عبد الهادي خيرات: لا يوجد تحالف مع «العدالة والتنمية» بل جبهة تلقائية ضد التزوير

قال إن المعارضة تستوجب وجود حكومة.. وما هو موجود الآن تلاوين مسرحية

عبد الهادي خيرات («الشرق الأوسط»)
TT

* يعتقد عبد العزيز رباح، العضو القيادي في حزب العدالة والتنمية المعارض (إسلامي) أن العلاقة بين حزبي «الاتحاد الاشتراكي» و«العدالة والتنمية» لم تصل بعد مرحلة إلى التحالف، لكنه أشار إلى أن تعاونا حدث بين الحزبين في محطات انتخابية رئيسية (انتخابات المجالس البلدية)، وفي مدن لها أهمية مثل الرباط وأكادير وتطوان والعرائش، ويصف ذلك بأنه «تقارب في إطار تقدير مصلحة البلاد ومصلحة الحزبين أيضا».

ويشدد رباح على أن «التحالف بين الحزبين لا يزال مستبعدا، ويقول في هذا السياق: «نحن حزبان مختلفان من حيث المرجعيات والسياق التاريخي، لذلك يصعب أن نتحدث اليوم عن تحالف، لكنه تقارب كما وقع مع أحزاب أخرى مثل حزب الاستقلال، وفي مواقع أخرى مهمة أيضا».

ويقول رباح: «إذا استطاع كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الاتحاد الاشتراكي توجيه الاختلاف بينهما من صراع آيديولوجي وصراع على المواقع، إلى تنافس على البرامج، ثم تقارب حول بعض الأولويات، سيكون ذلك في مصلحة البلاد».

ويرى رباح أن هناك ما يجمع بين الحزبين، ويقول: «يجب أن لا ننسى أن أمورا موضوعية تجمعنا. من جهتنا، نحن لا نستبشر خيرا من الضربات التي تتلقاها التجربة الديمقراطية في بلادنا، وهو نفس موقف الاتحاد الاشتراكي». ويضيف قائلا: «أمر طبيعي وموضوعي أن يتقارب كل من له غيرة على البلاد وهاجس الحفاظ على المكتسبات التي بدأت في نهاية عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وبداية عهد الملك محمد السادس وفقه الله، وعندما نلاحظ أن هناك من يهدد هذه المكتسبات ويهدد المسار الديمقراطي، ويعمل جاهدا على إعادة البلاد إلى المنطق الأمني وتزوير الانتخابات وصناعة الأحزاب، وبالتالي إضاعة عدد من فرص التنمية التي نحن في أمس الحاجة إليها، خصوصا في زمن العولمة والأزمات الاقتصادية التي تتوالى على العالم، لا بد للمخلصين لهذا الوطن أن يتقاربوا لمواجهة كل هذه التحديات على الأقل محليا في المرحلة الأولى إلى أن يتحول هذا التقارب إلى تحالف، لكن الأمر يتطلب بعض الوقت».

وبشأن احتمال انسحاب الاتحاد الاشتراكي من الحكومة، والانتقال إلى المعارضة، وانعكاسات ذلك على التقارب بين الحزبين، يقول رباح: «بصراحة نتمنى أن ينتقل الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة لكي تكون هناك معارضة قوية، وهنا لا بد من توضيح أمر مهم حسمه «الاتحاد الاشتراكي» و«العدالة والتنمية» منذ زمن، هو أنه عندما نتحدث عن المعارضة فإننا لا نقصد بتاتا معارضة النظام كما قد يفهم البعض، بل هي معارضة لأساليب التدبير (سياسة الحكومة)، ولكل ما يهدد التجربة الديمقراطية والتنمية، وكذا المشاريع الكبرى».

وزاد رباح قائلا: «يتمنى حزب العدالة والتنمية أن يحدث ما أشرت إليه، لكن ليس لدينا ما نفعله أكثر من التمني لأن الاتحاديين مدعوون للتشاور ومناقشة الأمر مع حليفيهما في (الكتلة الديمقراطية)، أي حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية. وأعتقد أنه من المنطقي ومن مصلحة البلاد أن تتمايز الصفوف، وأن لا تبقى هذه الميوعة التي طبعت الحياة السياسية».

وفي سياق ذي صلة يقول رباح: «اجتمعنا في حزبنا، وقمنا بتقييم العملية الانتخابية، والمسلسل الديمقراطي بشكل عام، وعلى ضوء هذا التقييم سيبدأ النقاش لتحديد المواقع على مستوى الخارطة السياسية، ومن سيكون في موقع الديمقراطية والنزاهة، ومن سيكون في الموقع الآخر، وموضوع المرجعيات سيتراجع بلا شك إلى الخلف، إذ لن يكون هو الذي يحدد التقارب، لأن المغاربة أجمعوا على الثوابت والقيم الكبرى، وسيكون الصراع حول النزاهة والديمقراطية».

وبشأن علاقة الدولة مع حزب العدالة والتنمية، والتوتر الذي يطبع أحيانا هذه العلاقة، يقول رباح: «حزب العدالة والتنمية حسم هذا الموضوع منذ زمن، نحن نعمل في إطار الدولة والنظام السياسي، الذي توافق عليه جميع المغاربة، وكذا في إطار مؤسسات البلاد، أي في إطار المنظومة القانونية التي يلتزم بها الجميع حتى لو كانت لدينا ملاحظات حولها. وبالتالي فإن حزبنا ليس لديه مشكلة مع الدولة، وهي ليست لها مشكلة مع الأحزاب السياسية. يمكن أن تحدث من حين إلى آخر خلافات مع بعض الإدارات أو المؤسسات أو الأجهزة حول التعامل مع بعض القضايا مثل قضية الانتخابات، وهذا أمر طبيعي، إذ التوافق على الثوابت والمؤسسات والمقاصد والأهداف الكبرى التي أجمع عليها المغاربة لتنمية البلاد، لا يلغي بتاتا أن يحدث اختلاف حول موضوع التدبير، لذلك نحن نختلف مع الحكومة لأننا، في عدد من الأمور، نختلف مع كثير من الإدارات والمؤسسات والأجهزة، بشأن طريقة معالجتها لبعض القضايا وأهمها ملف الانتخابات، ولذلك يجب أن ترجع الأمور إلى نصابها. فحزبنا يرى أن تدبير الانتخابات من طرف الدولة وأجهزتها لم يكن تدبيرا جيدا، إذ بات هناك إجماع على أن الانتخابات أضحت مرتعا لكل أشكال الفساد والرشوة والتزوير. وهذا أمر تقره حتى الأحزاب المشاركة في الحكومة، إذ انتقدت هي الأخرى العملية الانتخابية، وما تخللها من ممارسات لا مسؤولة. إذن خلافنا الوحيد مع الدولة هو حول موضوع التدبير، الذي لنا فيه ملاحظات نعبر عنها بكل حرية وصراحة».

وردا على سؤال حول التقدم الذي حققه حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات على الرغم من أنه حزب حديث النشأة، يقول رباح: «نحن لا ننظر إلى الأمور بمعيار العدد، ما يعنينا، هل التجربة الديمقراطية في المغرب عرفت تقدما، وهل هذه الانتخابات كانت حلقة في تقدم هذه التجربة نحو انتخابات نزيهة وبناء المؤسسات، واسترجاع ثقة المواطن المغربي في الحياة السياسية، وهل أسهمت بحق في إفراز نخب منتخبة في مستوى التحديات. هذا هو مقياس النجاح والاكتساح، ونحن نعتقد أن كل هذا لم يتحقق. يؤسفنا أن نجزم أن مقاصد الانتخابات لم تتحقق، الأمر الذي يدعو بشكل عاجل إلى مراجعة حقيقية لقانون الأحزاب حتى يلتزم الجميع به بلا استثناء، وكذا ضرورة مراجعة كيفية إدارة الانتخابات ودور المؤسسات في هذا الأمر. نعتقد أن الأصالة والمعاصرة ليس حزبا، بل هو تجمع من كل الأطياف، انتمى إليه أناس من كل حدب وصوب، وبعبارة أصح هو تجمع انتخابي».

وأضاف رباح: «اليوم تأسس حزب الأصالة والمعاصرة، كما تأسس قبل ذلك حزب التجمع الوطني للأحرار وبعده حزب الاتحاد الدستوري. وتلك الأيام نداولها بين الناس. ما أريد التشديد عليه هو أنه للأسف لم نتجاوز بعد هذه الأساليب القديمة التي نعرفها جميعا، أي في كل محطة من المحطات تبرز مفاجآت ليست في مصلحة تقدم البلاد. وتقرير الخمسينية أعلن بشكل واضح أين وصل المغرب، ولا نريد أن نبدأ خمسينية أخرى من العبث السياسي والاقتصادي والاجتماعي، هكذا علينا أن ننظر إلى الأمور، ولكن مع ذلك أقول: إذا استثنينا النتائج الانتخابية من الناحية العددية، يمكن القول إن الأحزاب السياسية المعتبرة ما زالت محتفظة بمكانتها الحقيقية ورصيدها الشعبي وقيمها التي تدافع عنها. وتحضرني حكاية تقول إنه خلال جلسة أسرية طلب أبناء من أبيهم تغيير اسمهم العائلي حتى يصبح من الأسماء الكبيرة مما يخول لهم الانتماء إلى العائلات الكبيرة، ورد الوالد قائلا يا أبنائي لن نفعل ذلك حتى يموت الذين يعرفوننا».

وفي معرض تفسيره للخصومة السياسية بين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية، يقول رباح: «ما أريد تأكيده هو أن العداوة التي يتحدث عنها الجميع، هي في اتجاه واحد، وإذا جاؤوا هم ليحاربوا حزبنا، فإننا جئنا لبناء وطننا».