نواب «المستقبل» متفائلون بقرب ولادة الحكومة واستحالة اعتذار الحريري

بارود يؤكد اتجاه عقدة الملف الحكومي إلى الحل

أعضاء في الحزب الشيوعي اللبناني في مسيرة بيروت أمس بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيس الحزب (أ ف ب)
TT

على الرغم من الغيوم القائمة التي تزداد تلبدا في أجواء الملف الحكومي في لبنان، خاصة بعد تسرب معلومات عن فشل اللقاء المزدوج الذي جمع، أول من أمس، الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في التوصل إلى صيغة ترضي الطرفين، فإن جزءا مهما من فريق الأكثرية، خاصة بعض نواب كتلة «المستقبل»، رفعوا منسوب التفاؤل بقرب ولادة الحكومة التي شارف مخاضها دخول الشهر الخامس وتوقعوا أن تبصر النور في وقت قريب جدا، وأكدوا أن اعتذار الحريري مجددا غير وارد.

وفي المواقف من الملف الحكومي، رأى وزير الداخلية زياد بارود أمس أن «هناك رغبة مشتركة لدى الجميع في الخروج بحكومة، ونحن نسير اليوم باتجاه حلحلة في موضوع تشكيل الحكومة»، وشدد على أن «ما من فريق يستطيع أن يربح من عدم تشكيل الحكومة، بل على العكس، فإنه يخسر لأن ذلك سيرتد سياسيا وأمنيا واقتصاديا».

وأكد أنه «غير متمسك بأي منصب وزاري ولا بأي وزارة»، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية لا يدخل في لعبة المحاصصة، وهذا ما أكده في طرابلس حين قال أن لا حصة إلا للوطن وللمصلحة العامة، وفي هذه المرحلة لا مفر من حكومة التشارك».

أما وزير الصحة محمد جواد خليفة فأمل أن تشكل الحكومة خلال الأسبوع المقبل، لافتا إلى أن «هناك وضعا حاضنا للبنان اليوم إقليميا من أجل تأليف الحكومة».

وأكد أن «صيام رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الكلام ليس اعتزالا بل هو عامل إيجابي لحصر الأمور بالرئيس المكلف سعد الحريري للقيام باتصالات لتسوية الموضوع بعيدا عن التصريحات للمحافظة على الهدوء ولتبقى الأمور في إطارها الطبيعي».

ولفت إلى أن «لا معلومات دقيقة عن الاجتماع الذي ضم الرئيس المكلف ورئيس (التغيير والإصلاح) النائب ميشال عون، لأن المجتمعَين حرصا على عدم تسريب المعلومات»، معتبرا أنه «في المفهوم السياسي المقايضات في التمثيل أمر طبيعي».

من جهته، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب خالد ضاهر أن «الحكومة العتيدة ستبصر النور في أقرب وقت على الرغم من كل المعوقات ومحاولات التعطيل سواء على المستوى الإقليمي أو المحلي للحصول على مكاسب».

وأشار إلى أن «الرئيس المكلف سعد الحريري أظهر عنادا وصبرا وحكمة وأثبت أنه رجل دولة من الطراز الأول وأبدى مرونة كبيرة مع كل الأفرقاء من شأنها أن تؤدي إلى تشكيل هذه الحكومة». وقال: «نرى جهودا خيرة على المستوى الداخلي وجهودا طيبة على المستوى الإقليمي تجلت في اللقاء بين الملك عبد الله والرئيس بشار الأسد، والذي أعطى انطباعا طيبا على المستوى اللبناني»، مشيرا إلى «وجود بعض العقبات التي لا بد من تذليلها بهمة جميع المخلصين».

وأكد أن «اعتذار الرئيس المكلف عن التشكيل من جديد غير وارد، وولادة الحكومة ستكون قريبة لأن الحكومة حاجة وطنية ولا يستطيع أحد أن يتحمل مسؤولية عرقلة تشكيلها». وأضاف أن «المسؤولية تقع على الجميع، والرئيس الحريري سيقوم بكل الخطوات الدستورية والقانونية الكفيلة بتشكيل الحكومة».

وحول التباين في مواقف المعارضة من التشكيل وموقف النائب سليمان فرنجية، وصف ضاهر موقف فرنجية بأنه «إيجابي ويدل على تحمل وتحسس للمسؤولية وعلى الحرص على تشكيل الحكومة لأن تشكيل الحكومة مصلحة وطنية للجميع ولفريقي 8 و14 آذار».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري أن «تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن بات حاجة ملحة، لأن استمرار البلد من دون حكومة لا يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين، خاصة أن البعض يحاول تعميم فكرة التعايش مع الفراغ الذي ينذر بإبقاء لبنان في نفق مظلم».

ولاحظ أن «المناخ الإيجابي المواكب لعملية التأليف لم يتغير، وإن كان تأثر نسبيا ببعض المواقف التي صدرت في الأيام الماضية، والتي حاول من لا يريد قيام حكومة وفاق وطني استغلالها للإيحاء بعودة الأمور إلى نقطة الصفر»، مؤكدا أن «لا عودة إلى الوراء، طالما أن الاتصالات لم تنقطع وما زالت مستمرة بشكل مكثف، وفي أجواء إيجابية».

وشدد على أن «الرئيس سعد الحريري مصمم على إنجاز مهمته، ومستعد لبذل كل جهد ممكن لإنقاذ لبنان مما يتخبط فيه من أزمات يختلط بها العامل الداخلي بالخارجي»، لافتا إلى أن «من يراهن على يأس الحريري أو اعتذاره مجددا لن يحصد إلا الخيبة».

وإذ أشار إلى أن «موعد تأليف الحكومة لن يتأخر وبات قريبا»، رأى «أن النجاح في تأليف حكومة وفاق وطني، بعد تذليل كل التعقيدات والعقبات، يعد انتصارا للبنان ولن يكون انتصارا لطرف على آخر».

وأكد عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عقاب صقر أنه «لا يوجد حسم نهائي بالنسبة إلى تشكيل الحكومة، ولكن هذا لا ينفي التقدم الإيجابي في المشاورات»، مشددا على أن «الاعتذار غير موجود كليا في قاموس الرئيس المكلف سعد الحريري»، موضحا أن «الاعتذار الوحيد لديه هو للشعب اللبناني حيال التأخير في تشكيل الحكومة».

وأشار إلى أن الرئيس المكلف «لم يُطلع أحدا، ولا حتى المحيطين به، على أي معلومات حول لقائه الأخير بالنائب ميشال عون». وقال: «هناك أكثر من سلة قدمت للنائب عون وعليه أن يختار ما يليق به وبتكتله، وبالتالي الأخبار التي سربت عن اللقاء غير دقيقة، فالرئيس الحريري عاد للقاء عون مرة ثانية ليسلط الضوء على أحد الاقتراحات، واللقاء المقبل بين الرجلين سيخرج منه الدخان الأبيض وستنطلق عجلة الحكومة».

وعن قبول رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية بحقيبة دولة، قال صقر: «أسجل دور الوزير فرنجية الذي شكل عمود أساس في الوفاق الوطني، وأحيي كلامه الوطني والكبير، فنحن لا نعتبر أن التنازل خسارة، بل التنازل هو لمصلحة كل لبنان، والذي يتنازل ينتصر ويحمي البلد من أي خطر».

واعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جوزف المعلوف أن «هناك مرونة في التعاطي من جميع الفرقاء في شأن تأليف الحكومة، وذلك بعد قمة دمشق التي سهلت المواقف الصادرة عن الأقلية ولاقتها الأكثرية بالتفاؤل». وقال: «هناك عقد كبيرة كانت، وزالت بعد قمة دمشق».

بدوره، شدد أمين سر كتلة «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان على أن «الحكومة ستشكل بالتأكيد ولكن يجب أولا أن تؤلف على مفاهيم معينة»، لافتا إلى أن «من يريد حكومة وحدة وطنية وبالتالي يريد تشكيل الحكومة يجب أن تكون لديه القدرة على استيعاب جميع الفرقاء السياسيين».

وقال إن «مناخ اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب ميشال عون احتوى على الكثير من الإيجابية، ولكن هناك حاجة لبعض الوقت لإعطاء أجوبة نهائية عن طروحات العماد عون».

وإذ أشار إلى أن «الحل المطروح من جانبنا هو تسهيل مهمة الرئيس المكلف»، شدد على أن «العماد عون عرض صيغا للحل، والمطلوب حتى الساعة المزيد من الوقت من الرئيس المكلف لبلورة هذه الصيغ. وبالتالي هناك نية لتسهيل التأليف من جهتنا، وما طرحه العماد عون على الرئيس المكلف ينحصر بمداورة بيننا وبين الموالاة، أي مثلا المداورة في حقيبتي الاتصالات والطاقة مقابل حقيبتي العدل أو الأشغال، وهذا الأمر رهن بالرئيس المكلف».

وأكد زميله في التكتل ناجي غاريوس أن «إرادة الحل موجودة دائما عند التيار الوطني الحر، واللقاءات بين العماد عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة ستعطي حتما نتائج إيجابية في حال تحرر الحريري من بعض العقد التي تحيطه».

وأوضح أن «ما قاله العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي بعيد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأخير (الخميس الماضي) جاء ردا على تسريبات من بعض المحيطين بالرئيس المكلف، وهي تسريبات مغايرة لما قيل في الاجتماعات بين الحريري وعون»، مؤكدا أن «هدف العماد عون كان إعادة الأمور إلى المسار الصحيح لاستمرار المشاورات والوصول إلى الحل المنشود».

وحول عقدة الاتصالات تساءل غاريوس: «لماذا هذا الإصرار على عدم إعطاء التيار الوطني الحر هذه الوزارة؟ هل لأن الوزير باسيل نجح فيها، أم لأنها الوزارة الوحيدة التي تنتج للخزينة، أم لأنها وزارة أمنية كما يقول البعض؟». وقال: «نحن مع المداورة العادلة التي تلزم جميع الأطراف. نحن ثاني أكبر تكتل نيابي في البرلمان وأكبر تكتل مسيحي وعلى الجميع احترام تمثيلنا وإلا فليشكلوا حكومة من دوننا إذا استطاعوا».

واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أنور الخليل أن «لبنان يمر بفترة مهمة جدا وخطيرة». وقال: «الكل يسمع العدو الإسرائيلي يقرع طبول الحرب يوما بعد يوم، والوضع الاقتصادي والاجتماعي يلف البلد بغيمة سوداء. يجب أن نشمر عن الزنود اليوم ونشكل حكومة تتعاطى مع الملفات الأساسية، الاقتصادية والمالية والاجتماعية». ورأى أنه إذا لم تؤلف الحكومة خلال الأسبوع الحالي «فيجب أن يتغير الكلام والتوجه لأن المواطن يريد أن يرى الحكومة حقيقة واقعة».

إلى ذلك، دعا عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس إلى «الاتحاد الداخلي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وعدم الخلاف على حقيبة وزارية من هنا أو هناك».

وشدد على ضرورة «التخلي عن كل الأمور الصغيرة الضيقة والثانوية»، معتبرا أن «تشكيل الحكومة الوطنية في أسرع وقت ممكن هو الرد الحقيقي على كل الأخطار المحدقة، كما هو السبيل لحل كل الملفات التي ترهق كاهل المواطن الذي مل الانتظار ولم يعد يعنيه أي لقاء حصل أم لم يحصل بين الرئيس المكلف وأي قطب سياسي. لأن همه الوحيد إيجاد حكومة تقف بجانبه وتصون حقوقه»، لافتا إلى أن «عملية التأخير في التشكيل هي داخلية وتحتاج إلى عملية إنقاذ يشارك فيها الجميع». بدوره توقع الوزير السابق وئام وهاب أن «نشهد ولادة التشكيلة خلال الأيام المقبلة». وقال إن «المعارضة تحاول الدفع بكل إيجابية لتسهيل عملية التشكيل وتشجيع الجميع على المرونة، ولكن الأمر يحتاج إلى تنازلات من الفريقين. إذ إنه كما قدم العماد عون بعض التنازلات خلال المفاوضات، على الرئيس المكلف أن يبادر إلى تقديم عروض مقبولة لدى المعارضة وأن يطرح حقائب جدية، وليس من أجل المناورة، مقابل حقيبتي الاتصالات والطاقة».