ازدهار تهريب السيارات عبر الأنفاق من مصر إلى غزة

يجري تقطيعها لـ 4 أجزاء ليعاد تجميعها في ورش في القطاع بمساعدة فنيين مصريين

TT

لفتت سيارة الـ «بي إم دبليو» الفضية اللون، الحديثة جدا التي تنطلق كالسهم أنظار رجال الشرطة والمارة الذين كانوا يقفون قرب مفترق «الشهداء» على شارع صلاح الدين الذي يصل شمال القطاع بجنوبه. وبشكل عفوي حدث جدل بين عناصر الشرطة حول موديل السيارة، حيث توقع معظمهم أن تكون موديل عام 2009.

ولكن من ناحية ثانية لم يكن هناك جدل حول حقيقة أن هذه السيارة هي إحدى أوليات السيارات التي نجح الغزيون في تهريبها من مصر إلى قطاع غزة عبر الأنفاق. فتهريب السيارات هو أحدث «إنجاز» للعاملين في مجال تجارة الأنفاق، حيث إنه في حال تواصل تهريب السيارات، فإن ذلك سيغطي النقص في عدد السيارات في غزة والناجم عن الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ سنوات، وأدى إلى ارتفاع أسعار السيارات بشكل خيالي. وقال خليل الذي يعمل في أحد الأنفاق المتخصصة في تهريب السيارات الحديثة من مصر إلى القطاع لـ«الشرق الأوسط» إن تهريب السيارة الواحدة وإعدادها للعمل في القطاع يستغرق أربعة أسابيع، منوها إلى أنه يتم تقطيع السيارة إلى أربعة أجزاء داخل مصر، ومن ثم يتم تهريبها عبر الأنفاق إلى القطاع، حيث يتم تجميع الأجزاء مجددا في إحدى الورش الميكانيكية، وتحديدا في مدينة رفح وضواحيها، وبعد ذلك يتم إعادة طلاء السيارة من جديد. ويشير خليل إلى أن تهريب السيارات يتم حسب الطلب، حيث إن الراغبين في شراء سيارات محددة يتوجهون إلى تجار الأنفاق ويطلبون منهم هذه السيارات، فيطلب التجار من شركائهم المصريين توفير تلك السيارة المحددة، وبعد ذلك يتولى فنيون مهمة تقطيع السيارة إلى أجزاء إعدادا لتهريبها عبر الأنفاق إلى غزة، حيث يعاد تجميعها وتسليمها لصاحب الطلب. وأوضح أحمد الذي رفض إعطاء اسمه بالكامل خشية الملاحقة، ويعمل فنيا في إحدى الورشات الميكانيكية في مدينة غزة التي يتم فيها تجميع السيارات المهربة، لـ«الشرق الأوسط» أنه في كثير من الأحيان تتم الاستعانة بفنيين من مصر لإعادة تجميع السيارات الحديثة، لا سيما تلك التي لم تتوفر من قبل في قطاع غزة، مؤكدا أن هؤلاء الفنيين يصلون إلى القطاع عبر الأنفاق ويمكثون فيه الوقت الذي يحتاجونه لإعادة تجميع السيارات، وذلك مقابل مكافآت مالية كبيرة نسبيا مقارنة بما يحصلون عليه في مصر.

وأشار أحمد إلى أن أكثر السيارات المطلوبة: هي المرسيديس وبي إم دبليو. وحسب أحمد فإن متوسط سعر السيارة الواحدة يصل إلى عشرين ألف دولار، وهذا السعر كما يقول، أقل من سعر السيارات الحديثة التي كانت تصل القطاع عبر المعابر الحدودية مع إسرائيل، التي كانت تفرض ضرائب باهظة تؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

لكن بالنسبة للكثيرين في قطاع غزة، فإن اقتناء هذه السيارات يمثل مغامرة غير محسوبة، حيث إن وزارة المواصلات في الحكومة المقالة ترفض تسجيلها في سجلاتها ولا تمنحها رخص، الأمر الذي يجعل اقتناءها ينطوي على مخاطر كبيرة. ورغم ذلك يبقى الأمل موجودا لدى الذين يقتنون هذه السيارات ويرفضون بإصرار الكشف عن هوياتهم، في أن تحدث تسوية مع الوزارة تسمح بتسجيلها ومنحها الترخيص اللازم، كما حدث بالنسبة للسيارات التي تمت سرقتها من إسرائيل في السابق، وتعد بالآلاف التي منحتها حكومة أحمد قريع (أبو علاء) (2003 ـ 2005) تراخيص.

وكما يقول الذين يعملون في مجال تجارة الأنفاق، فإن السيارات يتم تهريبها في أنفاق تتميز بأنها كبيرة، وهو ما جعلها في الآونة الأخيرة هدفا للقصف من قبل الطائرات الإسرائيلية من طراز «إف 16»، حيث أسفرت إحدى عمليات القصف أخيرا عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح ستة آخرين، جراء إلقاء قنبلة تزن طنا من المتفجرات على أحد أنفاق التهريب.