القضايا الأمنية والاقتصادية تتصدر مباحثات ولد عبد العزيز وساركوزي في باريس

فرنسا تطوي صفحة الانقلاب وتدعو الاتحاد الأوروبي لاستئناف التعاون الاقتصادي مع نواكشوط

TT

بدأ الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، أمس، زيارة عمل لفرنسا تدوم ثلاثة أيام، بدعوة من نظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي سيلتقي به اليوم، حسب ما ذكره مصدر في قصر الإليزيه.

وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لبلد عضو في الاتحاد الأوروبي يقوم بها الرئيس الموريتاني منذ انتخابه رئيسا للجمهورية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الموضوع الأمني سيتصدر المواضيع التي سيناقشها الرئيس ولد عبد العزيز مع المسؤولين الفرنسيين (رئيس الجمهورية، وزير الخارجية، برنارد كوشنير، ووزير الدولة للتعاون الدولي، ألان جويانديه) كما سيلتقي أصحاب مقاولات فرنسيين ومسؤولين اقتصاديين لحثهم على دعم موريتانيا وتكثيف الاستثمارات المباشرة في اقتصادها.

ووصفت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها أمس زيارة ولد عبد العزيز بأنها «زيارة عمل» تعكس «تطبيع» العلاقات بين الجانبين خصوصا أن الرئيس الموريتاني الجديد اختير في انتخابات جرت في ظروف مقبولة وشفافة، وفق ما ذكرته اللجنة الانتخابية الموريتانية المستقلة، والمراقبين الدوليين.

يذكر أن فرنسا كانت الفاعل الرئيسي في مفاوضات دكار، التي نظمت بموجبها انتخابات رئاسية توافقية في 18 يوليو (تموز) 2009، وأنهت تسعة أشهر من الاضطرابات، وعدم الاستقرار السياسي في موريتانيا.

ويرى محللون سياسيون أن فرنسا أرادت أن تبعث من خلال زيارة ولد عبد العزيز لها برسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن موريتانيا عادت إلى مكانتها في النسيج الدولي بعد شبه قطيعة جراء مشكلة الشرعية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المدني السابق، سيدي ولد الشيخ عبد الله.ويرتبط البلدان، حسب وزارة الخارجية الفرنسية، بـ«علاقات تاريخية مميزة».

وكانت باريس حثت الاتحاد الأوروبي على استئناف علاقات التعاون الاقتصادي مع نواكشوط مباشرة بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية. ولفتت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي عاودوا تعاملهم مع موريتانيا مما يبرر استئناف المساعدات الأوروبية لموريتانيا، التي تعد أحد أكثر الدول فقرا في العالم.

وعزا مراقبون اهتمام فرنسا المتزايد بموريتانيا إلى انشغال باريس بأمن منطقة الساحل والصحراء المهددة من لدن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.

وتجلى التنسيق الأمني بين البلدين في وصول القائد العام للقوات المسلحة الفرنسية قبل أيام إلى نواكشوط والشمال الموريتاني، حيث توجد قيادة العمليات العسكرية المكلفة ملاحقة الخلايا الإرهابية مما شكل تطورا مهما في مسار العلاقات الأمنية بين البلدين.

ومن المتوقع، حسب مصادر إعلامية، أن تنقل فرنسا إلى دول الساحل الثلاث وهي موريتانيا، و مالي، والنيجر، عربات قتالية، إضافة إلى مدفعية ميدان، وتجهيزات قتالية أخرى، كما قررت بيع تجهيزات عسكرية مختلفة إلى موريتانيا بشروط ميسرة لمساعدتها على مكافحة الإرهاب.

ولم تستبعد مصادر قريبة من الملف الموريتاني ـ الفرنسي أن تتناول المفاوضات ضرورة حماية مصالح فرنسية عملاقة مثل قاعدة شركة «توتال» العاملة في مجال الطاقة في ودان (شمال موريتانيا)، وفي منطقة عملها بحوض تاودني منذ سنة 2002، وذلك في الوقت الذي أعربت فيه الشركة عن تفاؤلها بشأن النتائج المحصل عليها بعد إنجاز بئر بهدف التنقيب عن النفط في صحراء تاودني (الشمال الشرقي)، قبل أن تؤكد الشركة أنها اكتشفت جيبا نفطيا مهما في حقل تاودني، حيث تعمل «توتال» في منطقة «الربع الخالي الموريتاني»، التي تتحرك فيها الخلايا الإرهابية بشكل قوي.

وكانت السفارة الفرنسية في نواكشوط قد تعرضت لعمل إرهابي في الثامن من أغسطس (آب) الماضي، مما أدى إلى جرح اثنين من رجال الدرك المكلفين حماية السفارة.

ونفذ اعتداء نواكشوط انتحاري أفادت المعلومات أنه ينتمي إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأنه تلقى تدريبه في أحد المخيمات الموجودة في الصحراء. كما تعرض مدنيون فرنسيون العام الماضي لاعتداء نسب إلى المجموعة نفسها.