لوبي يهودي ليبرالي في واشنطن يواجه حملة من المحافظين ومقاطعة من سفير إسرائيل

«جي ستريت» تعقد مؤتمرها الأول بمشاركة 150 عضوا ديمقراطيا من الكونغرس

TT

أثار مؤتمر واشنطن الذي تنظمه إحدى جماعات الضغط اليهودية الليبرالية جدلا دبلوماسيا حول موقف إدارة الرئيس باراك أوباما تجاه إسرائيل في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوتر بين واشنطن وحكومة إسرائيل التي تميل إلى اليمين، وذلك حيث تعقد «جي ستريت» (إحدى جماعات الضغط التي تكونت قبل 18 شهرا) أول مؤتمر سنوي لها ابتداء من أمس بمشاركة نحو 150 عضو ديمقراطيا من أعضاء الكونغرس، والعديد من السياسيين الحاليين والسابقين. بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز الذي سوف يلقي خطابا ذا أهمية قصوى يوم الثلاثاء.

ولكن محاولات جماعة الضغط ـ التي تصف نفسها بأنها موالية لإسرائيل وللسلام ـ لحث مايكل أورين، السفير الإسرائيلي في واشنطن، على إلقاء كلمة أمام الحشد في المؤتمر، قد باءت بالفشل. وفي تفسيرها لقرار الرفض، اتهمت السفارة الإسرائيلية «جي ستريت» بتبني سياسات «يمكنها أن تضر بالمصالح الإسرائيلية».

ومن جهة أخرى، ألغت المنظمة على نحو مفاجئ خططها لإقامة «المسابقة الشعرية» التي كانت ستقام ضمن فعاليات المؤتمر بعدما اكتشف نشطاء المحافظين وبعض المدونين وجود كتابات لاثنين من المشاركين تقارن بين معاناة ضحايا الهولوكوست ومعاناة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

ووفقا لـ«جي ستريت» والمساعدين التشريعيين، فإن نحو عشر أعضاء من الكونغرس يشتملون على جمهوريين قد قاموا بإلغاء مشاركتهم في المؤتمر تحت ضغط من منتقدي المؤتمر من المحافظين.

ويأتي ذلك الجدل في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر المستمر بين الرئيس أوباما الذي تعهد باستئناف مفاوضات السلام بنهاية العام الجاري، وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يقاوم المطالب الأميركية بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

ومن جهة أخرى، يلقي ذلك الجدل الضوء على المشاعر السلبية التي تسود بعض الجماعات اليهودية الموجودة والتي تعتقد أن إدارة الرئيس أوباما تجاهلت مخاوفهم بشأن صراع الشرق الأوسط. ومن جهة أخرى، تفكر الإدارة الأميركية في التقاء عدد كبير من الجماعات المختلفة لمناقشة تلك القضايا، فقد تحدث جونز مؤخرا إلى فريق العمل الأميركي المختص بالشؤون الفلسطينية، ومن المقرر أن يلقي الرئيس أوباما بخطاب أمام اتحاد اليهود بشمال أميركا خلال الشهر القادم.

ومن جهته، يقول تومي فيتور المتحدث الرسمي باسم الإدارة، إن «البيت الأبيض يرحب دائما بالفرصة لمناقشة توجهات الرئيس وفتح الحوار مع الأطراف المهتمة».

جدير بالذكر أن «جي ستريت» تم تأسيسها بناء على نظرية مفادها أن الجماعات اليهودية الأميركية الحالية بما فيها «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» تميل بقوة نحو اليمين مقارنة بتوجهات اليهود الأميركيين. وقد أثارت العديد من المواقف التي اتخذتها «جي ستريت» جدلا حادا بما في ذلك معارضة فرض العقوبات المباشرة على إيران وانتقاد غزو إسرائيل لغزة باعتبارها حرب «غير متكافئة».

ومن جهة أخرى، يقول جيرمي بن عامي المدير التنفيذي لـ«جي ستريت» إن الكثير من مواقف الجماعة يتوافق مع مواقف أوباما الذي ما زال الرجل الأكثر شعبية بين اليهود في الولايات المتحدة. وأضاف جيرمي أن الجماعة كانت ضحية «افتراءات قاسية» من قبل المحافظين الذين يميلون إلى تفضيل سياسات الصقور في ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقال إنه يتمنى أن يقبل أورين الدعوة بالحديث في المؤتمر، مضيفا: «أشعر بالإحباط الشديد لأن ذلك هو رد فعل حكومة إسرائيل بالنسبة إلى منظمة تسعى لتوسيع قاعدة التأييد الشعبي لإسرائيل داخل أميركا وبالنسبة إلى منظمة تهتم إلى حد كبير حول مستقبلها».

وقد وجّه المحافظون مثل مايكل غولد فارب كاتب المدونات بصحيفة «ويكلي ستاندرد»، والمستشار السابق للحملة الانتخابية الرئاسية للسناتور جون ماكين الجمهوري عن ولاية «أريزونا»، انتقادا حادا للمؤتمر والمشاركين فيه، فقد وصف غولد فارب المؤتمر باعتباره «ضربة موجهة ضد إسرائيل»، كما أنه أثار تساؤلات حول فعاليات مسابقة الشعر قبل إلغائها.

ومن جهة أخرى، وجه بعض المحافظين انتقادات لـ«جي ستريت» لقبولها تبرعات من الأشخاص المرتبطين بمنظمات تتخذ مواقف مؤيدة لفلسطين وإيران.

بالإضافة إلى أن المحافظين قد شنوا هجوما على المؤتمر نظرا إلى مشاركة سلام الماراياتي مؤسس مجلس الشؤون العامة الإسلامية الذي كان قد قدم في 2001 اعتذارا عن الاقتراح الذي ذكره في برنامج إذاعي والذي يتعلق باعتبار إسرائيل أحد المشتبه فيهم في هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

يُذكر أن جماعة الضغط اليهودية التي يقع مقرها في لوس أنجليس «قف معنا» قد اقتطعت بعض إعلانات الصحف التي تنتقد «جي ستريت» وأرسلت «بيانا بمخاوفها» حول تلك الجماعة إلى أعضاء الكونغرس الذين من المقرر أن يشاركوا في المؤتمر. وقد انسحب على الأقل عشرة مشرعين من المؤتمر بما في ذلك مايكل كاسل الجمهوري والنائب المرشح عن ولاية ديلاوير وسط حالة من التذمر.

ومن جهة أخرى، تقول روبرتا سيد مديرة الأبحاث والتعليم بجماعة «قف معنا» إنها تنظر إلى «جي ستريت» باعتبارها «خارجة عن التيار السائد»، مؤكدة أن التأييد الواسع الذي يحظى به الرئيس أوباما بين اليهود الأميركيين لا يعني موافقتهم على سياسة الإدارة في ما يتعلق بإسرائيل، فتقول: «يبدو أن اليهود الأميركيين يحبون أوباما، فاليهود الأميركيون ليبراليون. ولكنهم أكثر تشددا في تأييدهم لإسرائيل ومعارضتهم للنظر إلى الصراع باعتباره خطأ إسرائيل. أعتقد أن يضعون خطا فاصلا هناك».

ولكن جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الوسطي يرى أن العديد من النقاد لا يدركون ما يحاول البيت الأبيض ووزارة الخارجية تحقيقه من خلال فتح الحوار مع المجموعات المختلفة ذات الصلة بصراع الشرق الأوسط.

فيقول ألترمان الذي من المقرر أن يشارك في فعاليات مؤتمر «جي ستريت»: «أنا لا أري أن إدارة أوباما تختار توجها معينا أو غيره وفقا لذلك، ولكنني أرى أن إدارة الرئيس أوباما تحاول التواصل بشكل عام. هناك جهود كبرى لفتح حوار مع الجمهور المتنوع حول المستوى الذي يرغب أن يصل إليه من خلال التواصل ورغبته في دفع تلك العملية للأمام».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»