسحاب البيشمركة مقابل حصول الأكراد على مناصب سيادية

TT

تعتبر محافظة نينوى، مركزها الموصل، من المحافظات العراقية التي تعاني من مشكلات سياسية وأمنية على أصعدة عدة، إلا أن محافظ نينوى أثيل النجيفي يؤكد على أن المحافظة تشهد مرحلة تحسن في الآونة الأخيرة من الجانب الأمني. إلا أن النجيفي حذر من إمكانية نشوب حوادث عنف في حال فرضت وقائع سياسية بالقوة، مشيرا إلى وجود قوات البيشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان داخل حدود المحافظة. وفي حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في مؤتمر الاستثمار والأعمال في العراق في واشنطن، قال النجيفي: «هناك أجندات سياسية موجودة في المحافظة، وتثير قلقا، لأن في حالة فرضها بالقوة سيكون هناك رد فعل عنيف من قبل المواطنين وستخلق أزمات جديدة قد تصل إلى العنف في تلك المناطق، لهذا نحن نبحث عن تهدئة». وشرح النجيفي أن «الوضع الأمني هو بيد السلطة الرسمية بالكامل، لا يوجد أي منطقة في محافظة نينوى أو مدينة الموصل خارج سلطة الأجهزة الأمنية الموجودة، ولكن بالتأكيد هناك خروقات أمنية تحدث في المنطقة». وأضاف: «هناك ضعف في الأجهزة الاستخباراتية الموجودة، ونحن الآن نسعى لتقوية ذلك الضعف، ونحقق تحسنا في هذا الوضع». ولفت إلى أن «مقارنة نسبة الحوادث أو الخروقات الأمنية بين ما يحدث الآن وما حدث العام الماضي، نحن نشهد الآن نحو 30 في المائة مما كان عليه في العام الماضي وهذا يعني أن هناك تحسنا أمنيا كبيرا». وأضاف: «نتيجة تعاون الأهالي مع السلطة اختلفت الأمور، والمجموعات الإرهابية ذات الطابع العقائدي باتت ضعيفة، ولكن بالتأكيد هناك جماعات أشبه بالمافيات تضرنا».

وعلى الرغم من التحسن الأمني الذي يؤكد عليه النجيفي، فإن مدينة الموصل تشهد حوادث أمنية شبه يوميا، من حوادث خطف أو تفجيرات أو اغتيال. وردا على سؤال حول من يقف وراء هذه العمليات، قال النجيفي: «هناك مجاميع كثيرة الآن تحولت بعضها إلى مافيات بهدف جمع المال والتأثير على المواطنين بطرق مختلفة وهذه المجموعات موجودة في الموصل ولها تأثيرها»، مضيفا: «نحن نسعى الآن إلى قطع هذه الشبكات والتقليل من تأثيرها على أجهزة الدولة». وأردف قائلا: «هناك أيضا أجندات سياسية متعارضة في المحافظة؛ صراع ما بين قائمتنا، قائمة «الحدباء»، وبين القائمة الكردية، وفي هذا الصراع أحيانا تكون هناك تدخلات من تلك الأجندات السياسية، وأحيانا هذا الصراع يخلق فجوات أمنية تنفذ من خلالها بعض الجماعات التي تريد أن تحقق أضرارا غير مشروعة». ونشبت الخلافات السياسية بين قائمة «الحدباء» التي يترأسها النجيفي وقائمة «التآخي» التي تدعمها حكومة إقليم كردستان بعد انتخابات المحافظات بداية العام الحالي. وحول إمكانية التوصل إلى اتفاقات بين الطرفين، قال النجيفي: «هناك عدد من اللقاءات حدثت بيننا وبين ممثلين عن إقليم كردستان، كان آخرها لقاء بحضور نائب رئيس الوزراء العراقي (رافع العيساوي) و(قائد القوات الأميركية في العراق) الجنرال راي أوديرنو والسفير الأميركي في بغداد». وأضاف: «هناك شبه توصل إلى حل لعدد من النقاط العالقة، هناك نقطتان أساسيتان لم نتوصل إلى اتفاق فيهما، أولا مطالبة الحكومة المحلية في نينوى بانسحاب قوات البيشمركة الكردية من كامل الحدود الإدارية من محافظة نينوى، في المقابل الأكراد يطالبون بإعطائهم مناصب سيادية في المحافظة»، لافتا إلى وجود نحو 10 آلاف من عناصر البيشمركة في الموصل.

وحول منح ممثلين من قائمة «التآخي» مناصب في الحكومة المحلية، قال النجيفي: «ليس لدينا مانع في إعطائهم المناصب المطلوبة، ولكن هذا معلق بانسحابهم من حدود محافظة نينوى». وتحاول القيادة العسكرية الأميركية في العراق التوصل إلى حل حول القوات الموجودة في محافظة نينوى ومناطق متنازع عليها. وقال النجيفي: «لا نقبل هذا كحل للإشكال، نصر على أنه لا يمكن أن تكون هناك قوات عسكرية داخل حدود نينوى إلا القوات المؤتمرة من قبل الحكومة المركزية، أي قوات أخرى داخل المنطقة نعتقد أنها ستسبب الكثير من الفوضى لأنها ستخلق مصدرا ثانيا للقرار، وعندما يكون هناك أكثر من مصدر للقرار لن يكن هناك أمن مع تعدد مراكز القوة الموجودة». وأضاف: «الحل هو انسحاب قوات البيشمركة من هذه المنطقة وأن يكون من يتولى حماية الأمن في هذه المناطق من أهل المناطق نفسها، وهي إحدى المقترحات التي تسعى لتنفيذها الحكومة المركزية والأميركيون، وهناك تفاهم أولي مع حكومة إقليم كردستان». ويعتمد هذا المقترح على تطوع عدد من أبناء المنطقة في الجيش والشرطة لحماية مناطقهم مع انسحاب بقية القوات من المنطقة، غير أن النجيفي شدد على رفض إنشاء قوات خاصة من أهالي المناطق، بل أن يكونوا تابعين للجيش والشرطة العراقية وليس على غرار مدن ومناطق تولت الصحوات الأمن فيها، موضحا: «الموصل مدينة متحضرة ليست ذات صبغة عشائرية بحتة، وبالتالي لا يمكن أن تتقبل الموصل مجاميع من أمراء الحروب الذين يشكلون مراكز قوى ويتحركون لفرض الأمن أو يتحولون بعد ذلك إلى خرق القانون بأسلوب آخر». ولفت النجيفي إلى أن مقترح تطويع أهالي المناطق المتنازع عليها يجب أن يكونوا في قوات تابعة للحكومة المركزية، مضيفا: «يجب أن يكون كل من يحمل السلاح تابعا للسلطة المركزية في البلد». وأوضح: «يمكن الاعتماد على هذا المقترح حتى استقرار المنطقة وبعدها يمكن أن نسأل أهالي المنطقة عن رغبتهم». وشدد النجيفي على أنه «لا يمكن أن يفرض بالقوة إحداث تغيير في أي منطقة في العراق»، مضيفا: «عندما نتحدث عن الأجندات السياسية الموجودة، فهذه تثير قلقا لأن في حالة فرضها بالقوة سيكون هناك رد فعل عنيف من قبل المواطنين وستخلق أزمات جديدة قد تصل إلى العنف في تلك المناطق، لهذا نحن نبحث عن تهدئة». وتابع: «القوات الموجودة في المنطقة تمارس إرهاب السلطة على المواطنين، فهذه الأجهزة ليست فقط لحماية المواطنين بل تتدخل لفرض أجندات سياسية معينة»، معتبرا أن «هذا الوضع لا يمكن أن يخلق جوا من الاستقرار ويصادر حرية الفرد في التعبير عن رأيه في هذه المناطق». وردا على سؤال حول إقصاء الأكراد من السلطة في الفترة الأخيرة من مجلس المحافظة في الموصل ومخاوف فقدان الثقة بين الشعبين العربي والكردي من أبناء الموصل، قال النجيفي: «الموضوع ليس موضوع شعوب، بل موضوع أحزاب سياسية، فالقائمة الكردستانية حكمت الموصل لست سنوات ماضية، وهذه السنوات الست تسببت في خروج الآلاف من أبناء الأكراد من مدينة الموصل، والآن بعد أن تسلمت قائمة الحدباء في نينوى بدأ الأكراد في العودة إلى الموصل، وهذا يعني أن هناك مخاوف سياسية وليس خلافا بين الشعوب». وفي ما يخص تسلم السلطة في المحافظة وإشراك قائمة «التآخي»، قال النجيفي: «علينا أن نطبق الدستور والقانون، يجب ألا نقبل الانقلاب على الدستور فقط لأنهم فقدوا السلطة، هم دخلوا انتخابات ولم يحصلوا فيها على أغلبية وعليهم أن يتقبلوا هذا الأمر وأن يسعوا في الانتخابات المقبلة لتحسين فرصهم». ولفت إلى أن «بعض أعضاء قائمة نينوى المتآخية بدأوا الانسحاب من القائمة، وقد عاد أحدهم مؤخرا إلى مجلس المحافظة»، مضيفا: «أنا متأكد أن بقية أعضاء المجلس لولا خوفهم من السلطة الموجودة وتدخل الأحزاب الكردية لعادوا سريعا للمجلس». ويعتبر النجيفي أن هناك حاجة لـ«الديمقراطية الصحيحة»، موضحا: «الأغلبية هي التي يجب أن تحكم باحترام الجميع، وعلى الأقلية أن تتحول إلى المعارضة، والموصل تسهم الآن في تصحيح الوضع العام في العراق.. الوضع لن يتقدم في العراق إلا عندما تكون هناك حكومة قوية تستطع أن تفرض القانون، فموضوع المحاصصة قد أنهك البلد، فحتى الفساد المالي والإداري دخل في المحاصصة». وأضاف: «نحن بحاجة إلى حكومة قوية ومعارضة قوية تراقبها». وبينما تتواصل الخلافات السياسية في المحافظة، ما زال أهالي نينوى يشكون من مشكلات في الخدمات البسيطة أبرزها الكهرباء والصحة. وقال النجيفي: «لدينا خطة تنمية في المحافظة، فمحافظة نينوى خلال السنوات الماضية لم تستطع صرف سوى 5 في المائة من خطة التنمية المقررة، ولكن بعد أن استلمت قائمة الحدباء السلطة استطعنا أن نحيل 60 في المائة من خطة التنمية الموجودة لدينا وبقية الخطة في طور الإعلان والإحالة». وأضاف: «نأمل أن نستنفذ جميع الخطة البالغة 260 مليار دينار عراقي هذا العام»، موضحا أن الخطة تشمل «عددا من المستشفيات ومشروعات مياه الشرب الصحية وترميم الطرق وتجهيز الجامعات وبناء المدارس». وتابع: «هذه هي إمكانياتنا لهذا العام، ونسعى الآن إلى استعادة الأموال السابقة التي لم تصرف في المحافظة ونعمل مع البرلمان والحكومة المركزية على ذلك». وبحسب النجيفي، ففي العام الماضي «كانت تخصيصات المحافظة 400 مليار دينار، مجموع ما صرف منها 40 مليار دينار والأمر مشابه في عام 2007، وقد فقدت المحافظة هذه الأموال». وخلص إلى القول: «على الجميع إعطاء هذه المحافظة ما تستحقه من اهتمام».