عبد العزيز رباح: علاقتنا مع الاتحاد الاشتراكي لم تصل بعد مرحلة التحالف.. ونتمنى انتقاله إلى المعارضة

قال إن «الأصالة والمعاصرة» ليس حزبا.. ووصفه بأنه تجمع انتخابي

عبد العزيز رباح («الشرق الأوسط»)
TT

* اعتبر عبد الهادي خيرات، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، وصف العلاقة بين حزبه وحزب العدالة والتنمية بأنها «تحالف»، هو أمر لا يخلو من مبالغة. وقال «مصطلح تحالف مصطلح كبير، وكوننا نلتقي حول حقائق ووقائع هذا أمر مختلف، كلانا يقول الحقيقة ويقول إن ما وقع من تزوير (في الانتخابات) لا يبشر بالخير، لذلك نجد أنفسنا متفقين تلقائيا من دون تخطيط مسبق، وما يسميه البعض تحالفا، أقول إنه يمكن أن يكون توافقا وليس تحالفا».

وزاد خيرات قائلا، «شكلنا نحن وحزب العدالة والتنمية تلقائيا جبهة عريضة تندد بما وقع، وإذا اعتبره البعض تحالفا فليكن ذلك، نحن لا نخجل منه بل بالعكس».

وبشأن رغبة حزب العدالة والتنمية في أن ينتقل الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة، قال خيرات «لست من دعاة المعارضة في شكلها التقليدي الموجودة عليه الآن».

وفي معرض تحليله للمشهد السياسي، بما في ذلك موضوع الغالبية الحكومية والمعارضة، قال «إذا عدنا قليلا إلى الوراء سنجد أن الحكومة في بداية الأمر كانت حكومة غالبية، ثم صنعت لها غالبية على الهامش، وبدأت في التدرج إلى أن وصلت إلى الحزب الجديد (الأصالة والمعاصرة)، الذي لم تكن لديه أجندة ولا أي نية في العمل السياسي، كما صرح القائمون عليه في البداية، فإذا به يصبح لديه مجموعة برلمانية كبيرة تساند الحكومة، وتضمن لها الغالبية على الرغم من عدم مساهمته فيها. واليوم نجدهم يتحدثون عن المعارضة، على الرغم من أنهم لا يساهمون فيها أيضا».

وتساءل خيرات «هل هناك حكومة مسؤولة يجب معارضتها؟». وقال إن «المعارضة تستوجب وجود حكومة. وما هو موجود الآن تلاوين مسرحية ليس أكثر» قبل أن يضيف: «نحن نطالب بالإصلاح السياسي الذي يريده الجميع، إنهم يتحدثون عن الانتقال الديمقراطي وهو لا وجود له، وبالتالي ما يحدث لا هو انتقال ديمقراطي أو تناوب، ولا هو أي حالة من الحالات السياسية». وأوضح قائلا: «وصلنا إلى مرحلة تتشكل فيها الحكومة بتقديم لائحتها كاملة للوزير الأول (رئيس الوزراء)، وصلنا إلى حد إقحام وزراء في اللائحة الحكومية، وكل هذا مؤشر على أن الوضعية السياسية مقلقة، وفي ظل هذا الوضع لا يراد أن يكون للأحزاب دور في هذا البلد، وإذا وجدت يجب أن تكون ضعيفة، كما هو حالها الآن» ودعا خيرات إلى ضرورة قيام مؤسسات حقيقية ويساءل: «إذا عارضنا ماذا سنعارض؟»، مشيرا إلى أن الحكومة في حد ذاتها فاقدة لأهليتها.

وأوضح قائلا: «المعارضة هي أن نفضح مظاهر الفساد، ونطالب بإصلاح دستوري، لا أن نخرج إلى الشوارع، ونقول اللهم إن هذا منكر، نحن طوينا صفحة الماضي، ودخلنا في مصالحة وطنية، وقلنا يجب أولا، إيقاف النزيف الذي أصاب كل مؤسساتنا المالية، الذي أوصلنا إلى ما قبل السكتة القلبية، على حد تعبير الملك الراحل الحسن الثاني. نحن في الاتحاد الاشتراكي تحملنا المسؤولية بتقلد عبد الرحمن اليوسفي منصب الوزير الأول (رئاسة الوزارة)، وحافظنا شكليا على هذا الوجه بدعوى ضمان غالبية لمشاركتنا. يومها أعطيت الأوامر للتصويت على عبد الواحد الراضي (الأمين العام للحزب حاليا) رئيسا لمجلس النواب، ولم تكن لدينا غالبية، وبعد ذلك عين اليوسفي وزيرا أول، وعمل مدة 44 يوما لإدخال جميع الأطراف في حكومته حتى ضمن الغالبية».

ووصف خيرات ما يحدث حاليا بأنه «خلط كبير يتضخم». وزاد قائلا «اليوم لدينا ممارسات جديدة، فقد اجتمعنا على مستوى الغالبية الحكومية لتحديد مرشح مشترك لرئاسة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، وسمعنا أن مسؤولا في حزب الحركة الشعبية (مشارك في الحكومة) قال إن فريقه لن يصوت على مرشح الغالبية، فسئل كيف لفريقه القيام بذلك، وهو عضو داخل التحالف الحكومي الحالي. فكان جوابه أن حزبه يربطه تحالف استراتيجي مع حزب الأصالة والمعاصرة. وتساءل خيرات: «لم نعرف متى وكيف وبأي مناسبة تم هذا التحالف؟». وقال: «نحن نساند الحكومة مساندة نقدية، وهو أمر طبيعي جدا، وأي شيء لا يتوافق مع رؤانا نجهر به وننتقده عن طريق مجموعتنا البرلمانية وصحافتنا. لقد طلب منا أن نشارك في الحكومة، وها نحن نشارك مشاركة نقدية، حتى الأمور التي حاولنا وضعها في البرنامج الحكومي أصبحت متجاوزة، لا أعتقد أنه بإمكاننا اليوم الحديث عن البرنامج الحكومي، الذي هو بمثابة تعاقد بيننا كأحزاب ومؤسسات وبين الرأي العام، هذا البرنامج لا بد من مراجعته لأنه أصبح متجاوزا. وسواء كنا داخل الحكومة أو خارجها، الأمر سيان. لإن هناك إعوجاجا سياسيا لا بد من إصلاحه». وتحدث خيرات عن الانتخابات البلدية التي كانت نقطة انطلاقة التقارب بين حزبه و«العدالة والتنمية»، وقال: «ما حدث في الانتخابات الأخيرة كان فاجعة، وقدم لنا الدليل على أنه لا يراد لهذا البلد أن تكون دولة مؤسسات، ووصل الأمر إلى حد الاستخفاف بالمغاربة، حيث وقفنا على ممارسات لا أخلاقية من هجوم على مكاتب الاقتراع وتمزيق المحاضر وتغيير النتائج، ووصلنا إلى حد اعتصام وزراء أمام مقرات الولايات، والهجوم الذي حصل في مراكش، وكذا مهزلة الرباط، وتشكيل بلديات طبقا لمواصفات معينة والأمثلة لا حصر لها».

وردا على سؤال حول من يتحمل مسؤولية ما يحدث، قال خيرات «هناك مجموعة مستفيدة من الوضع الراهن وليس في صالحها تغييره وتصحيحه، وتعمل جاهدة على إبقاء الأوضاع على ما هي عليه بل والتوجه نحو الهاوية».

وزاد قائلا: «لا يمكن لأي بلد أن يتقدم من دون أحزاب ونقابات قوية، هذه هي وسائل التأطير للشرائح الاجتماعية، والاستخفاف بها هو استخفاف بالبلد، إذن لا يمكنك تسيير الشأن العام ولديك أجهزة ومؤسسات معطلة. هذه الوضعية الشاذة هي ما دفع إلى ظهور «حزب بديل» لتصحيح ما يمكن تصحيحه، وهذا «الوافد الجديد» هو تتويج لما سبق وقلناه، والدليل أن الوجوه نفسها تتحمل المسؤولية في البلديات».

وذكر خيرات: «كنا نأمل أن تكون هناك حركة سياسية جديدة، تعمل بأسلوب وتوجه جديدين، لكن ذلك لم يحدث. أتحدى أن يقول المسؤولون عن الحزب الجديد إنهم سيعملون على مقاومة الفساد، وأن يكون لديهم مطلب دستوري، أو أن يقولوا إن وضعية المغرب مقلقة، أتحداهم وهم الآن يتموقعون في المعارضة، أن يطيح حزبهم بالحكومة وتسقط موازنات؟».

وتطرق خيرات إلى المذكرة التي قدمها الاتحاد الاشتراكي إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، وقال: «خرجنا بعد مؤتمر الحزب بتوجه سياسي عبرنا عنه بمذكرة رفعت إلى ملك البلاد على أساس أنها الخطوة الأولى للتعبير عن وجهة نظرنا، وكنا نتمنى أن تسير الأمور في هذا الشكل من التوافق بيننا وبين الملك وأطراف أخرى لها التوجه نفسه». وأضاف: «تشاورنا مع أحزاب حليفة، وكان هناك تباين في الآراء، واقترح بعضهم أن تقدم المذكرة بعد الانتخابات البلدية، بينما تمسكنا نحن بتقديمها قبل الانتخابات، إذ لم نر لها جدوى، إن هي قدمت بعد الانتخابات».

وحول أهم ما جاء في المذكرة، قال خيرات «على سبيل المثال لا يزال الدستور ينص على أن ملك البلاد هو الراحل الحسن الثاني، وليس الملك محمد السادس، وطالبنا في المذكرة بإصلاح القضاء وهو جانب أساسي من الإصلاح الشمولي. أما المسألة الثانية التي وردت في المذكرة، فتتعلق بالتصريح بالممتلكات، فكل من له الرغبة في الانخراط في العمل السياسي عليه التصريح بممتلكاته حتى يعلم الناس ماذا يملك. ونحن نطالب أن يكون هذا التصريح بشكل علني وليس سريا، كما اقترح البعض، لذلك يجب النص على الأمر دستوريا. ومن رفض ذلك لا يدخل للسياسة بل يتوجه إلى القطاع الخاص حيث الربح المادي والثروة التي يبحث عنها». وهناك أيضا قضية التعليم، يقول خيرات «لأن الجميع يتحدث عن الوسائل التي يتم بها التعليم، أما جوهر التعليم فلا أحد يعيره اهتماما». وخلص خيرات إلى القول إن رأسمال المغرب ليس هو الفوسفات، وإنما الكوادر باعتبارها القاطرة لكل تنمية بشرية»، مشيرا إلى أن الحزب لم يتلق بعد ردا على مذكرته.

وحول ما إذا كان حزب الاتحاد الاشتراكي وصل إلى مرحلة الشيخوخة، قال عبد الهادي خيرات «في تجربتنا كنا دائما ضد صراع الأجيال، نحن لا نقول بصراع الأجيال بل باندماجها اندماجا كليا».